اقتصاد دولي

“المركزي الروسي” يرفع الفائدة 12 في المئة لوقف نزف الروبل

أعلن البنك المركزي الروسي رفع أسعار الفائدة 350 نقطة أساس إلى 12 في المئة، اليوم الثلاثاء، في تحرك طارئ يهدف لمحاولة وقف انخفاض الروبل لما دون الـ100 مقابل الدولار بعد دعوة أطلقها الكرملين على العلن لتشديد السياسة النقدية. وجاء انعقاد الاجتماع الاستثنائي للبنك المركزي في شأن الفائدة بعدما نزل الروبل عن عتبة الـ100 مقابل الدولار، أمس الإثنين، بفعل تأثير العقوبات الغربية في الميزان التجاري لروسيا ومع زيادة الإنفاق العسكري.

 إنخفاض الروبل

وانتقد المستشار الاقتصادي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مكسيم أوريشكين، البنك المركزي، أمس الإثنين، وأرجع سبب انخفاض الروبل إلى ما وصفه بسياسة البنك للتيسير النقدي. وبعد ساعات من حديث أوريشكين انخفض الروبل إلى 102 مقابل الدولار وأعلن البنك المركزي عن الاجتماع الطارئ.
وقال البنك في بيان، اليوم الثلاثاء، “تتصاعد الضغوط التضخمية… ويهدف القرار إلى الحد من الأخطار على استقرار الأسعار”. وأضاف “تأثير انخفاض الروبل في الأسعار يزداد قوة وتوقعات التضخم آخذة في الارتفاع”.

وكان البنك المركزي الروسي أعلن أنه سيعقد اجتماعاً استثنائياً اليوم الثلاثاء لمناقشة مستوى سعر الفائدة الرئيس بعد أن انخفض الروبل إلى أضعف مستوى له منذ 17 شهراً تقريباً.

كانت العملة تفقد قيمتها بشكل مطرد منذ بداية العام وانخفضت متجاوزة المستوى المهم نفسياً (100 روبل للدولار الواحد) صباح أمس الإثنين، وضعفت العملة الروسية بنسبة 26 في المئة هذا العام نتيجة لانهيار عائدات التصدير وزيادة الإنفاق العسكري، مما يجعلها ثالث أسوأ عملة عالمية أداء في عام 2023، وأدى الانخفاض في عملة البلاد إلى تزايد دعوات كبار مسؤولي الكرملين لرفع كلف الاقتراض.

وقال البنك المركزي صباح أمس الإثنين إنه لا يرى أي تهديد للاستقرار المالي لروسيا من انخفاض الروبل، وألقى باللوم في انخفاض قيمة العملة على انخفاض حجم الصادرات وتنامي الطلب الداخلي على الواردات.

ومع ذلك أصدر “المركزي” بعد ظهر الإثنين إعلاناً مفاجئاً بأن مجلس إدارته سيجتمع اليوم الثلاثاء لمناقشة سعر الفائدة، مع قرار مهم ينشر صباح اليوم.

وشهد الروبل فترة من الاضطرابات منذ هجوم روسيا على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، إذ انخفض إلى مستوى قياسي بلغ 150 دولاراً للدولار بعد أسبوعين من بدء الحرب، قبل أن يتعافى بشكل حاد بعد أن فرض البنك المركزي الروسي قيوداً صارمة على رأس المال حدت من تدفق المال خارج البلاد.

انخفاض الروبل خفض مداخيل الروس

وبحلول الصيف الماضي انتعش الروبل إلى أعلى مستوى في سبع سنوات، بدعم من ارتفاع أسعار النفط والغاز جزئياً نتيجة للحرب في أوكرانيا، كما زادت عائدات التصدير الروسية بينما انخفضت واردات المستهلكين.

كما انخفضت عائدات النفط الروسي بشكل كبير منذ فرض القيود الغربية على الأسعار والحظر، بينما تعافت الواردات، وأنفقت موسكو المليارات على صناعة الدفاع لمواصلة الحرب في أوكرانيا، مع استمرار وصول عديد من السلع الأساسية من الخارج.

تسارع انخفاض الروبل بعد التمرد الذي أجهض في يونيو (حزيران) الماضي من قبل يفغيني بريغوزين ومجموعته من المقاتلين المرتزقة “فاغنر”، مما دفع الروس إلى تحويل الأموال إلى حسابات أجنبية بالخارج.

وقالت الباحثة التي تركز على الاقتصاد الروسي في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، جانيس كلوج، لصحيفة “الغارديان”، “لا يزال الروبل الروسي يبحث عن سعر صرف مناسب طويل الأمد لعقوبات الحرب. من دون ضوابط رأس المال كان المضاربون سيقدرون التوقعات السيئة العام الماضي”.

في حين اعترف أحد كبار مساعدي الكرملين أمس الإثنين أن ضعف الروبل كان له “تأثير سلبي في الدخل الحقيقي للسكان”، لكنه قال إن موسكو تتوقع أن تعود العملة إلى الارتفاع قريباً.

وقال المستشار الاقتصادي لفلاديمير بوتين في مقال نشرته وكالة “تاس” للأنباء، ماكسيم أوريشكين “لقد انحرف سعر الصرف الحالي بشكل كبير عن المستويات الأساسية، ومن المتوقع تطبيعه في المستقبل القريب. من مصلحة الاقتصاد الروسي أن يكون الروبل قوياً”.

تحركات لضبط العملة

وفي الأسبوع الماضي اتخذ البنك المركزي الروسي خطوات لتحقيق الاستقرار في الروبل، وأوقف مشترياته من العملات الأجنبية حتى عام 2024 “لتقليل التقلبات”، لكن هذه الخطوة لم توقف على الفور انخفاض العملة، مما أثار مخاوف صانعي السياسة الروس من احتمال ارتفاع أسعار المستهلكين بشكل ملحوظ.

وعلى المدى القصير يمكن أن يساعد ضعف الروبل السلطات في تمويل إنفاقها الحربي الهائل، إذ تبيع روسيا نفطها بالعملة الأجنبية وستشتري البورصة الحالية مزيداً من الروبلات في الداخل، كما أظهرت وثيقة حكومية راجعتها “رويترز” هذا الشهر أن موسكو ضاعفت هدف الإنفاق الدفاعي لعام 2023 إلى أكثر من 100 مليار دولار، أي ما يمثل ثلث إجمالي الإنفاق العام.

لكن انزلاق الروبل قد يثير ذكريات في موسكو عن الصدمة التي تعرضت لها العملة خلال الأزمة المالية الروسية عام 1998، وقد أدت بالفعل إلى انتقادات علنية نادرة للبنك المركزي الروسي.

تفاخر الكرملين بالتوقعات الاقتصادية لروسيا بينما توقع البنك المركزي الروسي أن ينمو الاقتصاد بنسبة تصل إلى 2.5 في المئة هذا العام، على رغم العقوبات الغربية المشددة.

وعلى رغم ضعف الروبل أعلنت وكالة الإحصاء الروسية “روستات” الأسبوع الماضي أن الاقتصاد نما على أساس سنوي بنسبة 4.9 في المئة في الربع الثاني من عام 2023، وهي أول زيادة في 12 شهراً.

وقال متخصصون إن كثيراً من الانتعاش الاقتصادي كان مدفوعاً بشكل مصطنع بالإنفاق الحكومي على الحرب، مما يزيد من احتمالية حدوث تباطؤ اقتصادي إذا توقف الصراع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى