أخبار عاجلةمنوعات اقتصادية

“التَنَوُّع والشمول وإنهاء الاستعمار الفكري” .. ما الأدوات اللازمة لتحسين عملية التدريس والبحث والمنح الدراسية؟

في هذا الكتاب يجمع المؤلفون- آبي داي ولويس لي وديف توماس وجيمس سبيكارد- الأكاديميين من جميع أنحاء العالم لاستكشاف الإجراءات الملموسة التي يمكنهم اتخاذها لتعزيز التنوع والشمول وإنهاء الاستعمار الفكري.
تروي إيلين فرانك ديلجادو -كاتبة هذا المقال- كيف أنها دُعيت خلال السنوات القليلة الماضية إلى عدد لا يحصى من الندوات والمحادثات وعروض الأفلام ونوادي الكتب، وهي مفعمة بالأمل بأن الأوساط الأكاديمية على شفا التغيير.

 

– أكدت إيلين على أن هناك أشخاصًا داخل الأكاديمية يهتمون بهذه القضايا ومستعدون لتجاوز متطلبات وظيفتهم لإحداث تحول هادف، ولكنها سرعان ما تُصاب بالإحباط. حيث إن أولئك الأكاديميين -رغم نبوغهم وتحمسهم- يفتقرون إلى أي إجراءات جوهرية حقيقية للتغيير على المدى الطويل.
– وهذا هو السبب في أن هناك حاجة ماسة لهذا الكتاب. فبالإضافة إلى عنوانه الجذاب، فإن الأدوات العملية التي يزخر بها الكتاب جعلت الكاتبة تُقبل على قراءته في نهم وكلها تفاؤل.
– ينقسم الكتاب إلى 4 محاور رئيسية، وهي تغيير الجامعات نفسها، وتنويع المناهج، وتنويع البحث والمنح الدراسية، وإنهاء الاستعمار الفكري.
– في البداية يشرح هذا الكتاب، كيف أن التعليم منتج أمريكي وأوروبي يشتريه المستهلكون من الطلاب:
“ثمانية من البلدان العشرة الأولى التي ترسل معظم الطلاب الدوليين إلى جامعات المملكة المتحدة هي مستعمرات سابقة”. (لين ما، ص 49)
– يوضح هذا الاقتباس كيف أن الشمال العالمي يخنق عملية إنتاج المعرفة، حتى مع تزايد أعداد المستهلكين الذين يأتون من جنوب الكرة الأرضية.
– في المجتمع الرأسمالي النيوليبرالي، تسوّق الجامعات التعليم على أنه منتج نخبوي. ومعظم الأكاديميين في جامعات المملكة المتحدة على دراية بفكرة الطالب “المُدر للأموال”، حيث يُنظر إلى الرسوم الطلابية الدولية المرتفعة بشكل غير مُبرر على أنها مقومات التمويل الجامعي.
– هذا المنتج التعليمي النخبوي محدود بدرجة أكبر بسبب احتكار القلة للنشر الأكاديمي. ولكن نظرًا لأن مستهلكي تعليم النخبة أصبحوا أكثر عالمية وتنوعًا، يزداد الانفصال عن القلة الذين ينتجون المعرفة ويخزنونها. وهذا يطرح السؤال عما إذا كان يمكن تحرير الجامعات من الرأسمالية الليبرالية الجديدة وأنظمة ما بعد الاستعمار التي تبقيها على قيد الحياة.
– يركز الموضوع الثاني للكتاب على عنف إنتاج المعرفة: من نقص هياكل المعرفة التعددية، والاعتماد المفرط على القواعد المقرَّرة وتخليد الاضطهاد.
– فمن ناحية، يجب على الأوساط الأكاديمية، وخاصة في الدورات التمهيدية في “العالم الشمالي”، تدريس القاعدة المقرَّرة لمجال معين. ولكن بقيامها بذلك، تتورط الأوساط الأكاديمية في “إبادة النمط المعرفي” (Epistemicide) من خلال تحديد من هم السلطة في مجال ما.
– وبالتالي، فإن وضع المناهج يقتل أنظمة المعرفة. إنهم يضعونها بحيث تتعدى على الأسس المحايدة والجديرة بالثقة للأدب الأكاديمي.
– غالبًا ما يتم إعادة صياغة أعمال أولئك الذين لا يعتبرون سلطة، وخاصة أولئك الذين يتعاملون مع “الصورة والشعر والصوت والرمز” على أنها مجرد خرافة أو سحر أو تقليد ما.
– رغم أن “إبادة النمط المعرفي” هذا لا يشمل أعمالًا مثل الإبادة الجماعية أو الحرق الدرامي للأدب، إلا أنه مع ذلك يتسم بالعنف. ينمو هذا العنف في الأكاديمية تمامًا كما تتزايد “الفصول الدراسية كمساحة لإنتاج المعرفة”.
– لمواجهة هذا الأمر، يجب على الأكاديميين الأوروبيين الأمريكيين تقدير “الفكر الجنوبي” بغض النظر عن صعوبة تطبيقه في الشمال. وكذلك إعادة تعريف ماهية القواعد المقرَّرة، ومعالجة القيود المتحيزة للأدب الأكاديمي وتعزيز هياكل المعرفة التعددية خارج تقاليد المنهج العلمي من خلال “مجتمعات الممارسة”.
– من الواضح أن هذا الكتاب لا يتضمن دليلاً سهلًا من عشر خطوات ليتبعه الأكاديميون. ولكن ربما تكون نقطة البداية المناسبة هي توضيح ما هو المقصود بالضبط من التنويع والترويج للاندماج في أكاديمية تم إنهاء الاستعمار الفكري فيها.
– من المثير للاهتمام، أن الأوساط الأكاديمية ككل تفتقر إلى تعريف متفق عليه للإدماج، حيث يعرّفها البعض على أنها مشاركة ومساهمة، والبعض الآخر على أنها مشاعر التفرد والانتماء.
– في بعض الأحيان، يبدو الأمر كما لو أن المتعاونين لديهم أيضًا تعريفات مختلفة في هذا الكتاب، مما يطرح السؤال حول كيف يمكننا العمل بشكل تعاوني لتحقيق ما قد نفهمه بشكل مختلف؟
– يزخر الكتاب بأمثلة وافرة عن كيف يمكن للجامعات أن تقود مسيرة التنوع والشمول. على سبيل المثال، يمكنهم تعيين الطلاب والموظفين من أبعاد متنوعة (العرق، الجنس، حالة الإعاقة، الطبقة، الجنسية، وغيرها).
– يمكنهم أيضًا ضمان تسجيل هؤلاء الطلاب والموظفين ودعمهم للنجاح في الجامعة. يمكن مراجعة المناهج لتكون أكثر شمولاً أيضًا. ومع ذلك، حتى عندما تعمل الجامعات على تعزيز التنوع والشمول، فإنها لا تحقق إنهاء كامل لهياكلها الاستعمارية.
– يُصر بعض المتعاونين في المجموعة على أن إنهاء الاستعمار أمر ممكن. إلا أن إيلين تجد صعوبة في تصديق ذلك، حتى بعد قراءة هذا الكتاب، وتتساءل كيف نخصص، كأكاديميين، أكثر من 40 ساعة أسبوعيًا لتنمية جامعتنا وتفكيكها في وقت واحد؟
– وتستطرد إيلين بقولها “للأسف تتطلب التغييرات الهيكلية طويلة المدى للأكاديمية نفسها إصلاحًا تعاونيًا هائلاً. ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا أنه قد يحجم بعض الأكاديميين عن تدمير مؤسساتهم بأيديهم. وبالتالي يبرز السؤال الأهم: هل يمكن للأكاديميين أن يكونوا هم أنفسهم من يقود مسيرة الإصلاح؟”
– وتختتم إيلين المقال بقولها “على الرغم من أن هذا الكتاب يعلن عن أدوات عملية لمعالجة إنهاء الاستعمار في الأكاديمية، فربما يكون إنهاؤه من قبل الأكاديميين، للأسف، غير قابل للتصديق”.

 

المصدر: كلية لندن للاقتصاد (LSE)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى