اقتصاد دولي

هل تنجح الحكومة المصرية في وقف الاقتراض من البنك المركزي؟

كشف تقرير حديث عن أن الحكومة المصرية تعهدت الكف عن اقتراض مليارات الدولارات مباشرة من البنك المركزي المصري، متجاوزة بذلك وزارة المالية التي كانت تقترض مبالغ ضخمة خلال الفترة الماضية، مبررة ذلك في إطار ضبط المالية العامة واستهداف الاستقرار المالي.

وفي تصريحات سابقة على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، أكد وزير المالية المصري محمد معيط، أن صندوق النقد سيستكمل المراجعة الثالثة خلال أشهر، مما يتيح لمصر الحصول على 820 مليون دولار.

وفي ما يتعلق بإصدار السندات أكد معيط، أن العام المالي الحالي الذي ينتهي في 30 يونيو (حزيران) المقبل، لن يشهد أي عملية إصدار ديون، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي قرار حتى الآن بإصدار سندات خلال العام المالي المقبل، وفي حال جرى الاتفاق على إصدار سندات، فسيتحدد قيمتها وطبيعتها، بعد موافقة مجلس الوزراء.

واعتمد مجلس صندوق النقد الدولي، المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في إطار تسهيل الصندوق الممدد، ووافق على زيادة قيمة البرنامج الأصلي بنحو خمسة مليارات دولار، ليصل إجماليها إلى ثمانية مليارات دولار، مما يسمح للدولة بسحب سيولة من الصندوق بنحو 820 مليون دولار على الفور.

توقعات بخفض أسعار الفائدة خلال اجتماع مايو

وفي السادس من مارس (آذار) الماضي، أعلن البنك المركزي المصري خلال اجتماع استثنائي حزمة من القرارات الهادفة إلى ضبط سوق الصرف. حيث قرر خفض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، ورفع أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس مرة واحدة في إطار استهداف التضخم المرتفع.

وفي مذكرة بحثية حديثة، توقع بنك الاستثمار الأميركي “غولدمان ساكس”، أن يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنحو اثنين في المئة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية في مايو (أيار) المقبل، في ظل استهدافه انخفاض التضخم إلى 20 في المئة بنهاية العام الحالي.

وأشار إلى أن إجمالي ما اقترضته الحكومة بلغ 1.8 تريليون جنيه (37.344 مليار دولار) خلال الربع الأول من العام الحالي إلى جانب تلقي الخزانة العامة نحو 240 مليار جنيه (4.979 مليار دولار)، مقابل 1.1 تريليون جنيه (22.821 مليار دولار) حاجات تمويلية و382 مليار جنيه (7.925 مليار دولار) سددتها الحكومة من رصيد السحب على المكشوف، ليتبقى 530 مليار جنيه (10.995 مليار دولار) فائضاً عن الحاجات.

وقال البنك الأميركي، إن الحاجات التمويلية للحكومة خلال الربع الثاني ستنخفض للنصف في ظل تراجع الحاجات التمويلية الإجمالية للحكومة إلى 1.6 تريليون جنيه (33.195 مليار دولار)، موزعة ما بين 1.1 تريليون جنيه (22.821 مليار دولار) حاجات تمويلية و450 مليار جنيه (9.336 مليار دولار) لتسوية السحب على المكشوف مع البنك المركزي، لكن الحكومة اقترضت أكثر من حاجاتها بنحو 530 مليار جنيه (10.995 مليار دولار) في الربع الأول من 2024، بخلاف تلقيها نحو 340 مليار جنيه (7.053 مليار دولار) قيمة القسط الثاني من صفقة “رأس الحكمة”، فإن ذلك يجعل قيمة الفجوة المتبقية عند 724 مليار جنيه (15.02 مليار دولار).

ووفق حسابات “غولدمان ساكس”، فإن طروحات الدين الحكومي سجلت في المتوسط 604 مليارات جنيه (12.531 مليار دولار) خلال الربع الأول من العام الحالي، وفي مارس منفرداً تخطت 951 مليار جنيه (19.73 مليار دولار)، وذكر أن ذلك يفسر سبب تخفيض الحكومة حجم العطاءات المقبولة، وهو ما يخفف الضغوط على فائدة الدين الحكومي.

الدين الخارجي يتجاوز 168 مليار دولار

وفي السياق ذاته، سحب البنك المركزي المصري نحو 460.8 مليار جنيه (9.56 مليار دولار) من فائض السيولة لدى البنوك خلال العطاء الأسبوعي، أمس الثلاثاء، بعائد بلغت نسبته 27.75 في المئة، في أول تطبيق للنظام الجديد للعطاءات، الذي يتضمن قبول كل طلبات البنوك المقدمة، وعدم الاعتماد على نظام التخصيص الذي كان قائماً من قبل، بحسب البيانات المنشورة على موقع البنك المركزي.

وكشفت بيانات البنك المركزي عن ارتفاع استثمارات الأجانب بأذون الخزانة إلى 424.381 مليار جنيه (8.804 مليار دولار) بنهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، مقابل 393.151 مليار جنيه (8.156 مليار دولار) بنهاية عام 2023.

وأظهرت البيانات وصول إجمالي الدين الخارجي للبلاد إلى نحو 168.03 مليار دولار بنهاية الربع الثاني من 2023-2024 مقارنة بنحو 164.521 مليار دولار بنهاية الربع الأول من 2023-2024. وقال البنك المركزي، إن الدين الخارجي طويل الأجل سجل 138.551 مليار دولار بنهاية ديسمبر (كانون الأول) 2023، مقابل 134.2 مليار دولار بنهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، بينما تراجعت الديون قصيرة الأجل إلى 29.482 مليار من 30.26 مليار دولار خلال فترة المقارنة، وسجل الدين الخارجي على الحكومة نحو 84.849 مليار دولار بنهاية 2023، مقابل 82.5 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2023.

شح النقد الأجنبي يعرقل النشاط الاقتصادي

وفي تصريحات على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد ومجموعة البنك الدوليين في واشنطن، قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، إن من المهم المحافظة على مرونة سعر الصرف في مصر، ومعالجة التضخم، لافتاً إلى ضرورة تحقيق أربعة أهداف رئيسة، وأول هذه الأهداف تقليل الأخطار التي تهدد الاقتصاد المصري.

وأوضح أن الهدفين الثاني والثالث يتمثلان في تخفيض معدل التضخم العالي ورفع مستوى الحماية الاجتماعية، فيما الهدف الرابع هو خلق فرص عمل، ويعد دور القطاع الخاص أساساً في هذا الجانب. وقال إنه من المهم في المرحلة المقبلة في مصر تعزيز الإجراءات التي تمت التوصية بها من قبل الصندوق في المراجعة الأولى بهدف تحقيق الاستقرار وخلق فرص العمل، وأوضح أن المراجعة الأولى لبرنامج مصر شددت على أهمية توسيع قدرة القطاع الخاص على النمو.

وتوقع صندوق النقد الدولي تراجع معدل التضخم في مصر تدريجاً مع انحسار شح النقد الأجنبي وفي ظل ترسخ تشديد السياسة النقدية، غير أنه أشار في تقريره حول الآفاق الاقتصادية الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا، إلى أنه على رغم تشديد السلطات المصرية السياسة النقدية في وقت سابق من العام الحالي لخفض التضخم، فقد تكون ثمة حاجة لمزيد من إجراءات التشديد.

وقال الصندوق إن شح النقد الأجنبي في مصر عرقل النشاط الاقتصادي إلى أن أجرت مصر تعديلات ضرورية، أخيراً، على سياسة الاقتصاد الكلي، في إشارة إلى قرارات البنك المركزي في السادس من مارس الماضي بتحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة الرئيسة بمقدار 600 نقطة أساس.

لكن الصندوق توقع أن يظل الوضع في البحر الأحمر يؤثر في النشاط في مصر في الفترة المتبقية من السنة المالية، وأضاف أنه نتيجة لذلك، فإنه عدل توقعات النمو الاقتصادي لمصر بالخفض بواقع 0.6 نقطة مئوية مقارنة مع تقديراته الصادرة في أكتوبر (تشرين الأول) إلى نمو بنسبة ثلاثة في المئة خلال العام الحالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى