اقتصاد دولي

اقتصاد مصر يخسر 20 مليار دولار بسبب الحرب في غزة

قدر تقرير حديث أن تصل الكلفة الاقتصادية الإجمالية للحرب في غزة على الاقتصاد المصري ما بين 5.6 مليار دولار و19.8 مليار دولار خلال العامين الماليين الحالي 2024-2023 والمقبل 2025-2024، ويعني هذا خسارة تراوح ما بين 1.6 و5.2 في المئة من متوسط الناتج المحلي الإجمالي السنوي تبعاً لمدى تفاقم الصراع.

ورجح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن تتلقى قناة السويس وقطاع السياحة الضربة الأكبر، إذ يتوقع أن تتقلص إيراداتهما بما يراوح ما بين 3.7 مليار دولار إلى 13.7 مليار دولار خلال العامين الماليين الحالي والمقبل.

وحذر التقرير من أن انخفاض تدفق العملات الأجنبية، مصحوباً باتساع العجز في الحساب الجاري، سيضغط على احتياط البلاد من النقد الأجنبي ويفاقم الضغوط التضخمية.

في الوقت نفسه تطرق البرنامج إلى مخاوف من تأثير الحرب في معدلات البطالة ومستويات الفقر، إذ يتوقع زيادة في معدل البطالة بين 0.5 و1.3 في المئة خلال العام المالي الحالي، وانخفاضاً بنسبة 1.3 إلى 2.5 في المئة في الدخل الحقيقي للأسر المصرية.

ورسم التقرير توقعاته للأثر الاقتصادي للحرب على مصر عبر ثلاثة سيناريوهات محتملة جميعها تعود إلى فبراير (شباط) الماضي، أولها سيناريو منخفض الشدة بتصعيد إقليمي ضعيف وأفق زمني قصير مدته ستة أشهر، وسيناريو ثانٍ متوسط الشدة بتصعيد إقليمي محدود وأفق زمني متوسط مدته تسعة أشهر، وسيناريو ثالث بشدة عالية وتصعيد إقليمي مؤثر وأفق زمني مدته 12 شهراً.

تخفيف آثار الحرب

وأوصى البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بسياسات من شأنها تخفيف آثار الحرب على الاقتصاد المصري، من بينها تسهيل الوصول إلى برامج الحماية الاجتماعية، ودعم سلاسل القيمة في قطاع السياحة والتحول إلى السياحة المستدامة، وتعزيز قدرة القطاعات الأكثر تضرراً من الأزمة على الصمود، مع تعزيز نمو بعض القطاعات التي أثبتت قدرتها على النمو على رغم الحرب، مثل المنسوجات والزراعة.

يستند التقرير إلى البيانات الصادرة حتى فبراير الماضي، مما يعني أنه لا يأخذ في الاعتبار تعويم الجنيه اللاحق، ومليارات الدولارات التي حصلت عليها الحكومة المصرية من الشركاء الخليجيين في صفقة مشروع رأس الحكمة، والشركات الدوليين، بخاصة تعديل الاتفاق التمويلي مع صندوق الدولي.

شحنات الغاز تهوي إلى “صفر”، وأشارت وكالة “بلومبيرغ”، إلى تراجع حركة مرور ناقلات الغاز الطبيعي المسال عبر البحر الأحمر، خلال الأشهر الأربعة الماضية إلى متوسط “صفر” منذ منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، حتى الآن، وجاء ذلك على وقع هجمات الحوثيين في اليمن، والتي جاءت على وقع الحرب الإسرائيلية على غزة، بعدما بدأ الحوثيون استهداف حركة التجارة العالمية في مناطق البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

وذكرت الوكالة أنه لم تمر ناقلة غاز طبيعي مسال واحدة عبر مضيق باب المندب الذي يفصل بين شبه الجزيرة العربية وأفريقيا منذ أربعة أشهر، مما يبرز التأثير الهائل الذي تركته الهجمات العنيفة في المنطقة على تجارة الطاقة العالمية.

قبل ذلك كانت هناك عشرات الناقلات التي تعبر مضيق باب المندب كل شهر قبل تصعيد العدوان على غزة، لكن الهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن أدت إلى انخفاض هذا العدد إلى صفر تقريباً منذ منتصف يناير الماضي.

واضطرت السفن إلى تغيير مسارها والدوران حول أفريقيا لنقل الوقود بين حوضي المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، مما أجبر المشترين على التعامل مع مجموعة محدودة من الموردين ما لم يكونوا على استعداد لدفع كلفة شحن أعلى، مما تسبب في معاناة السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال خشية التفتت بصورة متزايدة.

ومع استمرار الهجمات على حركة الملاحة الدولية في منطقة البحر الأحمر، كشف صندوق النقد الدولي عن أن حركة الشحن في قناة السويس، انخفضت بمقدار الثلثين (بما يعادل نحو 66 في المئة) في أبريل (نيسان) الماضي مقارنة بالفترة نفسها العام السابق 2023.

ونشر الحساب الرسمي للصندوق في موقع التواصل “أكس”، رسماً بيانياً لحركة الشحن في القناة، بداية من ديسمبر (كانون الأول) 2023، حتى مايو (أيار) الجاري، مضيفاً أن انخفاض حركة الشحن في القناة أدى إلى تفاقم اضطرابات حركة التجارة العالمية.

وقبل أيام توقع الصندوق ارتفاع حصيلة مصر من تدفقات النقد الأجنبي عبر خمسة مصادر خلال العام المالي الحالي بنحو 13.7 مليار دولار أو بنسبة 14.6 في المئة مقارنة بما كانت عليه في العام الماضي، وهو ما يعود بصورة أساس إلى استثمارات صفقة تطوير “رأس الحكمة”، متوقعاً تراجع إيرادات قناة السويس خلال العام المالي الحالي إلى 6.8 مليار دولار مقابل 8.8 مليار دولار خلال العام المالي الماضي بنسبة انخفاض تبلغ 22.7 في المئة، على أن تقفز إلى 10 مليارات دولار خلال العام المقبل.

تعافي أبطأ لتجارة السلع العالمية

كانت منظمة التجارة العالمية، توقعت تعافي تجارة السلع العالمية هذا العام، لكن بصورة أبطأ مما كان متوقعاً في السابق، في أعقاب تراجعها في عام 2023 للمرة الثالثة فقط في 30 عاماً، وحذرت من أخطار تقطيع أواصر حركة التجارة بسبب التوترات الجيوسياسية وتزايد الحمائية وتفاقم أزمة الشرق الأوسط، بعدما أدت الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر إلى تغيير في مسار التجارة بين أوروبا وآسيا.

وفي تقرير للمنظمة بعنوان “آفاق وإحصاءات التجارة العالمية”، رجحت أن يرتفع إجمال حجم التجارة العالمية 2.6 في المئة خلال عام 2024، و3.3 في المئة أخرى في عام 2025، وتأتي هذه التقديرات بعد انخفاض أكبر من المتوقع بنسبة 1.2 في المئة خلال عام 2023، إذ أثرت الضغوط التضخمية وارتفاع أسعار الفائدة في التجارة الدولية.

وقال كبير الاقتصاديين في منظمة التجارة العالمية رالف أوسا لسيلفيا أمارو إن “السبب في هذا الارتفاع هو في الأساس تطبيع التضخم وكذلك تطبيع السياسة النقدية، مما كان بمثابة ضغط على التجارة في عام 2023”. ومن المتوقع أن يكون انتعاش التجارة “واسع النطاق”، بما في ذلك في مختلف أنحاء أوروبا، التي شهدت بعضاً من أعمق الانخفاضات في أحجام التجارة في العام الماضي نتيجة للتوترات الجيوسياسية وأزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية في أوكرانيا.

وخلال العام الماضي، نمت حركة التجارة العالمية 0.2 في المئة فحسب، وهي أبطأ وتيرة منذ 50 عاماً، والتوقعات لهذا العام أكثر إشراقاً، إذ تقدر المؤسسات الدولية الكبرى أن المعدل سيرتفع إلى ما يراوح ما بين 2.7 و3.5 في المئة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى