مختارات اقتصادية

لـسد الفجوة المعرفية .. لماذا يجب على رواد الأعمال اكتساب تعليم جيد؟

لقد كان عالم ريادة الْأَعْمَال بمثابة القوة الدافعة للاقتصاد العالمي، حيث يوفر فرصًا جديدة للنمو والابتكار وخلق فرص العمل.
مع ازدهار العصر الرقمي، تلاشت الحواجز أمام رُوّاد الْأَعْمَال الطموحين بشكل كبير. ومع ذلك، لا يزال الوصول إلى التعْلِيم الجيد والموارد عاملاً أساسياً في تحديد نجاح هؤلاء الأفراد. سنناقش في هذا التقرير الحاجة إلى توفير تَعْلِيم جيد لرُوّاد الْأَعْمَال واقتراح الحلول الممكنة لتَجْسير الفجوة الْمَعْرِفِيّة في هذا المشهد سريع التَّطَوُّر.
يلعب التعْلِيم دورًا محوريًا في تشكيل النجاح المستقبلي لرُوّاد الْأَعْمَال؛ ذلك لأنه يزود الأفراد بالمعرفة والمهارات اللازمة لمواجهة تحديات بدء المشاريع التجارية وإدارتها.
ولا تقتصر فوائد التعْلِيم لرُوّاد الْأَعْمَال على الأفراد بل يمتد تأثيرها الإيجابي ليشمل الاقتصاد والمجتمع ككل.
أهمية التعليم لرواد الأعمال
1- تعزيز ثقافة الابتكار: يوفر التعْلِيم الجيد لرُوّاد الْأَعْمَال الأدوات اللازمة لتطوير أفكار ومنتجات وخدمات جديدة ومبتكرة.
يمكن أن تشمل هذه الأدوات مهارات التفكير النقدي، وقدرات تحليل السوق، ومهارات الاتصال، وتقنيات حل المشكلات اللازمة لتحديد الفرص واغتنامها، وبناء فريق قوي، وتأمين التمويل وتوسيع نطاق الْأَعْمَال التجارية.
ولا شكّ أنَّ هذا الفهم المتزايد يمكن أن يسهم في دفع مسيرة النمو الاقتصادي وزيادة القدرة على الابتكار والمنافسة في السوق العالمية.
2- خلق فرص العمل:- من المعروف أن رُوّاد الْأَعْمَال الناجحين لا ينتظرون فرص العمل بل يخلقونها، وهذا بدوره يمكن أن يعزز الاقتصادات المحلية ويحد من معدلات البطالة.
الحالة الراهنة للتعْلِيم الريادي:- في حين لا يمكن إنكار أهمية تَعْلِيم رُوّاد الْأَعْمَال، إلا أنه لا يزال هناك تفاوت كبير في الوصول إلى هذه الموارد.
عوامل أدت إلى تفاوت في الوصول إلى الموارد التعليمية
التكلفة:- بعض البرامج التعْلِيمية، خاصة البرامج المتخصصة، تكون باهظة التكلفة بالنسبة للعديد من رُوّاد الْأَعْمَال الطموحين.
وكما ذكرنا آنفًا، يمكن أن يقف هذا الحاجز المالي حجر عثرة أمام عدد كبير من قادة الْأَعْمَال المحتملين ويحرمهم من المعرفة التي يحتاجونها للنجاح.
القيود الجغرافية:- مما يؤسف له أنه لا يتم توزيع فرص التعْلِيم الجيد بشكل موحد في جميع أنحاء العالم. وكثيرًا ما يفتقر الأفراد في المناطق الريفية أو البلدان النامية إلى الموارد والبُنى الأساسية اللازمة للحصول على التعْلِيم، مما يجعلهم في وضع غير مؤاتٍ.
الجداول الزمنية غير المرنة:- غالباً ما تطلب مؤسسات التعْلِيم التقليدية من الطلاب الالتزام بجداول زمنية صارمة، مما يجعل من الصعب على رُوّاد الْأَعْمَال الموازنة بين تَعْلِيمهم ومتطلبات بدء وإدارة الْأَعْمَال التجارية.
المناهج الدراسية التي عفا عليها الزمن:- تتطلب التَّطَوُّرات السريعة في التكنولوجيا والصناعة تحديثًا مستمرًا للمحتوى التعْلِيمي.
لسوء الحظ، تكافح العديد من المؤسسات لمواكبة ذلك التَّطَوُّر، تاركة رُوّاد الْأَعْمَال بمعرفة ومهارات قديمة وغير متطورة.
وقد كشف تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن وتيرة التغيير التكنولوجي تفوق قدرة المؤسسات التعْلِيمية على التكيف، الأمر الذي تمخض عن فجوة متزايدة في المهارات.
استراتيجيات لتحسين الوصول إلى التعْلِيم الجيد:- لضمان نجاح رُوّاد الْأَعْمَال ودفع مسيرة النمو الاقتصادي العالمي، من الضروري سد الفجوة الْمَعْرِفِيّة من خلال زيادة الوصول إلى التعْلِيم الجيد.
ثلاث استراتيجيات للوصول إلى تعليم جيد
1- منصات التعلّم عبر الإنترنت:- مكّن ظهور التكنولوجيا الرقمية من إنشاء منصات تَعْلِيمية عبر الإنترنت توفر محتوى تَعْلِيميًا عالي الجودة ومتطوراً.
ولكن من الأهمية بمكان أن توفر هذه المنصات جداول زمنية مرنة وأسعارًا معقولة، مما يسمح لرُوّاد الْأَعْمَال بالوصول إلى التعْلِيم الذي يحتاجونه بالوتيرة الخاصة بهم وبشروطهم الخاصة.
2- الشراكات بين القطاعين العام والخاص:- يمكن أن يؤدي التعاون وتضافر الجهود بين المؤسسات العامة والخاصة إلى تطوير برامج متخصصة مصممة خصيصًا لاحتياجات رُوّاد الْأَعْمَال. ويمكن لهذه الشراكات أيضًا أن تزيد من توافر التمويل والموارد، مما يجعل التعْلِيم في متناول مجموعة أوسع من الأفراد.
ومن الأمثلة على هذه الشراكة مبادرة «تحدي 50-30»، التي أطلقتها الحكومة الكندية بالشراكة مع الشركات المحلية ومنظمات التنوع. ويهدف هذا البرنامج إلى تشجيع المنظمات الكندية على تعزيز تمثيل وإدماج المجموعات المتنوعة في أماكن عملها مع تسليط الضوء على فوائد التنوع والإدماج لجميع المواطنين الكنديين. من خلال الالتزام بتحدي 50–30، تتعهد الشركات باتخاذ إجراءات هادفة لتعزيز التنوع والإدماج داخل مؤسساتها.
3- الإرشاد والتواصل:- يمكن مد جسور التواصل بين رواد الْأَعْمَال الموجهين والمهنيين ذوي الخبرة في هذا القطاع لمساعدتهم على اكتساب رؤى قيمة والمعرفة العملية التي قد لا تكون متاحة من خلال قنوات التعْلِيم التقليدية.
ويمكن لهذه الاستراتيجية أيضا أن تسهل تبادل الأفكار والموارد، وتعزيز نظام إيكولوجي تعاوني لتنظيم المشاريع.
إذ يعتمد اقتصادنا العالمي على تعزيز هذا النوع من النظام البيئي الديناميكي والمتنوع.
غَنِيّ عَنِ القول إنه من خلال توسيع نطاق الوصول إلى التعْلِيم لرُوّاد الْأَعْمَال، يمكننا تمكين الأفراد بالمعرفة والمهارات والشبكات اللازمة لإطلاق مشاريع ناجحة ودفع الابتكار ودفع النمو الاقتصادي.
ويقع على عاتق الحكومات والمؤسسات التعْلِيمية والمنظمات الخاصة المسؤولية الجماعية عن إزالة الحواجز وإيجاد فرص متكافئة لرُوّاد الْأَعْمَال الطموحين من شتى مناحي الحياة.
لأنه من خلال الاسْتِثْمَار في مجتمع ريادي متعلم وشامل، فإننا لا نبني عالمًا أكثر ازدهارًا فحسب، بل نمهد الطريق أيضًا لأفكار رائدة يمكنها تشكيل مستقبلنا.
المصدر: مجلة فوربس

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى