اقتصاد دولي

“فوتسي راسل” تبقي مصر قيد المراجعة تمهيدا لخفض محتمل

على رغم الإجراءات التي أعلنتها الحكومة المصرية، خصوصاً ما يتعلق بتحرير سوق الصرف وخلق سعر صرف مرن للدولار، إضافة إلى رفع أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس، أبقت مجموعة “فوتسي راسل” مصر وباكستان على قائمة المراقبة لاحتمال خفض تصنيفها على مؤشرها للأسهم العالمية، في حين ظلت فيتنام في وضع ترقب لرفع التصنيف.

وأعلنت “فوتسي راسل” نتائج مراجعتها الأولى لتصنيفات الأسواق في 2024، وتؤثر تصنيفاتها في تحديد وجهة استثمار 15.9 تريليون دولار لدى الصناديق التي تتبع مؤشرات الشركة، خصوصاً في الأسواق الناشئة والمبتدئة. وأفاد المشاركون في السوق، بأنه تمت معالجة التأخير السابق في قدرة المستثمرين المؤسسين الأجانب على تحويل رؤوس الأموال من مصر، بعد أن حصلت الدولة على استثمارات من حكومة الإمارات العربية المتحدة وتوصلت إلى اتفاق على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي.

وقالت “فوتسي” إنها ستضيف البرتغال إلى مؤشرها للسندات الحكومية العالمية اعتباراً من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وستزيل سويسرا من قائمة المراقبة، انتظاراً لرفع تصنيفها، وأضافت أنها ستبقي الهند وكوريا الجنوبية في وضع المراقبة انتظاراً لرفع التصنيف.

توقعات باستمرار تقلب سوق الصرف

وقبل أيام، قالت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، إنه بعد رفع سعر الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس في 6 مارس (آذار) الجاري، تشير التوقعات إلى أن البنك المركزي المصري سوف يبقي على سعر العائد على الإقراض لليلة واحدة عند 27.25 في المئة وسعر العائد على الودائع لليلة واحدة عند 28.25 في المئة لبقية العام، وهي خطوة إيجابية تشير إلى جدية البنك المركزي المصري في خفض التضخم.

وأضافت أنه بالنظر إلى أن التضخم ربما تباطأ إلى أقل من 25 في المئة على أساس سنوي في فبراير (شباط) الماضي، وأن رفع سعر الفائدة كان كافياً لعودة أسعار الفائدة الحقيقية الإيجابية.

وحتى مع تحرير العملة، فإن التضخم سوف يحوم عند نحو 30 في المئة حتى عام 2024، الأمر الذي سيبقي أسعار الفائدة الحقيقية قريبة من الإيجابية.

وذكرت الوكالة، إن العائدات على السندات الحكومية سوف تصبح إيجابية أيضاً، ومع انحسار أخطار صرف العملات الأجنبية، فإن ذلك سيجذب مستثمري المحافظ مرة أخرى إلى سوق الديون المصرية حتى في وقت أبكر مما كان من المتوقع حدوثه. ومع ذلك تتوقع الوكالة أن يظل سعر الصرف متقلباً على المدى القصير حتى يتكيف السوق مع انخفاض قيمة العملة الذي طال انتظاره.

في حين أن سعر الصرف أضعف حالياً من النطاق الذي توقعته الوكالة منذ فترة طويلة والذي يتراوح ما بين 40 جنيهاً مصرياً لكل دولار و45 جنيهاً لكل دولار، إلا أنه لا يزال قريباً من مستوى 50 جنيهاً لكل دولار.

وستتوقف التوقعات بشأن قيمة العملة على المدى القصير على مقدار العملة الأجنبية التي سيوفرها البنك المركزي المصري من خلال البنوك، لكن تشير التقديرات إلى أن سعر الصرف سيستقر بالقرب من 50 جنيهاً لكل دولار أميركي بحلول نهاية العام إذا تحققت استثمارات المحفظة كما تتوقع الوكالة.

وتعتقد الوكالة أن السلطات سيكون لديها ما يكفي من العملات الأجنبية لسد الفجوة بسرعة مع سعر السوق الموازية المستخدم على نطاق واسع.

وبالفعل، حصلت مصر على الدفعة الأولى (10 مليارات دولار) من صفقة استثمارية جديدة مع الإمارات، وسيأتي المزيد على المدى القصير من خلال برنامج جديد لصندوق النقد الدولي وعودة تدفقات استثمارات المحافظ.

تغطية الحاجات التمويلية على المدى المتوسط

ومع زيادة تشديد السياسة النقدية وتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، استوفت مصر الآن المتطلبات الأساسية لصندوق النقد الدولي لتأمين برنامج جديد أكبر، إذ إن الإجراءات المعلنة تم اعتمادها كجزء من مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الشاملة بالتنسيق مع الحكومة، وبدعم ثابت من الشركاء متعددي الأطراف والثنائيين.

وخلال الأيام الماضية تم الإعلان عن زيادة برنامج التمويل الخاص بمصر، فيما أدرج المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، الملف المصري على مائدة الاجتماع المقبل لمجلس إدارة الصندوق.

ومن شأن الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية أخيراً لجذب التمويل الأجنبي أن تساعد مصر على تغطية حاجاتها التمويلية على المدى المتوسط.

ويشارك المستثمرون هذا الرأي، مما أدى إلى انخفاض في مقايضات العجز الائتماني لسندات اليورو لأجل خمسة سنوات.

ومع ذلك، لكي يصبح الانخفاض في تصور الأخطار دائم، ستحتاج السلطات إلى المضي قدماً بسرعة في خطة الخصخصة والإصلاحات الهيكلية لتحسين بيئة الأعمال وجذب التمويل المستدام والاستثمار الأجنبي المباشر.

في حين أن استثمارات المحافظ ستخفف الضغوط على المدى القصير، فإنها سوف تجعل مصر عرضة للتقلبات في معنويات المستثمرين في حالة حدوث صدمات.

لكن في الوقت نفسه، فإن الأخطار الجيوسياسية الناجمة عن الحرب بين إسرائيل و”حماس” وأزمة البحر الأحمر تظل مرتفعة وتشكل مصدراً للخطر على استقرار الاقتصاد الكلي في مصر.

ترى الوكالة أن الأخطار السياسية الناجمة عن التدابير المعلنة ستظل تحت السيطرة، وذلك لأن الحملة التي شنتها السلطات على تجار الأموال والمضاربين والأخبار الإيجابية (مثل صفقة الاستثمار الإماراتية الأخيرة) أدت إلى تعزيز الجنيه المصري في السوق الموازية من نحو 75 جنيهاً لكل دولار في يناير (كانون الثاني) 2024 إلى نحو 50 جنيهاً لكل دولار.

وكان لارتفاع قيمة العملة في السوق الموازية المستخدمة على نطاق واسع تأثير نفسي إيجابي في المصريين، إذ سيشترون الدولار بسعر رسمي أقوى بكثير من سعر السوق الموازية البالغ 75 جنيهاً لكل دولار.

وهذا جعل تعويم العملة أكثر قبولاً اجتماعياً على رغم الموجة القاسية من ارتفاعات الأسعار.

وأبقت الوكالة على توقعاتها بأن يتباطأ النمو الاقتصادي من 3.8 في المئة في السنة المالية 2022/2023 إلى 3.2 في المئة في السنة المالية 2023/2024 قبل أن يرتفع بنسبة 4.2 في المئة في السنة المالية 2024/2025، إذ إن تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر من المتوقع سيؤدي إلى زيادة كلف الاقتراض للشركات والأسر، مما سيؤثر سلباً في الاستهلاك والاستثمار المحلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى