اقتصاد دولي

لماذا يجب حذف “التيسير الكمي” من أدوات البنوك المركزية عالمياً؟

قال كبير الاقتصاديين السابق بصندوق النقد الدولي، راغورام راجان، إن على البنوك المركزية التخلص من التيسير الكمي من مجموعة أدوات السياسة النقدية لأنه لا يوجد دليل على أنه يؤدي إلى نتائج اقتصادية أفضل.

وأضاف راجان، الذي شغل منصب محافظ بنك الاحتياطي الهندي من 2013 إلى 2016: “سأضعها على الرف حتى نكتشف المزيد عنها. لا أعتقد أن الفوائد تفوق التكاليف. نحتاج إلى دراسة هذا الأمر بشكل أفضل لفهم الإيجابيات. وهناك سلبيات”، وفقاً لما ذكره لوكالة “بلومبرغ”، واطلعت عليه “العربية.نت”.

تم تبني التيسير الكمي خلال الأزمة المالية لعام 2008، حيث لم يكن بالإمكان خفض أسعار الفائدة إلى مستويات أقل مما كانت عليه، ولأن الاقتصاد بحاجة إلى الدعم. وفي إطار البرنامج، أغرقت البنوك المركزية الكبرى في العالم الأسواق بتريليونات من الدولارات لشراء السندات، وإغراق القطاع المصرفي بالسيولة وخفض تكاليف الاقتراض طويل الأجل.

وحالياً، تحاول البنوك بشكل يائس التخلص من الحوافز عن طريق بيع تلك السندات في نفس الوقت الذي يرفعون فيه أسعار الفائدة للحد من التضخم المتصاعد، والذي يجادل البعض بأنه قد أذكته الأموال التي تم طباعتها.

راجان، الذي كان واحداً من قلة من الاقتصاديين الذين توقعوا الأزمة المالية لعام 2008 بشكل صحيح، قال في مقابلة إنه لن يستخدم التيسير الكمي أو أسعار الفائدة السلبية في حالة الركود في المستقبل.

وقال إن التبرير الوحيد للسياسة النقدية لكلتا الأداتين هو تجنب “الانكماش المتسارع”، لكن مخاطر تسارع وتيرة الأسعار الهبوطية قد تم المبالغة فيها. وادعى أنه لم يكن هناك أي تهديد منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات.

وأضاف راجان أن اليابان كانت تعاني من انكماش معتدل، ولكن “إذا نظرت إلى أشياء مثل متوسط معدل النمو للفرد، فإن المعدلات كانت جيدة للغاية”. “إذن ما هو التأثير السلبي – بخلاف ما انتاب الاقتصاديين من الشعور بالقلق؟”

ويرى راجان، أن مشكلة الانكماش المعتدل في ضوء التضخم المرتفع قد تبدو مشكلة صغيرة، وليس بهذه الدرجة من الخطورة.

تعمل البنوك المركزية على استخدام “التيسير الكمي” كحل، بعد أن رفعت أسعار الفائدة بقوة خلال العام ونصف العام الماضيين لمعالجة أسوأ صدمة تضخمية منذ السبعينيات.

وأشار راجان إلى أكبر مخاوفه، حالياً، وهي: “أن أي إشارات تشير إلى أن المعدلات الحالية لأسعار الفائدة قد بلغت ذروتها، قد تأتي بنتائج عكسية بإثارة احتفال مبكر في الأسواق ينتج عنه أوضاع مالية أكثر مرونة، ويضطر صانعوا السياسة لاتخاذ قرارات معاكسة”.

وقال راجان إن إحدى المشكلات المتعلقة بالتيسير الكمي هي أنه يسمح للسياسيين بجعل النمو الضعيف والتضخم المنخفض مشكلة البنك المركزي، في حين أنه لا يوجد سوى القليل مما يمكنه فعله.

هناك أشياء أخرى تعيق الاستثمار غير تكلفة التمويل. التمويل أرخص، فقط لأنهم (الشركات) لا يجدون استثماراً مفيداً.

“المشكلة الكبيرة عندما يكون لديك معدل تضخم منخفض هي في الحقيقة مشكلة سياسية للبنوك المركزية – هناك بعض التحفيز الذي يمكنك القيام به، وهو ما لا تفعله. وبالتالي تتعرض البنوك المركزية للضغط”.

وقال راجان إن التيسير الكمي عمل بالفعل في بداية الأزمة المالية لعام 2008 كأداة سيولة قصيرة الأجل، ولكن في “حالتها شبه الدائمة الحالية، تسببت في مشاكل. لقد أدى إلى “المزيد من المخاطرة المالية بدلاً من المخاطرة الحقيقية، وهو ما لا يترجم إلى نشاط حقيقي أكثر، ولكنه يجعل الاقتصاد أكثر ضعفاً”.

وأضاف: “كان من المفترض أن تعزز المعدلات الطويلة الأجل المنخفضة الاستثمار، لكن “لا أعتقد أننا نرى هذا الارتباط”. وقال إن التيسير الكمي كان سيئاً للمالية العامة أيضاً من خلال تحويل الديون طويلة الأجل الرخيصة إلى اقتراض قصير الأجل باهظ التكلفة.

ويقدر بنك إنجلترا حالياً أن التيسير الكمي سيكلف الحكومة في نهاية المطاف أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني (125 مليار دولار) حيث إنها مضطرة لتغطية الخسائر في الممتلكات الضخمة التي يحتفظ بها البنك المركزي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى