أخبار عاجلةاقتصاد دولي

تونس تطلق استراتيجية جديدة لتحفيز استثماراتها المتعثرة

تستعد تونس مع بداية عام 2023 لإطلاق استراتيجية جديدة لحفز استثماراتها المتعثرة منذ حوالى عقد، لتعيدها إلى دائرة الضوء في خطط كبرى الشركات العالمية والمستثمرين الدوليين.

وتعتزم تونس عبر إطلاق هذه الخطة إعطاء رسالة قوية عن رغبتها في تحسين مناخ الأعمال في البلاد والتخلص من تكلس البيروقراطية التونسية التي أعاقت التدفقات الاستثمارية وإقامة مشاريع في البلاد.

وعانت تونس على امتداد العشرية الفارطة من عديد من الإشكالات تتلخص في زيادة الاضطرابات الاجتماعية بكثرة الاعتصامات والاحتجاجات مع تشعب التراخيص الاستثمارية، إضافة إلى التعقيدات الإدارية، كلها عوامل نفرت المستثمرين من المجيء إلى تونس التي كانت قبل عام 2011 وجهة محبذة للاستثمار.

ولم يتجاوز معدل استقطاب تونس للاستثمارات الأجنبية في السنوات الأخيرة 500 مليون دولار سنوياً جلها موجه إلى مشاريع التوسعة وليست مشاريع جديدة.

استراتيجية جديدة لتحسين مناخ الأعمال

صادق مجلس الوزراء، الثلاثاء، على الاستراتيجية الوطنية لتحسين مناخ الأعمال ودفع المبادرة والاستثمار التي تخص دفعة جديدة من الإجراءات تضمنت حوالى 160 إجراء جديداً، تضاف إلى الدفعة الأولى، التي شملت 27 إجراء، تمت المصادقة عليها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقد جاءت هذه الاستراتيجية الوطنية والإجراءات الإصلاحية نتاجاً لحوار مشترك انطلق منذ بداية شهر يناير (كانون الثاني) 2022، جمع بين الوزارات والهياكل العمومية المعنية وممثلي القطاع الخاص والهياكل المهنية ذات العلاقة.

وهي تندرج ضمن رؤية شاملة هدفها الأساس توفير مناخ أعمال ملائم وجاذب للمبادرة والاستثمار الخاص باعتباره المحرك الأساس للنمو، وخلق الثروة ومواطن الشغل في ضوء محدودية إمكانات الدولة في الظرف الراهن، وذلك من خلال اعتماد إطار تشريعي ومؤسساتي ناجع مع تبسيط ورقمنة مسار بعث المشاريع والحد من العوائق المكبلة للمبادرة.

جعل تونس وجهة فعلية للاستثمار

ترتكز توجهات منظومة حفز الاستثمار المستقبلية لتونس التي أعدتها وزارة الاقتصاد والتخطيط وتحصلت عليها “انبدندنت عربية” على جعل تونس وجهة فعلية للاستثمار من خلال برنامج وطني متكامل يضمن انخراط المؤسسات في سلاسل القيمة العالمية ونجاحها في تركيز وحدات إنتاج أو خدمات في الخارج.

وترمي هذه المنظومة الجديدة للاستثمار إلى تحسين القدرات الإنتاجية والتكنولوجية للمؤسسات بما يضمن تنافسيتها داخلياً وخارجياً، علاوة على المحافظة على الامتيازات الحالية وتدعيمها مع الاستثمار في المعرفة وإفراد المشاريع الخصوصية في المجالات ذات الأولوية التي تستجيب لأهداف مخططات التنمية والاستراتيجيات الاقتصادية بامتيازات استثنائية حسب طبيعة المشروع.

وتستوجب هذه الخطة الاستثمارية الجديدة تشجيع المغتربين التونسيين على الاستثمار في تونس.

حرية الاستثمار واقع وليس شعاراً

تعددت القوانين والبرامج الخاصة بتشجيع الاستثمار في السنوات الأخيرة، غير أنه على أرض الواقع يصطدم المستثمرون بجملة من العراقيل بسبب فرض بعض القطاعات الاستثمارية استثناءات، مما يقيد الاستثمار، ما جعل عديداً من الغرف التجارية المختلطة ومنظمات الأعراف يطالبون السلطات التونسية بوجوب جعل الاستثمار في تونس حراً.

ومن هذا المنطلق سترسخ الاستراتيجية الجديدة حرية الاستثمار في الوجهة التونسية، ولكن لاعتبارات تتعلق بالنظام العام والسيادة يبقى المجال مفتوحاً كما في جميع دول العالم لاستثناء بعض الأنشطة من خلال تحديد قائمة سلبية (محدودة) تصدر بمقتضى أمر رئاسي بالتزامن مع القانون المتعلق بالاستثمار.

ضمانات ممنوحة للمستثمر الأجنبي

نصت هذه الاستراتيجية على ضمانات مهمة للمستثمر الأجنبي في مقدمتها حرية امتلاك العقارات باستثناء الفلاحية، والحق في امتلاك كل الحصص والأسهم (مع احترام الاحكام الخصوصية المتعلقة ببعض الأنشطة) إضافة إلى حرية تحويل الأموال إلى الخارج دون ترخيص مسبق لكل الأموال الراجعة له بعنوان العمليات الجارية أو الأرباح بعد سداد الدفعات المستوجبة لصالح الضريبة أو التأجير.

كما ترسخ الاستراتيجية مبدأ المساواة في التعامل بين جميع المستثمرين التونسيين والأجانب.

حوافز موجهة

بالتوازي مع الضمانات الممنوحة للمستثمرين، فإن الحكومة التونسية من خلال خطتها الاستثمارية الجديدة رصدت حوافز ظرفية وموجهة خلال الخمس سنوات المقبلة (2023/2028) تشمل الإعفاء الضريبي للمرابيح والمداخيل المتأتية من التصدير وطرح المداخيل أو الأرباح المعاد استثمارها في الاكتتاب في رأس المال الأصلي، أو في زيادته للمؤسسات وطرح الأرباح المعاد استثمارها في صلب المؤسسات.

وتهدف هذه الإجراءات إلى إعادة توجيه الادخار نحو الاستثمار في المؤسسات، بالتالي الرفع من نسق الاستثمار.

ومن بين الحوافز والتشجيعات الأخرى تمكين الكوادر المنتدبة في مناطق التنمية الجهوية (المحافظات الأقل تنمية) من تخفيض ضريبي على الأجور لأجل تشجيع استقطاب الفنيين والمهندسين لدعم القدرات للشركات.

وفي مجال فض النزاعات فإن السلطات التونسية تتعهد أن يسوى كل نزاع يطرأ بين الدولة التونسية والمستثمر بمناسبة تأويل أو تطبيق أحكام الاستثمار وجوباً، وفق إجراءات المصالحة لدى الموفق الاستثماري إلا إذا تخلى أحد الأطراف كتابياً.

اعتماد المراقبة اللاحقة

وعلى عكس الإجراءات السابقة المكبلة لدفع الاستثمار تقترح الخطة الاستثمارية الجديدة لتونس اعتماد المراقبة اللاحقة والتخلي عن المراقبة المسبقة والمراقبة الموازية مع اعتماد طرف ثالث لإعداد تقارير المراقبة ضماناً لشفافية أكثر، فضلاً عن اعتبار التصريح بالاستثمار لاغياً في صورة عدم الشروع في إنجاز الاستثمار خلال سنتين من تاريخ الحصول عليه.

إجمالاً تظل هذه التوجهات مجرد أهداف طموحة تنم عن حرص الحكومة التونسية على تطوير مناخ الأعمال في البلاد، والخروج بها من وضعية اقتصادية متهالكة، وتعول على تنمية الاستثمار الخاص (المحلي والأجنبي بخاصة) ليكون قاطرة لاستعادة نسق النمو.

وتبقى الإرادة السياسية ومناخ الأعمال عوامل فارقة في إنجاح الاستراتيجية التونسية الجديدة للنهوض بالاستثمار.

المركزي التونسي يكبح التضخم

من ناحية أخرى قال البنك المركزي التونسي، الجمعة، إنه رفع الفائدة الرئيسة 75 نقطة أساس، من 7.25 في المئة إلى ثمانية في المئة لكبح التضخم، في ثالث زيادة للفائدة هذا العام.

وقفز معدل التضخم في تونس إلى مستوى قياسي بلغ 9.8 في المئة في نوفمبر (تشرين الثاني) من 9.2 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول).

وقال وزير الاقتصاد سمير سعيد هذا الأسبوع، إنه يتوقع أن يرتفع معدل التضخم في 2023 إلى 10.5 في المئة، من حوالى 8.3 في المئة في 2022.

وذكر البنك المركزي في بيان أنه يهدف من هذا الإجراء إلى كبح الاتجاه الصعودي للتضخم.

وكانت الزيادة السابقة في أسعار الفائدة في أكتوبر، عندما رفعها البنك 25 نقطة أساس إلى 7.25 في المئة.

وقرر البنك الجمعة أيضاً، رفع الحد الأدنى للفائدة على الودائع إلى سبعة في المئة.

صندوق النقد الدولي وإصلاحات غير شعبية

زاد العجز في الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية نوفمبر 2022 مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.

وقال البنك، إنه قلق للغاية بسبب المخاطر المحيطة بالميزانين النقدي والمالي لتونس وشدد على ضرورة ضمان الحصول على تمويلات خارجية.

ووفقاً للبنك، من المتوقع أن يبلغ العجز التجاري أكثر من 25 مليار دينار (7.99 مليار دولار) لعام 2022 بأكمله، مسجلاً مستوى قياسياً مقارنة مع 16.2 مليار دينار في 2021.

وتسعى تونس، التي تكافح لإصلاح المالية العامة، للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي مقابل إصلاحات غير شعبية تشمل خفض الإنفاق وتجميد الأجور وخفض دعم الطاقة والغذاء.

كما دعا صندوق النقد الدولي تونس إلى مزيد من تشديد السياسة النقدية للتصدي للتضخم.

وتتوقع تونس خفض العجز المالي إلى 5.2 في المئة العام المقبل من 7.7 في المئة في 2022، مدفوعة بإجراءات تقشفية، وقالت إنها ستخفض الإنفاق على الدعم بنسبة 26.4 في المئة إلى 8.8 مليار دينار.

كما تسعى لزيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 12.5 في المئة إلى 40 مليار دينار، مع زيادة معدلات الضرائب لبعض المهن مثل المحامين والمحاسبين والمهندسين إلى 19 في المئة من 13 في المئة.

ورفض الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يتمتع بنفوذ قوي، ويضم حوالى مليون عضو، قانون الميزانية قائلاً إنه سيؤدي إلى انفجار اجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى