أخبار عاجلة

انتعاش سوق السندات العالمية مع انحسار مخاوف التضخم

سجلت أسواق السندات العالمية انتعاشاً قوياً في أول أسبوعين من عام 2023، مما عزز آمال المستثمرين في تحسن أسواق الدخل الثابت في العام الماضي. وتسير السندات على الطريق الصحيح لتحقيق أفضل أداء لها في شهر منذ أكثر من ثلاثة عقود، مدفوعة بالاعتقاد المتزايد بأن التضخم قد بلغ ذروته على جانبي المحيط الأطلسي، ما يزيد الطلب الآني لاستغلال الأسعار الحالية قبل أن تنخفض مع تراجع التضخم.
وحقق مؤشر «بلومبيرغ غلوبال أغريغيت»، وهو مقياس واسع للدخل الثابت العالمي، عائداً بنسبة 3.1 في المئة حتى الآن هذا الشهر، وفي حال استمر ذلك لبقية يناير (كانون الثاني)، فسيكون ذلك أكبر ارتفاع يتم تسجيله في الشهر الأول من العام في السجلات التي تعود إلى عام 1991، وكان المؤشر قد انخفض بأكثر من 16 في المئة في عام 2022.
وقال محلل الدخل الثابت في «رابوبنك» ريتشارد ماكجواير لـ»فايننشال تايمز»: «العام الماضي كان سيئاً لدرجة تاريخية، ولكن هناك دلائل على أن 2023 سيكون أفضل بكثير لمستثمري السندات، النمو يتباطأ، والتضخم يتباطأ ونحن على ثقة من أن الذروة في معدلات رفع الفائدة قد تم تجاوزها بالفعل». ويراهن المستثمرون على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي سيتحركان بشكل أبطأ هذا العام في جهودهما لترويض ارتفاع الأسعار، بعد أن ساعد كلا البنكين المركزيين في قلب أسواق الدين العام الماضي من خلال رفع أسعار الفائدة بوتيرة غير مسبوقة. شبح الركود وشهية الاستثمار:- يمكن لشبح الركود الذي يلوح في الأفق أن يضعف الشهية للأصول الأكثر خطورة مثل الأسهم، ويجذب بدلاً من ذلك تدفقات كبيرة من الأموال إلى ديون حكومية عالية التصنيف.
وتعد المكاسب، مدفوعة بارتفاع كبير في الديون الحكومية طويلة الأجل، إثبات مبكر لمديري الصناديق الذين فضلوا في ديسمبر (كانون الأول) السندات في محافظهم مقارنة بفئات الأصول الأخرى لأول مرة منذ عام 2009، وفقاً لبنك أوف أميركا الذي يراقب عن كثب مسح المستثمر شهرياً. وانخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بعد أسبوعين من بداية العام إلى 3.46 في المئة، مقارنة بـ3.83 في المئة في نهاية عام 2022، كما انخفض عائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات، وهو معيار مرجعي لمنطقة اليورو، من 2.56 في المئة إلى 2.10 في المئة في الفترة نفسها.
في حين تظهر البيانات في الأسبوع الأول من يناير (كانون الثاني) أن التضخم في منطقة اليورو قد انخفض بشكل أسرع من المتوقع الشهر الماضي مع انخفاض أسعار الطاقة، مما ساعد على تحفيز الطلب على السندات العالمية. في غضون ذلك، ساعد التأكيد هذا الأسبوع على انخفاض التضخم في الولايات المتحدة إلى أبطأ وتيرة له منذ أكثر من عام عند 6.5 في المئة في ديسمبر (كانون الأول) على تعزيز المكاسب.
رهان المستثمرين:- بدأ المستثمرون 2023 بالمراهنة على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من عام 2023 مع تباطؤ الاقتصاد الأميركي، على رغم التصريحات المتكررة لمسؤولي البنك المركزي بأن كلفة الاقتراض قد تظل مرتفعة لبعض الوقت للحد من التضخم.
ولكن حتى إذا لم تتحقق تخفيضات أسعار الفائدة، فإن بعض المستثمرين يجادلون بأن تراجع التضخم يقلل من عدم اليقين في شأن مزيد من الزيادات الكبيرة، التي ينبغي أن تفيد السندات طويلة الأجل وكذلك أنواع الديون الأكثر خطورة.
وقال رئيس الاستراتيجية في أمهيرست بيربونت ستيفن أبراهامز: «سيصل الاحتياطي الفيدرالي في النهاية إلى مرحلة الاستقرار». أضاف «في مرحلة معينة هذا العام، ستكون التحولات الرئيسة في الأموال الفيدرالية غير مطروحة على الطاولة، التي من شأنها أن تقلل تقلبات أسعار الفائدة بشكل ملموس. ومع انخفاض تقلبات الأسعار، من المفترض أن تعمل أصول المخاطرة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري وائتمان الشركات بشكل جيد».
السندات واستعادة دورها التقليدي:- هناك أيضاً أمل واسع النطاق في أن تستعيد السندات دورها التقليدي كمكان آمن للحماية من الانكماش الاقتصادي المقبل كما أنها من المفترض أن تكسب إذا عانت أسواق الأسهم.
وسيكون ذلك بمثابة نقطة النهاية لعمليات البيع المتزامنة في عام 2022 عندما انخفضت السندات على رغم أن مؤشر الأسهم «أم أس سي أي أول – وورلد» (MSCI All-World) انخفض بنسبة 20 في المئة تقريباً.
من جانبه قال كبير الاستراتيجيين العالميين في جي بي مورغان لإدارة الأصول ديفيد كيلي «من النادر جداً أن يكون هناك انخفاض كبير في كل من الأسهم والسندات، وكان العام الماضي هو المرة الأولى منذ عام 1974 حيث ينخفض كلاهما».
وأضاف «عادة ما ترتد في العام التالي، وأعتقد أن هذا ما يحدث الآن إنها ليست أفضل الأوقات، لكنها ليست أسوأ الأوقات أيضاً».
في حين اكتشف آخرون نفحة من الرضا عن النفس في انتعاش سوق السندات، حيث يتعارض الإيمان بالأسواق بأن أسعار الفائدة تقترب من ذروتها، وأن التخفيضات في الطريق من جهة، مع إصرار البنوك المركزية الجديد على أنها ستفعل كل ما يلزم لقمع التضخم من جهة أخرى، وفقاً كبير مسؤولي الاستثمار في «بلو باي» لإدارة الأصول مارك داودينغ.
وقال داودينغ «نشك في أن ظروف السوق القوية نسبياً في بداية عام 2023 يمكن أن تستمر لفترة طويلة جداً»، مضيفاً أنه «قلق من رواية في الأسواق أننا لسنا بحاجة إلى الاستماع إلى البنوك المركزية». وأضاف «قد يبدو هذا مرضياً وقد تعلمنا في عام 2022 مدى السرعة التي يمكن أن تتغير بها الظروف الأساسية».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى