اقتصاد كويتي

ثقة المستهلكين صامدة رغم التحديات.. وتتجاوز مستويات ما قبل «كورونا»

من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع مصادر وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية.
ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.
وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.
أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لعام 2022 بالتعاون مع «الأنباء» ورعاية «لكزس»، حيث قالت إنه عند مقاربة نتائج البحث حول مدى ثقة المستهلكين في الكويت، خلال العام الماضي، لابد من العودة لما سبقها من مستجدات وتحديات ذات تأثير حاسم على كل المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، كون تلك الأحداث مترابطة ومتفاعلة بشكل بارز.
وأشار التقرير إلى أنه في أواخر عام 2019 احتل فيروس كورونا وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية حيزا واسعا من الاهتمامات العالمية وما فرضه من خسائر بشرية ومادية، وقد تمدد الفيروس بالانتشار في مختلف أنحاء العالم خلال عام 2020 مراكما المزيد من الخسائر ومهددا الأمن الاجتماعي والغذائي والصحي في العديد من الدول. وكنموذج عن أضرار الوباء على الصعيد الاقتصادي، يمكن الإشارة في هذا الصدد إلى تراجع حاد في نسبة النمو الاقتصادي العالمي نظرا لإغلاق العديد من القطاعات والخدمات والنقل وبعض المدن أكان بشكل جزئي أو كلي على مستويات متباينة في العالم.
هذا بالإضافة إلى نفقات المعالجة والحماية من الوباء، فضلا عن تكاليف الإجراءات الرسمية الوقائية والاحترازية والتقديمات إلى العمالة التي تعرضت إلى البطالة القسرية، وقد انخفضت هذه الخسائر وغيرها مع زيادة السيطرة على الوباء الذي لم يزل منتشرا بنسب مختلفة في بعض البلدان مثل الصين وغيرها، إذا وما زال يفرض عبئا كبيرا على مختلف المجتمعات.
مخاطر عالمية محدقة:- وقد انطلقت الأسابيع الأولى من عام 2022 على مسار الخلاص من التداعيات السابقة وإنعاش الاقتصاد والتجارة في محاولة التغلب نهائيا على صعيد مواجهة بقايا كورونا، ولكن العالم قد فوجئ في 24 فبراير 2022 بانفجار الوضع الأمني الأوروبي بدخول الجيش الروسي إلى الأراضي الأوكرانية نتيجة الخلافات التاريخية، والأجواء الجيوسياسية الصاخبة والمقلقة.
وسرعان ما توسع هذا الصراع إلى صراع عسكري سياسي واقتصادي وإعلامي بين الأطراف المتنازعة، مع الإشارة إلى الوقائع والمستجدات الإقليمية المقلقة التي تهدد استقرار المنطقة، فقد ساهمت هذه الأحداث بأجواء غير مواتية للتبادل التجاري العالمي ولإمدادات المواد الغذائية وغيرها من السلع، فارتفعت الأسعار بشكل سريع وتعرضت البلدان النامية لانعدام الأمن الغذائي.
وقد أدت تكاليف الصدام العسكري والارتفاعات غير المسبوقة لمستويات التضخم النقدي إلى ارتفاع حاد في أسعار الغاز والنفط ومشتقاته والتي بدورها رفعت كافة أسعار السلع والمواد الغذائية والسكن والنقل وبخاصة في الدول الأوروبية. وفي ظل هذه المناخات الدولية والإقليمية الملبدة والشديدة التعقيد نعود لأرقام ومعطيات البحث السنوي لثقة المستهلك بالكويت الذي تجريه شركة آراء منذ سنوات، واستنادا إلى الوقائع والمعطيات بينت نتائج البحث السنوي لعام 2022 أمرين أساسيين: * الأول: صمود مستوى ثقة المستهلك بالكويت في وجه التحديات. * الثاني: التداخل والتفاعل بين مستجدات السنوات الثلاث الماضية التي أثرت سلبا بنسب متفاوتة على ثقة المستهلك.
وبالاستناد إلى نتائج البحث لثقة المستهلك في الكويت ومضمون الأرقام التي سجلت في البحوث الشهرية خلال السنوات الأربع الماضية، يتبين أن العام 2019 وصل المعدل العام الوسطي عن ثقة المستهلك إلى 106 نقاط وانخفض خلال العامين 2020 و2021 إلى 101 نقطة ليعود للارتفاع في 2022 إلى معدل وسطي بلغ 111 نقطة. واللافت هنا، ارتفاع معدل مؤشر ثقة المستهلك في الكويت خلال عام 2022، حيث ارتفع المعدل إلى 111 نقطة متجاوزا التحديات التي عصفت عالميا وإقليميا على مختلف الأصعدة، ولا شك أن ارتفاع ثقة المستهلك في الكويت يسير عكس مسارات الأكثرية العظمى لبلدان العالم التي تعاني تحت أثقال تداعيات الحرب وارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة النقد وارتفاع مستويات التضخم النقدي. فما العوامل الداخلية الكويتية وخصوصياتها لتسجيل هذا الإنجاز المهم اقتصاديا واجتماعيا؟
٭ أولا: ارتفاع أسعار النفط خلال السنة المنصرمة أحد أبرز عوامل القدرة على مواجهة المستجدات.
٭ ثانيا: الملاءة المالية الصلبة في الكويت.
٭ ثالثا: سياسة الحكومة المالية والاجتماعية الحكيمة بمواجهة تداعيات الوباء والمستجدات الحالية بتقديماتها الاجتماعية لمؤازرة سكان الكويت على تجاوز صعوبات الوباء والغلاء والتضخم. علما أن الكويت استطاعت أن تتغلب على عجز الموازنات وتأمين فائض مالي في العام 2022 فضلا عن ضبط مستوى التضخم الذي لم يتجاوز 3.8%. هذا بالإضافة إلى دعومات أسعار المواد الغذائية والسلع الضرورية.

إن هذه النتائج التي عبرت عنه مكونات البحث لثقة المستهلك في الكويت، من الضروري ألا تغيب ضبابية ومخاطر الأوضاع العالمية والإقليمية التي من الصعوبة التكهن بمجرياتها أو الحسم بالتوقعات المستقبلية على مختلف الصعد، لذا لابد من متابعة التوجه العام للأحداث ونتائجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى