اقتصاد كويتي

الشال: تقارير وكالات التصنيف صحيحة لعملائها ولكنها ليست بالضرورة صحيحة في نصحها لنا

ذكر التقرير الاقتصادي لمركز الشال الاسبوعي انه لا جديد في تصنيف وكالة “فيتش” للوضع الائتماني السيادي للكويت في تقريرها الصادر الأسبوع الفائت، فهو عند المرتبة “AA-” مع نظرة مستقبلية مستقرة، فالوكالة لم تنسب التصنيف لعمل إصلاحي داخلي، وإنما لملاءمة وضعها المالي – وليس الاقتصادي – ولحجم مدخراتها الخارجية.
ذلك يعني أن التصنيف مرتبط بمتغير خارجي وهو أوضاع سوق النفط ولسبب استثنائي أو الحرب الروسية الأوكرانية، أما دور الإصلاح من الداخل في التصنيف فقد كان غائباً في أحسن الأحوال، والواقع حتى أسوأ بعد تلك الهجمة الظالمة على المالية العامة.
ويحسب للوكالة بأنها تذكر بصدق بنقاط الضعف ومخاطرها، فالجهد المؤسسي وخطايا السياسية على فرص الإصلاح التي من شأنها مواجهة التحديات المالية والهيكلية الناجمة عن إدمان النفط ومعه الحجم غير المسبوق للقطاع العام، كلها باقية.
ولأن هدف التصنيف مختلف وعملاء الوكالة مختلفون، ومداه الزمني متوسط الأمد، واهتمامه مالي وخاص بعملاء وليس مسئولي الكويت، فهي تعتقد بأن بعض الحل يكمن في إقرار قانون للدين العام أو السماح للحكومة بالسحب المنظم من احتياطي الأجيال القادمة، ذلك ما يضمن سداد الكويت لالتزاماتها لعملائها، وقد يحسن من تصنيفها.
والوكالة، ومعها حق، ليست معنية بكيفية التصرف بتلك الأموال، وما إذا كانت نسخة مكررة لاستخدامات الأموال التي اقترضتها من السوق العالمي في عام 2017 زائداً استهلاكها لكل سيولة الاحتياطي العام خلال تلك الحقبة، وليست معنية بما يحدث من “حراج” على المالية العامة حالياً.
وتتوقع الوكالة معدلاً لأسعار النفط بحدود 79 دولار أمريكي للبرميل للسنة المالية 2023/2024، يهبط إلى 61 دولار أمريكي للبرميل للسنة المالية 2024/2025، وتقدر بأن الموازنة العامة، وبعد إضافة دخل الاستثمارات، سوف تحقق فائض أقل من نصف الفائض المحتمل للسنة المالية القادمة مقارنة بالسنة المالية الحالية، ثم تعود إلى تحقيق العجز في السنة المالية اللاحقة لها، ومن دون احتساب دخل الاستثمارات، سوف تحقق الكويت عجز مالي في السنتين الماليتين اللاحقتين.
وفي كل مرة نعلق فيها على تقارير وكالات التصنيف الائتماني، لابد لنا من التذكير بأنها تقارير صحيحة لعملاء الوكالة، ولكنها ليست بالضرورة صحيحة في نصحها لنا، فتحسن التصنيف عند اتباع نصحها قد يكون بالغ الضرر اقتصادياً.
وضمن أهداف برنامج الحكومة الحالية العمل على تحسين التصنيف الائتماني السيادي للكويت، وهو أمر طيب، ولكن إقرار قانون الدين العام أو التسامح مع السحب من احتياطي الأجيال القادمة مع واقع الانفلات للسياسة المالية، عواقبه المالية والاقتصادية وخيمة على مدى زمني أطول من المستهدف لتلك الوكالات، ذلك ما حدث منذ خريف عام 2014، وما سوف يحدث إن أطلقت يد الإدارة العامة على مزيد من السيولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى