أخبار عاجلةاقتصاد خليجي

موازنة السعودية: دعم الإنفاق الاستراتيجي في مواجهة التحولات الاقتصادية

تعكس موازنة السعودية لعام 2023 استمرار عملية التنمية الشاملة التي يشهدها أكبر اقتصاد عربي مع تعزيز مسار النمو الاقتصادي ومواجهة التحديات العالمية وتمكين القطاع الخاص. وأكد محللون ومتخصصون اقتصاديون، في تصريحات لـ»اندبندنت عربية» أن الحكومة السعودية نجحت في إنجاز إصلاحاتها المالية والدخول في زمن الفوائض المالية لأول مرة منذ عام 2013 مع التركيز على الإنفاق الاستراتيجي وفق رؤية منضبطة محققة للاستقرار واستراتيجية واضحة على المديين المتوسط والطويل. وبحسب هؤلاء، فإنه على الرغم من زيادة حجم إنفاق الموارد المالية على المشاريع التنموية فإن الفائض المتحقق في العامين الحالي والمقبل يظهر متانة الميزانية، ويعتبر مؤشراً قوياً على نجاح استراتيجية التنمية الشاملة والمستدامة.
إصلاحات هيكلية‎:- وكان للإصلاحات الهيكلية التي تنفذها الحكومة وفق «رؤية 2030» دور مهم في تحسن المالية العامة وتنوع مصادرها ونمو الاقتصاد بنسبة 8.5 في المئة العام الحالي.
موازنة 2023:- وأقر مجلس الوزراء السعودي الموازنة العامة للدولة لعام 2023 بفائض مالي بلغ 16 مليار ريال (4.3 مليار دولار)، وأصدر المجلس قراره في شأن الموازنة العامة للدولة لعام 2023 المتضمن تحقيق إيرادات عند 1130 مليار ريال (301.3 مليار دولار) في مقابل نفقات عند 1114 مليار ريال (297.1 مليار دولار)، وبحسب القرار، سيحول الفائض من الإيرادات إلى حساب الاحتياطي العام للدولة.
ورفعت السعودية نفقاتها للعام الحالي بنحو 19 في المئة عما كان مقدراً عند إعلان الموازنة في نهاية 2021، لتبلغ 1132 مليار ريال (301.8 مليار دولار)، في وقت كان مقدراً بـ955 مليار ريال (254.7 مليار دولار). وتعد نفقات 2022، ثاني أعلى نفقات فعلية في موازنات السعودية على الإطلاق بعد 2014 البالغة خلاله 1141 مليار ريال (304.3 مليار دولار).
ويتزامن ارتفاع المصروفات الحكومية مع زيادة الإنفاق على المشاريع الحكومية الضخمة وتسريعها بعد تأثر خطط تنفيذها خلال جائحة كورونا، بجانب منظومة الدعم الاجتماعي لضمان حماية المواطنين من التأثر بالتداعيات المحلية والعالمية ودعم السلع والخدمات الأساسية المستوردة.
وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية، من المتوقع ارتفاع الإيرادات خلال 2022 بنحو 18 في المئة عما كان مقدراً، لتبلغ 1234 مليار ريال (329.1 مليار دولار)، مقارنة مع المقدر عند وضع الموازنة بقيمة 1045 مليار ريال (278.7 مليار دولار)، وتزامن ارتفاع الإيرادات مع ارتفاع أسعار النفط خلال العام الحالي، بجانب الطفرة الكبيرة للإيرادات غير النفطية لتكون مكوناً رئيساً ضمن دخل الدولة نتيجة برامج حكومية محفزة ضمن «رؤية 2023» الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل واستدامتها على المديين المتوسط والطويل.
سعر برميل النفط إلى 78 دولاراً:- وقال رئيس الأبحاث في شركة «الراجحي المالية» مازن السديري، إنه استناداً إلى أرقام الموازنة الحكومية فإن الإيرادات التقديرية في موازنة 2023، من المحتمل أن تكون مبنية على سعر برميل النفط من خام برنت يبلغ 78 دولاراً للبرميل وعلى افتراض بلوغ حجم الإنتاج 10.7 مليون برميل، وذلك بعد احتساب التخفيضات التي أعلنها تحالف «أوبك+». وأضاف السديري أنه تم تعديل الفائض المالي المتوقع بالزيادة بشكل طفيف في العامين الحالي والمقبل إلى 1234 و1130 مليار ريال (329.1 و301.3 مليار دولار) على التوالي، ويرجع ذلك على الأرجح إلى تحسن أسعار النفط. وأشار إلى أن تقديرات «الراجحي المالية» لأرقام الموازنة في 2023 تشير إلى أن 65 في المئة من الإيرادات سيكون من عوائد النفط، و35 في المئة كإيرادات غير نفطية مع الأخذ في الاعتبار تخفيضات «أوبك+».
السعودية تعود إلى مسار تحقيق الفوائض:- وقال السديري، إنه تمت مراجعة فائض الموازنة للعام الحالي إلى 102 مليار ريال (27.2 مليار دولار) مقابل 90 مليار ريال (24 مليار دولار) المقدرة في وقت سابق و16 مليار ريال (4.3 مليار دولار) من تسعة مليارات ريال (2.4 مليار دولار) على التوالي، بمساعدة المراجعة التصاعدية في الإيرادات المدرجة في الموازنة مدعومة بأسعار النفط المرتفعة وإجراءات الإصلاح. وأضاف أنه بالنسبة لعام 2023، فإنه يعتقد أن الإيرادات النفطية يمكن أن تصل إلى 754 مليار ريال (201 مليار دولار)، ويرجع ذلك أساساً إلى انخفاض الإنتاج وسط اتفاق «أوبك+»، إلى جانب انخفاض أسعار النفط بينما يتوقع أن تصل الإيرادات غير النفطية إلى 417 مليار ريال (111.2 مليار دولار).
وفي ما يتعلق بالدين العام، أوضح مازن السديري أن الحكومة تتوقع أن يرتفع حجم الدين العام إلى 985 مليار ريال (262.7 مليار دولار) في 2022 قبل أن ينخفض إلى 951 مليار ريال (253.6 مليار دولار) عام 2023، وعلى الرغم من ذلك، فإن نسبة الدين/ الناتج المحلي الإجمالي، من المتوقع لها أن تكون عند مستوى 25 في المئة تقريباً لعام 2022، ما ترك مساحة كافية للحكومة لتمويل برامج الإنفاق الخاصة بها، مشيراً إلى أن الحكومة مستمرة في اتباع نهج متحفظ في ما يتعلق بإدارة مستويات الدين. أداء جيد:- في هذا الصدد، قال الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية علي بوخمسين، إن تقييم الأداء الاقتصادي للسعودية في العام الحالي يعد جيداً مقارنة بالاقتصادات العالمية إذ إنه سيحقق نسبة نمو تصل إلى 8.5 في المئة خلال هذا العام كأعلى نمو بين الاقتصادات الـ20 الكبرى. وأشار بوخمسين إلى أن أداء الاقتصاد السعودي تميز بالمرونة العالية وقدرته على استيعاب الضغوط العالية الناتجة عن رفع الفائدة من قبل الفيدرالي الأميركي ست مرات خلال هذا العام، واتخذت السعودية إجراءات استباقية من قبل البنك المركزي السعودي لتقليل آثار رفع الفائدة على القطاع الخاص الذي ضخ ما يقارب 50 ملياراً خلال يونيو (حزيران) الماضي، ما دعم أداء القطاع الخاص لمواجهة الطلب على الإقراض، واتخذ مجموعة من الإجراءات التي حدت من آثار التضخم.
وأوضح بوخمسين «أن التضخم في الاقتصاد السعودي بلغ 2.6 في المئة وهو معدل مقبول بشكل كبير، ما انعكس على تحسن المؤشرات المالية التي يتم الإعلان عنها من قبل هيئة الإحصائيات العامة كما هي الحال في مؤشر أسعار المديرين، وكذلك مؤشرات أسعار التضخم الأخرى»، مؤكداً «أن هذه إنجازات تسجل لصالح الاقتصاد السعودي ونجاحات البرامج والسياسات الاقتصادية التي طبقت للتعامل مع هذه الأزمات العالمية». وأشار إلى أن الحرب الروسية – الأوكرانية أثرت سلباً بشكل كبير على الاقتصاد العالمي وانعكست على أسعار الغذاء والطاقة، ولكن بانتهاج سياسات مدروسة استطاعت السعودية التعامل مع هذه الأزمات وتحسين وزيادة الدعم الموجه لبرامج حماية المواطن والحد من التأثير السلبي للمتغيرات الاقتصادية التي تصيب الاقتصاد العالمي وتؤثر في الاقتصاد السعودي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى