مقالات اقتصادية

“62 عاماً على إصداره”.. كيف حافظ الدينار الكويتي على قيمته؟

كتب أسامة صالح 

يعتبر الدينار الكويتي واحداً من العملات الأكثر قوة واستقراراً في العالم، وذلك بفضل النجاح الكبير الذي حققته العملة الكويتية منذ إصدارها الأول.

وبعد مرور 62 عاماً على إصدار الدينار الكويتي الأول، في 1 أبريل 1961، ومنذ ذلك الحين ما يزال يتربع على عرش العملات الأغلى في العالم، على الرغم من أن الاقتصاد الكويتي ليس الأكبر.

ريادة عالمية
ويرجع تصنيف العملة الكويتية باعتبارها إحدى أكثر العملات القوية والمستقرة في العالم إلى مزيج من العوامل الاقتصادية والمالية والسياسية.

وكشفت شركة التداول “City Index”، في أكتوبر 2021، عن محافظة الدينار الكويتي على ريادته كأقوى عملة في العالم؛ بسبب واردات النفط الكبيرة التي ترفد البلاد بالعملة الصعبة، حيث تبلغ قيمة الدينار الكويتي نحو 3.2 دولارات أمريكية.

ونقلت صحيفة القبس الكويتية، في 21 أكتوبر 2021، عن شركة التداول أن قائمة جميع بلدان أقوى 10 عملات في العالم، التي تتضمن الدينار الكويتي، لديها صادرات قوية أو تعاملات تجارية دولية لا تعوقها المنافسة.
ويبيّن التقرير أن عوامل عديدة تحدد عملية تقييم قوة العملة، من ذلك التضخم، والنمو في اقتصاد بلدها، ومقدار العملة الأجنبية التي يمكن استبدال وحدة واحدة من العملة المذكورة بها.

ونوّهت الشركة في تقريرها بأن قيمة العملة أو قوّتها أمام العملات الأخرى لا تعني بالضرورة وجود اقتصاد قوي، وللحكم على قوة العملة بشكل حقيقي ينبغي تقييم عوامل متعددة، من ذلك العرض والطلب والتضخم وتغيرات الأسعار على مدى فترة طويلة من الزمن.

أسباب قوته
ويستمد الدينار الكويتي قوته من ثقة المستهلكين والأسواق العالمية، وشعبيته الكبيرة في المنطقة والعالم؛ بسبب السياسات النقدية والاحتياطيات الكبيرة التي تزخر بها دولة الكويت.

ويعد النفط أحد أهم مصادر الدخل لدولة الكويت، حيث يشكل أكثر من 90% من صادرات البلاد، ونحو 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وبما أن النفط يتم تداوله بالدولار الأمريكي فإن كميات كبيرة من الدولارات يتم ضخها في دولة الكويت، مما يساهم في تعزيز قوة العملة المحلية.

وتمتلك دولة الكويت احتياطياً مالياً بأكثر من 50 مليار دولار أمريكي، إضافة ملايين الأوراق النقدية من الفئات المختلفة، ويعد الصندوق الكويتي أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، بإجمالي أصول تبلغ 769 مليار دولار، بحسب بيانات معهد صناديق الثروة السيادية، فضلاً عن فائض في الميزان التجاري الكويتي، وهذا يجعل دولة الكويت في غنى عن خفض عملتها لدعم الصادرات غير النفطية.

وتنفذ الحكومة الكويتية سياسة مالية حكيمة تدير من خلالها واردات النفط والإنفاق الحكيم، مما يساهم في تقليل معدلات التضخم والحفاظ على استقرار العملة، من خلال التوازن بين العرض والطلب.

وتعتبر دولة الكويت من بين الدول التي تحتفظ بكمية محدودة من الدينار المحلي في السوق، وهذا يؤدي إلى زيادة قيمة العملة وتعزيز قوتها.

ويقول احد الخبراء الاقتصاديين، أن الدينار الكويتي يعد صاحب أعلى سعر صرف عالمي أمام اليورو والدولار الأمريكي، والذي يستقر على نحو 3.75 مقابل الدولار، و2.4 مقابل اليورو، وقد تم إصدار الدينار الكويتي في ستينيات القرن الماضي كبديل عن الروبية الهندية.

وان وجود علاقة بين قوة العملة وقوة الاقتصاد، فهما عنصران مختلفان ولكن بينهما ارتباط كبير، حيث إن ما يحدد سعر صرف العملة هو الطريقة التي تدير بها السلطة عملتها في ما يتعلق بالعملات الأخرى وسوق الصرف الأجنبي، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسياسة النقدية.

ويشير إلى أن السياسات النقدية في دولة الكويت تعمل على إبقاء حالة التوازن لكمية النقد مقابل موجودات الدولة وإنتاجها؛ للمحافظة على سعر العملة، وبالعموم يعتبر الاقتصاد الكويتي اقتصاداً ريعياً مستقراً ومتوازناً، مما يدعم فرضية توازن سعر الصرف.

محطات مهمة
ومرّ الدينار الكويتي بعديد من المحطات منذ أن قررت البلاد اعتماده عملة نقدية وطنية، بعد استقلال البلاد، والذي تأسس على أثره مجلس النقد الكويتي.

وشهدت البلاد طرح الدينار للتداول، في الأول من أبريل من عام 1961، ليحل محل الروبية الهندية التي كانت العملة المتداولة في ذلك الوقت، وبعد سنوات تقرر سحب الإصدار الأول من التداول عام 1982.

وطرحت دولة الكويت خلال السنوات اللاحقة 5 إصدارات جديدة من العملة لضمان التقنية العالية، وأحدث المميزات الفنية والأمنية المتطورة التي بلغتها صناعة وطباعة الأوراق النقدية في حينها.

وتتداول دولة الكويت اليوم الإصدار السادس من عملتها المحلية، الذي طرح للتداول في 29 يونيو 2014، ويتميز هذا الإصدار بهيكل أنيق وموحّد لجميع الفئات، والتي تشتمل على مجسمات لرموز هامة من التراث الوطني وأبرز إنجازاتها الاقتصادية، ويتأسس هيكل أوراق جميع فئات الإصدار السادس على العلم الوطني لدولة الكويت، مع رسوم لرموز وطنية هامة في الدولة على الوجه الأمامي، ورسوم تعبر عن تاريخ دولة الكويت وإنجازاتها الاقتصادية على الوجه الخلفي.
ويراعي التصميم الأحدث ذوي الاحتياجات البصرية الخاصة من خلال تكبير أرقام الكتابة لقيمة فئات أوراق النقد، واستخدام رسوم زخرفية بارزة مخصصة لذوي الإعاقة البصرية.

ويستخدم الإصدار أحدث السمات الأمنية في طباعة أوراق النقد، وتشمل تغير الألوان، إضافة إلى ظهور أشكال هندسية عند تحريك ورقة النقد، وكذلك نوعية المواد الخاصة المستخدمة لتمنح الورقة النقدية جودة أكثر وعمراً أطول.

السياسة النقدية
وتهدف سياسة بنك الكويت المركزي الخاصة بسعر صرف الدينار الكويتي إلى المحافظة على الاستقرار النسبي لسعر صرفه مقابل العملات الأخرى، وحماية الاقتصاد المحلي من آثار التضخم المستورد.

وانتهج بنك الكويت المركزي، منذ 18 مارس 1975 وحتى أواخر عام 2002، سياسة ربط سعر صرف الدينار الكويتي بسلة مرجحة من العملات العالمية للدول التي ترتبط بعلاقات تجارية ومالية مهمة مع الكويت، وقد أثبتت تلك السياسة فعاليتها العالية.

وفي مطلع عام 2003، ربط الدينار الكويتي بالدولار الأمريكي ضمن هوامش محددة حول سعر التعادل، واستمر الوضع كذلك حتى منتصف عام 2007، ليتم بعدها إعادة ربط سعر صرف الدينار بسلة غير مفصح عنها ومرجحة من العملات العالمية لأهم الشركاء التجاريين والماليين لدولة الكويت.

ويعزو بنك الكويت المركزي سبب العودة إلى سياسة ما قبل 2003 إلى محاولة المحافظة على القوة الشرائية للعملة الوطنية، واحتواء آثار الضغوط التضخمية على الاقتصاد المحلي.

تحديات متوقعة
وبحكم أن دولة الكويت تستورد أغلب احتياجاتها الاستهلاكية وتعتمد بشكل أساسي على بيع النفط ومشتقاته، فإن سياستها النقدية تحافظ على ارتفاع نسبي لقيمة الدينار، وتعطي المواطنين والشركات ميزة عند استيراد احتياجات الدولة المختلفة”.

و أن “التحدي الأساسي لقيمة الدينار الكويتي يكمن في مدى جدية الحكومة في تنويع قاعدة التصدير إلى الخارج، وتنويع بيئة الاستثمار إلى الداخل”.

وأن “تنويع قاعدة التصدير يعني دعم قطاعات ناشئة لإنتاج سلع نهائية يمكن تصديرها إقليمياً، وخفض قيمة الدينار سيعطي تلك السلع قدرة تنافسية على نظيراتها. أما تحسين بيئة الاستثمار فتعني جذب الأموال الخارجية للاستثمار في البلاد في مختلف القطاعات، وأيضاً خفض قيمة الدينار سيجعل الاستثمار في الكويت مغرياً نسبياً على مستوى الإقليم”.

وكانت هناك أنباء متداولة في الكويت حول خفض قيمة الدينار لخفض الرواتب الحقيقية للمواطنين كأحد الحلول العملية لانخفاض سعر النفط ودخول مالية الدولة في عجوزات، لكن ارتفاع النفط مؤخراً قطع هذه الأنباء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى