بنوك

«الوطني»: إيرادات الاستثمارات الكويتية إلى مستوى قياسي

أفاد تقرير بنك الكويت الوطني بأن البيانات الأولية تشير إلى استمرار قوة الوضع الخارجي للكويت في عام 2023، رغم تقلص فائض الحساب الجاري في ظل انخفاض عائدات تصدير النفط، حيث كانت إيرادات الاستثمار قوية بشكل لافت نتيجة الأداء القوي للأسواق المالية في الخارج، في حين تراجعت تحويلات العاملين للخارج، فيما يعزى على الأرجح إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، وحالة عدم اليقين بشأن سعر صرف الجنية المصري.

وقال التقرير إن الحساب المالي واصل تسجيل تدفقات صافية كبيرة للخارج، وإن كانت أقل مما كانت عليه في العام السابق، نتيجة انخفاض الاستثمارات الخارجية، وتراجع ودائع المقيمين في الخارج. ومن المتوقع أن يصل فائض الحساب الجاري لمستويات مرتفعة على المدى المتوسط، نتيجة ارتفاع أسعار النفط، رغم أن انخفاض أسعار الفائدة العالمية، اعتباراً من النصف الثاني من عام 2024، قد يؤدي لتراجع العائدات على الودائع، مما يؤثر سلباً على بعض مقبوضات الإيرادات الاستثمارية.

وأضاف: «تقلّص فائض الحساب الجاري في عام 2023 إلى 15.8 مليار دينار (%31 من الناتج على أساس تقديري) مقابل 19.3 مليار دينار (%35 من الناتج) في عام 2022. وكانت هذه هي السنة السابعة على التوالي، التي يتم خلالها تسجيل فائض، وثاني أعلى المستويات المسجلة من حيث القيمة في عشرة أعوام. ويعزى التراجع المسجل في عام 2023 للانخفاض الملحوظ في فائض الميزان التجاري بسبب انكماش عائدات تصدير النفط (انخفض إنتاج النفط بنسبة %4.3ت وانخفضت أسعار النفط بنسبة %20)، وتراجع الصادرات غير النفطية وارتفاع الواردات (%16.8). وشكلت عائدات تصدير النفط نحو %93 من إجمالي الصادرات».

وذكر التقرير أنه كالعادة، ساهم العجز في حساب الخدمات في الحد من أثر فائض الميزان التجاري جزئياً، والذي اتسع إلى 5.9 مليارات دينار (%11.6 من الناتج)، في ظل نمو المدفوعات (%+10.8) بمعدل تجاوز نمو المقبوضات (%+6.8). وساهم عدد من العوامل في زيادة واردات الخدمات من ضمنها زيادة مشتريات السلع والخدمات الحكومية بنحو الضعف تقريباً، وارتفاع مدفوعات النقل، فضلاً عن زيادة إنفاق السكان على السياحة.

إيرادات الاستثمار

وأكد تقرير «الوطني» أن إيرادات الاستثمار، وهو البند الذي يعكس تدفقات الإيرادات من رأس المال المستثمر في الخارج، ارتفعت بنسبة %25 تقريباً في عام 2023 لتصل إلى 9.9 مليارات دينار، فيما يعد أعلى عائد سنوي وفقاً للبيانات المتاحة، الأمر الذي يُعزى إلى الأداء القوي للسوق المالية.

وتابع: «كما ارتفعت إيرادات استثمارات المحافظ والودائع المحتفظ بها في الخارج بنسبة %16.5 و%87 على التوالي على أساس سنوي، وذلك نتيجة الاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، مما ساهم في زيادة العائدات على الودائع المصرفية وسندات الخزانة القصيرة الأجل. وساهمت تلك المكاسب في الحد من تأثير انخفاض إيرادات الاستثمار المباشر في الخارج (%-18.5)، وذلك رغم أن انخفاض إيرادات الاستثمار لغير المقيمين من الأصول في الكويت (انخفض مؤشر السوق العام لبورصة الكويت بنسبة %6.5 في عام 2023) أدى أيضاً إلى رفع فائض حساب الدخل الأساسي».

وأوضح أن حجم إيرادات الاستثمار يعتبر كبيراً، نظراً لإمكانية تكونه في الغالب من عائدات الحكومة على استثماراتها الضخمة في الخارج، والتي تديرها الهيئة العامة للاستثمار. ويساوي إجمالي إيرادات الاستثمار نحو نصف الإيرادات التي تحققها الدولة من صادراتها النفطية، فيما نمت قيمته بأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بالعقد السابق، لتعادل نحو %19.7 من الناتج المقدر، إذ يلاحظ أن هذه الإيرادات التي يعاد استثمارها من قبل الهيئة العامة للاستثمار غير مدرجة ضمن حسابات الميزانية الرئيسية للحكومة، على الرغم من أنها تتجاوز العجز المالي السنوي البالغ 1 – 5 مليارات دينار، والمسجل في السنوات الأخيرة، باستثناء السنة المالية 2020/2021.

تحويلات العاملين للخارج

وكشف التقرير عن تقلّص عجز حساب الدخل الثانوي، الذي يعكس في الغالب الأموال، التي يقوم الوافدون بتحويلها إلى خارج الكويت، بشكل كبير في عام 2023. وانخفضت تحويلات الوافدين بنسبة %29، وصولاً لأدنى مستوياتها المسجلة في سنوات عدة عند 3.9 مليارات دينار. وقد يكون هذا الانخفاض ناجماً عن مزيج من العوامل، التي تتضمن ارتفاع تكاليف المعيشة المحلية بعد الجائحة، وتباطؤ تدفقات الوافدين في عام 2023، وعدم استقرار سعر الصرف الرسمي وغير الرسمي للجنيه المصري، مما تسبب على الأرجح في توقف العديد من الوافدين المصريين، ثاني أكبر الجاليات في الكويت، عن تحويل الأموال إلى بلادهم.

تدفقات الحساب المالي

على الجانب الآخر من ميزان المدفوعات، أفاد التقرير بأن القيمة الصافية لتدفقات الحساب المالي بلغت 15.5 مليار دينار في عام 2023 (%31 من الناتج)، مقابل 19.7 مليار دينار في العام السابق. ويعزى هذا الانخفاض بصفة رئيسية إلى تقليص الاستثمارات المباشرة في الأوراق المالية في الخارج، والتي انخفضت بأكثر من النصف إلى 3.4 مليارات دينار مقابل 7.8 مليارات دينار في عام 2022، وذلك في ظل تطلع المستثمرين إلى تحقيق مكاسب من الفائدة على الودائع المحلية.

ولفت التقرير إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت نما بنحو ثلاثة أضعاف تقريباً في عام 2023، إذ ارتفع من 232 مليون دينار في عام 2022 إلى 649 مليون دينار. وقد يكون هذا أفضل أداء للاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى الكويت منذ أكثر من عشرة أعوام، رغم أنه بالنظر إليه كنسبة تصل إلى %1.3 من الناتج، يعتبر هذا المبلغ متحفظاً مقارنة بنظرائه في دول الخليج.

انخفاض التدفقات المالية الخارجية

بيَّن التقرير أن تدفقات استثمارات محافظ الأوراق المالية إلى الخارج انخفضت، لتصل إلى 13.1 مليار دينار (%-7.6)، فيما يعزى بصفة رئيسية لانخفاض التدفقات الخارجية إلى صناديق أدوات الدخل الثابت الخارجية (أدوات الدين)، في حين ارتفعت التدفقات الخارجية إلى الأسهم الأجنبية إلى نحو 6.7 مليارات دينار. أما بالنسبة لبند «الاستثمارات الأخرى»، فإننا نلاحظ انخفاض تدفقات ودائع المقيمين في الخارج (بصفة رئيسية الحكومة العامة) إلى 1.1 مليار دينار مقابل 2.4 مليار دينار في عام 2022. وأخيراً، انخفض إجمالي الاحتياطيات الأجنبية لبنك الكويت المركزي بنحو 150 مليون دينار (+1.1 مليار دينار في عام 2022)، لكن إجمالي الاحتياطيات بقي كبيراً عند 14.6 مليار دينار، وهو ما يغطي واردات السلع والخدمات لأكثر من 3 أشهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى