اقتصاد دولي

الذهب ينتعش وسط تراجع الدولار وأعين المستثمرين على السياسة النقدية

تراجع الدولار، اليوم الإثنين، وسط ترقب وحذر من المتعاملين قبل اتخاذ قرارات تتعلق بالسياسة النقدية هذا الأسبوع من عدد من البنوك المركزية الكبرى من بينها مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأميركي) في ظل توقعات بأن يبقى أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الأولى منذ يناير (كانون الثاني) 2022.

ومن المقرر أن تحدد اجتماعات تتعلق بالسياسة النقدية تعقدها البنوك المركزية في أميركا وأوروبا واليابان اتجاه السوق هذا الأسبوع مع تلمس الأسواق لدلائل من صناع السياسات في شأن المسار المقبل لأسعار الفائدة. كما أنه من المتوقع صدور بيانات التضخم في الولايات المتحدة لشهر مايو (أيار) الماضي، غداً الثلاثاء، تزامناً مع عقد المركزي الأميركي اجتماعاً يستمر يومين.

وانخفض مؤشر الدولار نحو 0.5 في المئة الأسبوع الماضي مسجلاً بذلك أسوأ أداء أسبوعي منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، وانخفض في أحدث تداولات 0.1 في المئة إلى 103.39. وارتفع اليورو 0.2 في المئة إلى 1.0772 دولار في التعاملات المبكرة بلندن بعد أن ارتفع 0.4 في المئة الأسبوع الماضي وهو أول مكسب أسبوعي يسجله في نحو شهر.

وهبط الين الياباني إلى 139.49 مقابل الدولار قبل اجتماع للمركزي الياباني الذي من المتوقع أن يستمر على نهج نقدي بالغ التيسير وقبل توقعات بتعافٍ اقتصادي معتدل.

ولمح البنك المركزي في نيوزيلاندا الشهر الماضي إلى أنه انتهى من عمليات التشديد النقدي بعد أن رفع أسعار الفائدة لتصل لأعلى مستوى في 14 عاماً عند 5.5 في المئة منهياً أشد دورة رفع يطبقها منذ 1999، وتسبب ذلك في تراجع الدولار النيوزيلاندي 2.7 في المئة في مايو الماضي.

وارتفع الدولار النيوزيلاندي في أحدث تداولات 0.1 في المئة مسجلاً 0.6135 دولار أميركي وهو ما لا يبتعد كثيراً عن أعلى مستوى في أسبوعين وهو 0.6138 دولار أميركي وصل إليه الجمعة الماضي.

وزاد الجنيه الاسترليني 0.1 في المئة والدولار الأسترالي 0.3 في المئة إلى 0.6763 دولار أميركي لكن عطلة في أستراليا حدت من التداولات.

وفي التعاملات الخارجية، واصل اليوان الصيني خسائره ليتم تداوله عند أدنى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إذ تسببت بيانات ضعيفة صدرت أخيراً في زيادة التوقعات بتبني المركزي الصيني تيسيراً نقدياً هذا العام.

الليرة التركية تهبط لمستوى جديد

وتراجعت الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد مع ترقب المستثمرين لمؤشرات في شأن تحركات السياسة النقدية بعد تعيين رئيسة جديدة للبنك المركزي من المتوقع أن ترفع أسعار الفائدة.

وهبطت الليرة 1.3 في المئة عند 23.65 مقابل الدولار بعد أن سجلت أدنى مستوى لها عند 23.77 مقابل الدولار خلال الليل، وفقدت العملة أكثر من 21 في المئة من قيمتها هذا العام.

وعين الرئيس رجب طيب أردوغان، الجمعة الماضي، حفيظة غاية أركان لرئاسة البنك المركزي، وتولت في السابق منصب الرئيس التنفيذي المشارك في بنك “فيرست ريبابليك” بالولايات المتحدة، ومن المتوقع على نطاق واسع أن تغير السياسات الحالية وترفع أسعار الفائدة بعد خفضها لسنوات.

وقال بنك “جي بي مورغان”، اليوم الإثنين، إنه يتوقع أن يرفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة إلى 25 في المئة من 8.5 في المئة في الوقت الراهن خلال اجتماعه هذا الشهر، وهو أول اجتماع ستعقده أركان بعد توليها منصبها. وأضاف أنه قد تطرح توجيهات بفرض زيادات أصغر في المستقبل إذا لزم الأمر.

الذهب يلمع مع تراجع الدولار

وارتفعت أسعار الذهب مع تراجع الدولار على خلفية ترقب بيانات اقتصادية رئيسة أميركية ومؤشرات حول مسار التشديد النقدي، وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.2 في المئة إلى 1963.90 دولار للأوقية، كما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.1 في المئة إلى 1979.70 دولار.

وانخفض الدولار 0.2 في المئة مما يجعل الذهب أرخص بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.

وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، هبطت الفضة في المعاملات الفورية 0.2 في المئة إلى 24.21 دولار للأوقية، وخسر البلاتين 0.2 في المئة أيضاً إلى 1006.75 دولار، فيما ارتفع البلاديوم 0.4 في المئة إلى 1328.28 دولار بعد أن سجل أدنى مستوياته منذ مايو 2019، الجمعة.

“المركزي الأوروبي” نحو الرفع مجدداً

يرجح أن يرفع البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة مجدداً، الخميس، ليمضي قدماً في معركته للسيطرة على التضخم على رغم دخول منطقة اليورو في حالة ركود.

ويتوقع محللون أن يستنسخ صانعو سياسات البنك المركزي الأوروبي خطوة مايو الماضي عبر زيادة كلفة الإقراض بـ25 نقطة أساس، ليرتفع معدل الفائدة الذي يراقب من كثب إلى 3.50 في المئة.

وستكون هذه ثامن مرة على التوالي ترفع فيها المؤسسة التي تتخذ من فرانكفورت مقراً معدل الفائدة منذ يوليو (تموز) الماضي، عندما أطلقت حملة غير مسبوقة لتشديد السياسات النقدية بعد أن أدت الحرب الروسية على أوكرانيا إلى ارتفاع كلفة الطاقة والمواد الغذائية.

وتباطأ التضخم في منطقة اليورو إلى 6.1 في المئة من عام لآخر في مايو الماضي، بعد أن سجل ذروة بلغت 10.6 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما يدل على تأثير جهود البنك المركزي الأوروبي، لكن على رغم أن هدف المصرف المتمثل في تضخم نسبته اثنين في المئة ما زال بعيد المنال، شدد صانعو السياسات على أنه من المبكر الآن التخلي عن رفع معدلات الفائدة، مما يشي بأن رفع المعدلات سيتواصل في الأشهر المقبلة.

وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد في وقت سابق هذا الشهر إن معدلات الفائدة هذا الشهر “تقترب من المستوى المناسب”، لكن “علينا مواصلة زيادتها”.

ويبدو المشهد مختلفاً في الولايات المتحدة، إذ يتوقع أن يوقف الاحتياطي الفيدرالي جولات رفع المعدلات الأربعاء المقبل بعد زيادتها 10 مرات متتالية، فيما يتابع انعكاسات التشدد على الاقتصاد الحقيقي.

على غرار مصارف مركزية حول العالم، يتعين على البنك المركزي الأوروبي الموازنة بين زيادة كلفة الإقراض لتخفيف الطلب وكبح جماح التضخم وتجنب التسبب في تباطؤ اقتصادي عميق.

وأظهرت بيانات تمت مراجعتها الأسبوع الماضي أن اقتصاد منطقة اليورو التي تضم 20 بلداً انكمش بنسبة 0.1 في المئة لفصلين متتاليين نهاية عام 2022 ومطلع 2023، وهو ما يتوافق مع التعريف الاصطلاحي للركود.

وعلى رغم أنه ما زال معتدلاً فإن الركود المفاجئ خلال الشتاء يفاقم المخاوف من أن المنطقة لم تتعامل مع تداعيات الحرب الروسية بشكل جيد كما اعتقدت، وهو أمر يثير الشكوك حيال التوقعات الأكثر تفاؤلاً لعام 2023.

منطقة ضعيفة

وقال المتخصص في الشأن الاقتصادي لدى مصرف “آي أن جي” كارستن برجسكي إنه “ثبت بأن اقتصاد منطقة اليورو أقل قدرة على الصمود مما كان يعتقد قبل بضعة أسابيع”، لكنه استبعد بأن تردع البيانات المخيبة للآمال البنك المركزي الأوروبي في وقت ما زال يركز بشكل كبير على تخفيض التضخم.

وقال المتخصص في الشأن الاقتصادي لدى “كابيتال إيكونومكس” جاك ألين رينولدز إنه يتوقع أن “يلمح البنك المركزي الأوروبي إلى زيادة إضافية من 25 نقطة أساس في يوليو المقبل، وأن يشدد على أن المعدلات ستبقى مرتفعة لوقت طويل”.

وتوقع مراقبون تغييرات لا تذكر عن التوقعات السابقة، والتي تستبعد عودة التضخم إلى النسبة المحددة كهدف قبل 2025 عندما يرجح أن يسجل أخيراً 2.1 في المئة.

وعلى رغم أن تراجع أسعار الطاقة بشكل سريع وتلاشي الاختناقات في سلاسل الإمداد ساعدا في تخفيف التضخم في الأشهر الأخيرة، فإن أسعار الخدمات ما زالت مرتفعة لأسباب من بينها الطلب القوي في قطاع السياحة. كما أعرب مسؤولو البنك المركزي الأوروبي عن قلقهم من تحول الأجور إلى محرك مهم للتضخم في وقت يستغل العمال نسبة البطالة المنخفضة بمستويات قياسية في منطقة اليورو للمطالبة بزيادات في الأجور من أجل التعويض عن ارتفاع كلفة المعيشة.

وشدد صانعو السياسات بأنهم يراقبون التضخم الأساسي أو الكامن الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والكحول المتذبذبة لدى التفكير في التوقيت المناسب لتغيير التوجه الحالي.

وبقي التضخم الأساسي مرتفعاً في منطقة اليورو، إذ تراجع بنسبة ضئيلة إلى 5.3 في المئة في مايو الماضي، مقارنة مع 5.6 في المئة في أبريل الماضي.

وحذرت لاغارد، الأسبوع الماضي، من أنه “لا توجد أدلة واضحة على بلوغ التضخم الكامن ذروته”.

وأفاد متخصصون في الشأن الاقتصادي في “دويتشه بنك” بأن البنك المركزي الأوروبي سيحتاج إلى “أدلة قوية على تباطؤ التضخم الكامن” قبل “تجاوز أو وقف” دورة رفع المعدلات التي يمضي بها.

أسهم أوروبا تفتح على ارتفاع

فتحت الأسهم الأوروبية على ارتفاع، اليوم الإثنين، في مستهل أسبوع حافل باجتماعات مهمة للبنوك المركزية حول السياسات النقدية، وارتفعت أسهم شركة “نوفارتس” السويسرية للأدوية بعد أن وافقت على شراء “شينوك” التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، وصعد المؤشر “ستوكس 600” الأوروبي 0.3 في المئة.

ويعقد كل من مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان اجتماعات مهمة هذا الأسبوع.

وارتفع سهم “نوفارتس” 1.1 في المئة بعد أن قالت الشركة إنها وافقت على الاستحواذ على شركة “شينوك” للتكنولوجيا الحيوية في سياتل في صفقة تصل قيمتها إلى 3.5 مليار دولار.

وصعد مؤشر قطاع الرعاية الصحية الأوروبي 0.6 في المئة، وقفز سهم شركة “أديداس” الألمانية لصناعة الملابس الرياضية 3.1 في المئة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى