اقتصاد دولي

الروس يبحثون عن حلول غير مشروعة لتجاوز عقوبات المدفوعات

بعد يوم من توقف أوزبكستان عن قبول البطاقات المصرفية، التي تعتمد على شبكة «مير» الروسية، في سبتمبر الماضي، كان الروس من الطبقة المتوسطة يبحثون عن آلية للتحايل على الحظر.
واقترحت إحدى قنوات «تليغرام»، إمكانية فتح [الحسابات] بالبطاقات في 3-5 أيام في [معظم] البنوك، مشيرة إلى مدى سهولة السفر إلى أوزبكستان وفتح حساب والحصول على بطاقة ائتمان من الممكن استخدامها دولياً. وتم إنشاء القناة، التي تضم ما يقرب من 27000 مشترك، من قبل أوزبكي بعد أقل من أسبوعين من بدء الغزو الشامل لأوكرانيا لإقناع الروس بالانتقال إلى بلدها للعمل.
ووفقاً للبنك المركزي الأوزبكي، نمت الودائع في البلاد بمقدار 60.5 تريليون سوم أوزبكي (5.3 مليار دولار) في عام 2022، أي ضعف سرعة العام السابق، في إشارة إلى كيفية احتفاظ الروس بإمكانية الوصول إلى شبكة المعاملات الدولية على الرغم من العقوبات المفروضة على بنوكهم.
وتُظهر البيانات من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق الأخرى أيضاً زيادات ملحوظة في الطلب على أنظمتها المصرفية. إذ وثقت أرمينيا طفرة في ودائع غير المقيمين في عام 2022، وفقاً لما نشره تقرير موسع لـ «فايننشال تايمز»، اطلعت عليه «العربية.نت».
من جانبه، قال المتحدث باسم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار لمنطقة آسيا الوسطى ومنغوليا، أنطون أوسوف: «العديد من الروس عبروا الحدود في العام الماضي وفتحوا حسابات في البنوك في جميع أنحاء آسيا الوسطى، بما في ذلك أوزبكستان».
الحاجة سبيل الإبداع
لم يقتصر الأمر على وقف خدمات «فيزا»، و»ماستركارد» في روسيا فحسب، بل تم قبول «Mir»، الذي ساعد في الحفاظ على تدفق المدفوعات المحلية، في عدد قليل من البلدان، مثل بيلاروسيا والأقاليم الانفصالية في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
وقال الخبراء من الواضح أيضاً أنه بعد مرور عام على بدء الغزو، فإن حاجة روسيا إلى الابتكار المستمر للحفاظ على تدفق المدفوعات توضح مدى صعوبة الوجود خارج النظام المالي الأميركي، ناهيك عن استبداله.
بدأت روسيا الاستعداد لانسحاب «فيزا»، و»ماستركارد» بعد العقوبات المفروضة بعد ضمها لشبه جزيرة القرم منذ ما يقرب من عقد من الزمان. وأطلق الكرملين نظام الدفع بالبطاقات الوطني (NSPK) في عام 2014 لبناء نظام مالي بديل لمعالجة معاملات البطاقات في روسيا. حيث أدى التهديد بفرض غرامات باهظة إلى توقيع «فيزا»، و»ماستركارد» على صفقات تسمح لـ NSPK بمعالجة جميع المدفوعات المحلية.
بعد ذلك بعام، أطلقت روسيا شبكة «Mir»، التي سرعان ما بنت حصتها في السوق بسبب التفويضات التي يستخدمها موظفو الخدمة المدنية والمتقاعدون. من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمنصة المدفوعات Verto، أولا أويتايو: «مع تداول 161 مليون بطاقة اعتباراً من سبتمبر 2022، متجاوزاً عدد سكان روسيا الذي يزيد قليلاً عن 147 مليوناً، أصبح Mir بديلاً [محلياً] قابلاً للتطبيق لأنظمة الدفع الغربية».
فعندما انسحبت «Visa»، و»Mastercard» من روسيا في مارس 2022، استمرت البطاقات الصادرة من روسيا في العمل محلياً على شبكة «NSPK». وتفاعلت البنوك الخاصة أيضاً مع عمليات الخروج من «أبل باي»، و»غوغل باي»، والتي شكلت حوالي ربع سوق المحافظ الرقمية في روسيا في عام 2020، وفقاً لـ «GlobalData».
وقال كبير محللي الخدمات المصرفية والمدفوعات في «GlobalData»، كارتيك تشاكلا، إن Sberbank، أكبر مؤسسة مالية في روسيا والمستهدف بالعقوبات منذ أبريل 2022، قد نجح في نظام الدفع QR الذي يديره بشكل مشترك «NSPK»، و»البنك المركزي الروسي»، والذي يسمح للمستهلكين أن يدفعوا في أكثر من مليون متجر. وأوضح «سبيربنك»، أنه من بين 75 مليون عميل يستخدمون التطبيق كل شهر، يستخدم أكثر من 28 مليون مستخدم نظام الدفع عبر خاصية «QR»، التي تم إطلاقها في أبريل 2022. وفي الوقت نفسه، قام بنك Tinkoff الرقمي – الذي حدده الاتحاد الأوروبي في الجولة العاشرة من العقوبات في نهاية فبراير – ببناء بديل مادي لـ Apple Pay: عبارة عن ملصق به شريحة NFC، متصلة بحساباتهم. فيما قال مسؤول تنفيذي في التكنولوجيا المالية لديه معرفة بالسوق الروسية: «تجربة المستخدم رائعة، وتعادل نفس جودة الخدمة [كمحفظة رقمية]».
يأتي ذلك، بعد أن واجه الروس الذين يسافرون أو يعملون في الخارج مزيداً من الصعوبات حيث توقفت بطاقات «فيزا»، و»ماستركارد» الصادرة في روسيا عن العمل خارج البلاد.
كما أثر الضغط السياسي على عدد الدول التي يُقبل فيها «مير». ففي سبتمبر 2022، وهو نفس الشهر الذي تعرض فيه الرئيس التنفيذي لـ NSPK فلاديمير فاليريفيتش كومليف للعقوبات، علقت البنوك التركية بطاقات مير، كما فعلت أوزبكستان. فيما لم تتوسع «UnionPay»، المنافس الصيني لشركتي «Visa»، و»Mastercard» التي كانت تعتبر في يوم من الأيام العمود الفقري المحتمل للمدفوعات الروسية، بشكل ملموس، حيث أشار الخبراء إلى مخاوف من رد أميركي.
وقال اثنان من المديرين التنفيذيين إن أسهل طريقة للحصول على بطاقة دولية للحصول على الرواتب أو للإنفاق الدولي هو التوجه إلى دولة مجاورة. وأوضح أحدهم: «هناك تجربة مستخدم أفضل بكثير للأشخاص الذين يحتاجون إلى السفر خارج الدولة للحصول على بطاقة مصرفية من دولة مجاورة بدلاً من بطاقة [UnionPay] التي تعمل فقط في بعض أجهزة البطاقات».
وفي قناة أوزبك على تطبيق «تليغرام»، هناك منشور من أكتوبر يكشف إيجابيات وسلبيات البنوك. إذ يطلب البعض من الرعايا الأجانب البقاء في أوزبكستان لمدة 15 يوماً قبل أن يتمكنوا من الحصول على بطاقتهم – وهي نفس المدة التي يمكن للمواطنين الروس البقاء فيها في البلاد دون تسجيل – أو يحتاجون إلى دليل على العمل هناك. فيما يمكن للآخرين، مثل الفروع الصغيرة، الحصول على البطاقات بسرعة أكبر ولكن لها عيوب. ومع ذلك، يقول الخبراء إن المرونة النسبية لأنظمة المدفوعات في موسكو لا تنذر بالتحول نحو المنافسين غير الأميركيين، حيث لا تزال التحديات التقنية والتكلفة والمخاوف من رد انتقامي من واشنطن تعيق الطريق.
وقال مسؤول تنفيذي في شركة مدفوعات أميركية كبيرة: «المستثمرون دائماً قلقون بشأن عدم الوساطة»، لكن الشبكات المحلية تواجه تحدياً في التوسع ومواكبة التكاليف مثل الأمن السيبراني. كما أن المبلغ الذي يتعين عليهم استثماره يزداد كل عام».
وبشكل حاسم، تمتلك «فيزا»، و»ماستركارد» بالفعل أنظمة عالمية معمول بها. إذ سيتعين على المنافسين المحتملين التغلب على حالة عدم اليقين الجيوسياسي لبناء الروابط اللازمة لمنافستهم.
قال مسؤول تنفيذي في إحدى شركات التكنولوجيا المالية للمدفوعات: «الثقة هي مفتاح أنظمة الدفع عبر البلاد، والثقة تكاد تكون مستحيلة في الوقت الحالي».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى