اقتصاد دولي

خسائر فادحة لشركات العقار البريطانية مع تداعيات أزمة المصارف

تضررت أسعار الأسهم في الشركات العقارية الكبرى المدرجة في لندن، إذ بدأت تداعيات الأزمة المصرفية التي نشأت في كاليفورنيا مع سقوط بنك «وادي السيليكون» في الظهور بالمملكة المتحدة، إذ شهدت شركة «بريتيش لاند»، المالكة لمكاتب ومجمعات البيع بالتجزئة والمستودعات بقيمة 10 مليارات جنيه إسترليني (12.3 مليار دولار)، انخفاضاً في سعر سهمها بنسبة 13 في المئة خلال مارس (آذار)، كما حدث لـ «ليكسي ريت» وهي شركة استثمار عقاري مقرها لندن إذ تراجعت أسهمها هي الأخرى 13 في المئة، كما انخفض سهم شركة «هامرسون» المتخصصة في التسوق 14 في المئة.
وسجل مؤشر سوق الأسهم الذي يقيس أداء الشركات الكبيرة والمتوسطة عبر البلدان المتقدمة في أوروبا (MSCI Europe) ويتتبع أسعار أسهم شركات العقارات الأوروبية، أدنى مستوى له الأسبوع الماضي منذ عام 2009 في أعقاب الأزمة المالية العالمية.
مخاوف تقييد الائتمان:- واشتد الضغط على سوق العقارات التجارية من ارتفاع أسعار الفائدة بعد انهيار بنك «وادي السيليكون» الشهر الماضي والبيع القسري لبنك «كريديت سويس» المتعثر إلى منافسه السويسري «يو بي إس».
وقال المحلل العقاري في بنك الاستثمار الأميركي «ستيفيل» جون كاهيل لـ»التايمز» إن تأثير النظام المصرفي المتعثر في سوق العقارات التجارية بالمملكة المتحدة غير مباشر، مضيفاً «إذا كانت هناك مشكلة سيولة في النظام المصرفي الأميركي ثم انتقلت العدوى إلى المملكة المتحدة وأوروبا فهذا يعني أنه من المحتمل تقييد الائتمان».
وفي حين قد يشكل تقييد الائتمان مشكلة بالنسبة لعدد من مالكي العقارات الذين سيستخدم معظمهم شكلاً من أشكال الديون، على غرار الرهن العقاري، عند شراء مبانيهم، فكلما زادت كلفة خدمة هذا الدين زاد العائد الذي سيطلبه المستثمرون مما يؤدي إلى ارتفاع عائدات العقارات، كما سيؤدي ارتفاع العائدات إلى انخفاض قيمة العنوان الرئيس للمبنى.
وحديث كاهيل الأساس يصب في تجنب أزمة مصرفية كاملة، فعلى رغم أن المستثمرين في سوق الأسهم يبدون أقل اقتناعاً، فمثل هذه الأزمة حال اندلعت من المحتمل أن تؤدي إلى كبح البنوك عن الإقراض عندما تنخفض قيمة العقارات التجارية بسرعة والتي كانت قد تراجعت بنسبة 10 في المئة عن ذروتها الصيف الماضي، وفقاً لمؤشر العقارات الفصلي «أم أس سي أي يوروب» الفصلي.
مقرضي «الميزانين»:- من جهته شرح الرئيس التنفيذي لأحد كبار مالكي العقارات التجارية كيف يمكن أن يؤثر هذا المزيج في أولئك الذين لديهم قروض على وشك أن تنضج ويحتاجون إلى إعادة تمويل، قائلاً «لنفترض أنك اشتريت مبنى إدارياً مقابل 10 ملايين جنيه إسترليني (12.3 مليون دولار) قبل خمس سنوات، لكنت ستتمكن من اقتراض 6 ملايين جنيه إسترليني (7.4 ملايين دولار)، لكن اليوم عندما تتصل بالبنك لإعادة التمويل فقد يقرضونك 40 في المئة في مقابل تقييم 8 ملايين جنيه إسترليني (9.8 ملايين دولار)، وهو ما يزيد قليلاً على 3 ملايين جنيه إسترليني (3.7 ملايين دولار)»، متسائلاً «إذن ماذا عن الـ 3 ملايين جنيه إسترليني (3.7 ملايين دولار) الأخرى؟ هل لا تزال مستحقة من القرض الأصلي؟ عليك أن تجد ذلك من مكان آخر».
من جهتها تصر الشركات المدرجة على أن الإقراض لا يمثل مشكلة من المحتمل أن تؤثر فيها لأنها ليست ذات رافعة مالية كما كانت تتجه نحو الأزمة المالية قبل 15 عاماً، ففي ذلك الوقت حتى اللاعبون الكبار كانت لديهم نسب القرض إلى القيمة (نسبة ممتلكاتهم الممولة بقروض بنكية) والتي تزيد على 50 في المئة، واليوم معظمهم لديهم نسب بـ 30 في المئة إن لم يكن أقل. ومن السمات الرئيسة لهذا الانكماش التراجع السريع في قيم العقارات التجارية مما يعكس صحة الموازنات العمومية للشركات المدرجة.
من جهته قال بن غرين الذي يدير متاجر «إنكوم ريت» بقيمة 1.2 مليار جنيه إسترليني (1.4 مليار دولار) في جميع أنحاء المملكة المتحدة، إنه «في سوق يتمتع فيه كل فرد برافعة مالية عالية كما هو الحال في الأزمة المالية، يتم تحفيز جميع الشركات على عدم تعديل تقييماتها لأنها ستتخلف عن سداد ديونها المصرفية»، مضيفاً «نظراً إلى أن الجميع بدأ بمستويات أكثر اعتدالاً من الرافعة المالية هذه المرة فقد كان هناك تعديل أسرع بكثير». واليوم الشعور السائد في مدينة لندن هو أن الملاك المدرجين في القائمة يبدون قادرين على تحمل الاضطرابات في سوق العقارات التجارية.
وقال كاهيل إن «المشكلة هي في القطاع غير المدرج»، مضيفاً «يبلغ متوسط نسبة القرض إلى القيمة في المساحة المدرجة نحو 30 في المئة، في حين أنه في المساحة الممولة من الأسهم الخاصة فإن ضعف هذه النسبة شائع وربما أكثر».
وقال أحد التنفيذيين في الصناعة إنها «الشركات الخاصة التي يجب أن تشعر بالقلق»، في حين ذكر موقع «رياكت نيوز» الإخباري لقطاع العقارات الأسبوع الماضي أن بنك لويدز كان يحاول بيع قرض بقيمة 175 مليون جنيه إسترليني (216 مليون دولار) في مقابل مبنى مكاتب «كناري وارف» الذي يملكه رجل الأعمال الصيني تشين هونغتيان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى