اقتصاد دولي

بعد تغطية الطرح المصري 4 مرات… ماذا نعرف عن الصكوك؟

قبل أيام، أعلنت الحكومة المصرية، نجاح طرح أول إصدار من الصكوك السيادية في تاريخ مصر، بقيمة 1.5 مليار دولار، إذ بلغت قيمة الاكتتاب نحو 6.1 مليار دولار، مما يعني تغطية الاكتتاب بأكثر من أربع مرات. وجاءت كلفة الإصدار أقل من العائد المطلوب على السندات في الأسواق الثانوية الدولية بأكثر من 70 نقطة. حيث تم خفض سعر الكوبون على الإصدار بنحو 75 نقطة أساس مقارنة بالأسعار الافتتاحية المعلنة عند بداية عملية الطرح عند مستوى 11.625 في المئة ليغلق كوبون الإصدار عند 10.875 في المئة.
والصكوك التي تحمل أيضاً اسم «الأوراق الإسلامية» هي عبارة عن إصدار وثائق رسمية وشهادات مالية تساوي قيمة حصة شائعة في ملكية ما، سواء أكانت منفعة أو حق أو خليط منهما، أو مبلغ من المال أو دين، إذ تكون هذه الملكية قائمة فعلياً أو في طور الإنشاء، ويتم إصدارها بعقد شرعي ملتزم بأحكامه. ويقوم مبدأ الصكوك الإسلامية على المشاركة في تمويل مشروع أو استثمار ما طويل أو قصير الأمد، وفق قاعدة المشاركة في الربح والخسارة، وهي مساوية لما يعرف عالمياً في التجارة والمال والشركات بنظام لأسهم.
ويمكن اعتبار الصكوك مثل أسواق الأسهم ولكن وفق المعاملات الإسلامية، إذ يتم إنشاء شركة، ويشارك المشاركون في إنشاء هذه الشركة من خلال طرح حصص معينة يشارك بها كل فرد بحسب رغبته، ثم يتم طرح هذه الصكوك للاكتتاب العام ويشتريها الأفراد بحسب سعرها. ولحامل الصك الحق في المشاركة في الإدراة وفي رأس المال وفي التداول، وله حق الهبة والإرث، وكل ما يتعلق بالمعاملات المالية من أحكام.
وتقوم المصارف الإسلامية أو بيوت التمويل الإسلامي بإصدار هذه الصكوك بعد إنشاء المشروع، ويتم العمل بها بحسب قوانين البلد الذي يتم فيه المشروع، ويكون هناك هيئة شرعية للرقابة، للتأكد من أن كل ما يتعلق بهذه الصكوك يتم بحسب أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها، ووفقاً لقوانين الدولة وقراراتها.
7 أنواع شائعة ومنتشرة للصكوك الإسلامية
هناك سبعة أنواع شائعة ومنتشرة من الصكوك، أبرزها الصكوك الاستثمارية وهي عبارة عن أوراق مالية تشير إلى حق تملك المشروع الذي يتم تمويله من أمواله هذه الصكوك، ولحاملها نسبة من أرباح المشروع بحسب ما اتفق عليه، وفيها ربح وخسارة. صك المضاربة الذي يستخدمه المضارب لاستخدام أموال هذا الصك في تمويل مشروع ما يكون هو مديره والمسؤول منه باعتباره «مضارباً»، في مقابل أن يحصل على حصة معينة من أرباح المشروع. بمعنى أنه يحصل على قيمة ونسبة أكبر من حملة الصكوك الأخرى لأنه يعمل إضافة إلى ممول مشروع هو مدير المشروع أيضاً، ولا تحسب له الخسارة.
والنوع الثاني هو «الاستصناع»، وهي صكوك تصدرها الحكومة أو بعض الشركات التي ترغب في تمويل مشاريع كبيرة في البلاد، كمشاريع البنى التحتية. أما النوع الثالث فهو صك المرابحة، وهي تحمل نفس قيمة الغرض الذي تم شراؤه في مشروع ما، ويكون الربح لحامل الصك بشراء المعدات وبيعها بالمرابحة.
أما صك المشاركة فهو الأقرب لمبدأ الأسهم، ويصدرها متعهدو المشروع ووكلاؤه. فيما تتعلق صكوك الإجارة بالممتلكات المؤجرة، ويكون الربح فيها من تأجير ما تمثله قيمة الصكوك هذه. أما النوع السابع فهو صك التجارة وهي نفسها ما تسمى بـ «صكوك التمويل» التي تطلبها الحكومة من مؤسسات التمويل كالبنوك بإصدار هذه الصكوك لاستخدامها في شراء مواد ما بنسبة مرابحة محددة. لكن هناك أنواع كثيرة من الصكوك مثل صك السلم وصك المنافع وصك المزارعة وصك المغارسة وصك المساقاة وصك الخدمات، وغيرها كثير من أنواع الصكوك.
ماذا عن مميزات وعيوب الصكوك الإسلامية؟
وفق البيانات المتاحة فقد تطور الإقبال على الصكوك الإسلامية خلال السنوات الماضية، إذ أصبحت أحد الحلول الجيدة لعديد من أصحاب المشاريع. حيث تعمل على توفير سيولة نقدية لأصحاب المشاريع بوقت قصير وسريع، وهي بالنسبة إلى المستثمرين تحمل نسبة مخاطرة أقل من غيرها، إذ يمكن بيعها في حال الخسارة، كما أن نظامها يعتمد على مبادئ الشريعة الإسلامية وهي بعيدة كل البعد من الربا وفوائده، وهي لا تمثل ديناً على صاحبها.
كما تساعد الحكومة وأصحاب المشاريع الكبيرة في تغطية العجز المالي إن حدث، ويمكن استخدامها في بنوك الغرب، ويمكن التداول بها عالمياً. أيضاً، فإنها تساعد في زيادة فرص الاستثمار في المشاريع، وهذا له دور إيجابي كبير في زيادة قوة اقتصاد الدولة وتنشيطه وتعزيز نموه بشكل سريع وفعال، كما وأنها تساعد في زيادة قدرة الدولة على بناء خطط تنمية اقتصادية وخلق أسواق تداولية وزيادة نسب مدخرات الأفراد وتوسيع المشاريع الاستثمارية.
أيضاً فإن هذه الصكوك مفيدة للبنوك الإسلامية، التي تسعى إلى تحقيق توافق بين موارد البنوك وتوظيفات أموالها، إذ تساعد البنوك في توسيع عمق السوق المالي وزيادة اللجوء إليه بالتالي لا تعاني مشكلات أو مخاطر من عدم توفر سيولة مالية. وهي تعتبر أيضاً بديلاً للسندات التي يمكن العمل بها في المصارف الإسلامية، بالتالي زيادة العمل بها في النظام العالمي للبنوك.
وتشير الدراسات إلى دور مهم للصكوك في زيادة حجم الاستثمارات المالية التي تنعكس بشكل إيجابي على اقتصاد الدولة، وهذا بالتالي ينعكس إيجاباً أيضاً على دخل الفرد والدخل القومي بشكل عام، ويساعد كذلك في تقليل نسب البطالة في البلاد. كما تعمل على زيادة الطلب على السلع والخدمات التي تقدمها الدولة، مما يسهم في زيادة الإنتاج، بالتالي ينعش اقتصاد الدولة بشكل عام، ويحسن موقعها الاستراتيجي من جميع النواحي الأخرى. في ما يتعلق بأهم عيوبها، فإنها تعتبر عقود ملكية وعقود تأجير في الغالب، ويقل منها «عقود الأرباح، كما أن عدم وجود خطة واضحة واستراتيجية جيدة لاستعادة أصول هذه الملكية من الصك فإن الفرد لن يستطيع امتلاك الأصول أو المشروع الذي يرغب به. كما لا يوجد قيود لبيع الصكوك من فرد لآخر وهذا غير مفيد في بعض المشاريع التي تحتاج إلى أن يكون القرار في يد شخص واحد.
توقعات بتراجع حاجة البلدان للتمويل الإسلامي
كانت وكالة «إس آند بي غلوبال» للتصنيفات الائتمانية، قد رجحت تراجع حجم إصدارات الصكوك عالمياً خلال العام الماضي، نتيجة لانخفاض السيولة العالمية، وزيادة التعقيدات المتعلقة بالمعايير التنظيمية. وكشفت الوكالة، عن أن «إصدارات الصكوك عالمياً، ستظل في أحسن الأحوال ثابتةً في عام 2022 في ظل انخفاض السيولة العالمية والإقليمية، وزيادة كلفتها، والتعقيدات الإضافية في عملية الإصدار، وتراجع احتياجات التمويل لبعض البلدان الأساسية للتمويل الإسلامي».
ورجحت أن يتراوح إجمالي الإصدارات بين 145 إلى 150 مليار دولار في عام 2022، وذلك على افتراض بقاء أي اضطراب سلبي مرتبط بجائحة كورونا في البلدان الأساسية للتمويل الإسلامي تحت السيطرة. وأشارت الوكالة إلى أن إجمالي إصدارات الصكوك بلغ نحو 147.4 مليار دولار في 2021 في مقابل 148.4 مليار دولار في 2020. كما ارتفاع الإصدارات المقومة بالعملة الأجنبية بنسبة 10 في المئة.
وجاء النمو جاء بسبب الإصدارات الضخمة في السعودية، واستمرار نمو إصدارات ماليزيا وإندونيسيا. فيما شهدت قطر والبحرين والإمارات أكبر انخفاض في الإصدارات المقومة بالعملات الأجنبية.
في ما يتعلق بالصكوك المصرية التي طرحتها مصر قبل أيام، كشف وزير المالية المصري محمد معيط عن أن أكثر من 250 مستثمراً بمختلف أسواق المال العالمية، تقدموا بطلبات شراء، مما جذب قاعدة جديدة من المستثمرين بدول الخليج وشرق آسيا إلى جانب الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى جودة نوعية المستثمرين التى شهدها الطرح المتمثلة فى مديري الأصول وصناديق التقاعد وصناديق التأمين والاستثمار والبنوك، الذين يتميزون باحتفاظهم بالاستثمارات على المدى الطويل بما يكون له أثر إيجابي في الحد من تذبذبات الأسعار.

وجاء نجاح طرح أول إصدار من الصكوك الإسلامية السيادية في تاريخ مصر، في ظل ظروف اقتصادية وسياسية عالمية مضطربة، وارتفاع كلفة التمويل نتيجة لموجة تضخمية حادة، على نحو يبعث برسالة ثقة قوية من أسواق المال العالمية، والمستثمرين في الاقتصاد المصري ومستقبله، وقدرته على التعامل المرن مع التحديات الداخلية والخارجية.

فيما قال رئيس وحدة إدارة الدين العام بوزارة المالية المصرية محمد حجازي، إن وزارة المالية نجحت في إنشاء برنامج دولي لإصدارات الصكوك السيادية لسنوات عدة مقبلة بقيمة خمسة مليارات دولار، وتم تسجيله في بورصة لندن بتاريخ 14 فبراير (شباط) 2023، وفقاً لما هو متبع في الإصدارات الدولية للسندات كونه أول إصدار للصكوك الإسلامية السيادية في مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى