مقالات اقتصادية

بول ديفيز: على “جيه بي مورغان” التعلم من “مورغان ستانلي” و”مانشستر يونايتد”

كتب أسامة صالح

اكتسب السير أليكس فيرغسون خلال 26 عاماً من إدارته لنادي “مانشستر يونايتد” الإنجليزي لكرة القدم شهرة عالمية في النجاح والقيادة، حتى أنه أصبح دراسة حالة في كلية هارفارد للأعمال. وعندما زار فيرغسون قاعة الدرس، لم يكن بها مكان للجلوس وكان جميع الحضور واقفين. ولكن، لسوء الحظ، عندما استقال في عام 2013، استمر عضواً بمجلس الإدارة، وهو ما كان له تأثير مشتت أعاق من خلفه في نظر النقاد. وبعد مرور عقد من الزمان، لم يقترب النادي من مستوى رصيده من الألقاب.

في هذه الحالة درس مستفاد للقادة الذين أمضوا وقتاً طويلاً في مواقعهم، هو أن يتركوا المنصب عندما يحين الوقت المناسب. لقد تعلم جيمس غورمان في بنك “مورغان ستانلي” هذا الدرس بالتأكيد، وينبغي على جيمي ديمون ومجلس إدارة بنك “جيه بي مورغان تشيس” أن يفكروا في ذلك خلال العامين المقبلين.

قال غورمان الأسبوع الماضي إنه سيترك منصبه كرئيس مجلس الإدارة التنفيذي للبنك في نهاية هذا العام، بعد أن سلم منصب الرئيس التنفيذي إلى تيد بيك في يناير.

إن مغادرة الموقع هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به لضمان أن يعرف الجميع في البنك من هو المسؤول. وأكد غورمان ذلك عندما تم إعلان ترقية بيك. وقال لزميلتي سونالي باساك على تلفزيون “بلومبرغ”: “بصراحة، لا ينبغي أن أبقى طويلاً لأن إدارة الشركة أصبحت مهمة تيد في الوقت الحالي”.

التسليم للقيادة الجديدة

وفي الأسبوع الماضي أيضاً، أشار ديمون بوضوح للمرة الأولى إلى أن فترة بقائه على رأس البنك الذي يقوده منذ عقدين تقترب من النهاية. في الماضي، كان يقول باستمرار إنه قد يستمر رئيساً تنفيذياً للبنك لمدة خمس سنوات أخرى. لكن ديمون البالغ من العمر 68 عاماً أخبر المستثمرين أن الجدول الزمني لم يعد طويلاً إلى ذلك الحد بعد الآن، على الرغم من أنه أثار إمكانية بقائه في منصب رئيس مجلس الإدارة لفترة من الوقت إلى جانب الرئيس الجديد.

يمكن أن يساعد ترك منصب الرئيس التنفيذي لتولي منصب رئيس مجلس الإدارة في عملية الانتقال، ولكن هذا الأمر ينجح عندما يكون تسليم القيادة سريعاً وواضحاً –ولا يستمر الرئيس المنتهية ولايته لفترة طويلة. فلا يرغب أي رئيس جديد في أن يشعر بأن رئيساً تنفيذياً سابقاً يخمن قراره ومآلاته، أو أن يتابع الموظفون الرئيس التنفيذي السابق بحثاً عن علامات الموافقة أو الرفض. إذ من السهل تدمير الرئيس التنفيذي الجديد إذا أمكن للمسؤولين التنفيذيين الآخرين الالتفاف حوله لمراجعة القرارات مع الرئيس السابق أيضاً.

ليس ذلك مجرد استنتاج بديهي، فقد نشرت شركة “سبنسر ستيوارت” (SpencerStuart) بحثاً في ديسمبر الماضي يقارن أداء الشركات الأميركية الكبيرة التي لديها رئيس مجلس إدارة تنفيذي، مع تلك التي ليس لديها هذا المنصب. وأشار البحث إلى أن الغالبية العظمى من رؤساء مجلس الإدارة التنفيذيين كانوا إما رؤساء تنفيذيين للشركة أو مؤسسين سابقين– وكان أداء أكثر من نصف تلك الشركات أضعف قليلاً من أداء نظرائها. وكتب مؤلفو البحث: “يكشف بحثنا هذا أن الشركات تميل إلى تحقيق أداء أفضل، كلما كانت فترة ولاية رئيس مجلس الإدارة التنفيذي أقصر (أي أقل من عام)”.

مخاطر استمرار القيادة السابقة

هناك الكثير من الأمثلة على أن بقاء الرئيس التنفيذي السابق لم يكن في مصلحة الشركة. ففي مجال الخدمات المصرفية، بقي ساندي ويل من “سيتي غروب” (الذي كان معلماً لديمون في فترة من الفترات) كرئيس مجلس إدارة، متجاهلاً خليفته في منصب الرئيس التنفيذي تشاك برينس بين عامي 2003 و2006.

ولم يتمكن برينس أبداً من التميز في منصبه، وفقد السيطرة على البنك الضخم الذي تصعب إدارته؛ ثم غادره في عام 2007 عشية الأزمة المالية العالمية مع تضخم خسائر “سيتي غروب” في قروض الرهن العقاري.

ومؤخراً في شركة “والت ديزني“، واجه الرئيس التنفيذي الناجح للغاية بوب إيغر مشكلة في التخلي عن منصبه أيضاً، حيث ظل رئيساً لمجلس الإدارة لمدة عامين، وقيل إنه شكك في القرارات التي اتخذها خليفته بوب تشابيك. وأخيراً ترك إيغر منصبه في الشركة، ولكنه عاد ليحل محل خليفته بعد ذلك بعام واحد فقط، وبعد أن تضررت “ديزني” بسبب الجائحة والمعارك السياسية في فلوريدا.

قد ترحب سوق الأسهم بمثل هؤلاء “الرؤساء التنفيذيين العائدين”، على الأقل في البداية، لكن ذلك دليل على أن الشركة قد تخبطت في عملية تسليم القيادة، كما كتبت بيث كويت من “بلومبرغ أوبينيون” في ذلك الوقت.

الرحيل الفوري ليس ضمانة للنجاح

بطبيعة الحال، لا يضمن الرحيل الفوري خلافة سلسة وصحية. فقد أصبح جيف إيميلت رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في اللحظة التي تقاعد فيها جاك ويلش من شركة “جنرال إلكتريك”، وقد أعرب ويلش لاحقاً عن أسفه الشديد لاختياره بديلاً له، حيث قال للكاتب ويليام كوهان: “لقد تعثرت وأخفقت تماماً”.

من الصعب دائماً إجراء عملية تسليم القيادة بطريقة صحيحة وناجحة بعد قيادة شخص واحد للمؤسسة لفترة طويلة. إذ يجب استشارة الرئيس المنتهية ولايته، فهو على الأرجح يعرف ما تحتاجه الشركة مثل أي شخص آخر. ولكن الخلافة هي مهمة مجلس الإدارة ومسؤوليته –ليس فقط في لحظة الاختيار، ولكن أيضاً في دعم الرئيس التنفيذي الجديد بعد ذلك.

وكثيرا ما قال ديمون إن الأمر متروك لمجلس إدارة “جيه بي مورغان” بشأن مدة بقائه ومن سيحل محله. لكن الجزء الأول المتعلق بالمدة كان دائماً قراره هو من الناحية الفعلية، أما الجزء الثاني المتعلق بمن سيخلفه، فينبغي أن يكون بالتأكيد قرار مجلس الإدارة. سوف يتوسل المستثمرون إلى ديمون حرفياً للبقاء، ولكن عندما يحين الوقت، وإذا بقي وتولى منصب رئيس مجلس الإدارة، يجب أن يتوسلوا إليه أن ينظر إلى غورمان وفيرغسون- وألا يستمر طويلاً في المنصب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى