اقتصاد كويتي

غازي النفيسي: الاستقرار السياسي يُعيد الثقة.. وينهض بالاقتصاد

رأى مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة الصالحية العقارية، غازي فهد النفيسي، أن قطر والإمارات والسعودية، تفوقت على الكويت، نظراً لما تتّسم به هذه الدول من مرونة وسهولة في العمل التجاري، في حين تحتاج الكويت للكثير، آملاً أن تعود البلاد إلى ريادتها في مجالات الاستثمار والاقتصاد وغيرها، وأن تستعيد موقعها على الخريطة.

واعتبر النفيسي، خلال حلقة حوار ضمن برنامج «الجوهر» للتدريب الإعلامي، أن الاستقرار السياسي وتهدئة الأمور وتبنّي الحكومة لبعض المشاريع وتفعيلها، من شأن ذلك أن يعيد الثقة بالبلاد ويؤدي إلى تعافي الاقتصاد.

وأسف رجل الأعمال كون «الدول العربية كلها مغلوبة على أمرها. كلها رهينة للغرب، ولا نظرة موحدة وخطط للمستقبل، علماً أن بناء الدول يحتاج لوقت أطول بكثير من تشييد الأبنية والعقارات».

كلام النفيسي جاء خلال البرنامج الذي تنظمه أكاديمية لوياك للفنون – «لابا»؛ بهدف تعزيز تمكين الشباب من إعداد وإقامة حلقة حوارية ناجحة، حيث ضم مشاركين من الكويت ولبنان وسلطنة عمان، تحت إشراف الإعلامي زافين قيومجيان.

شخصية ريادية

في مستهل اللقاء، رحّب زافين بضيف «الجوهر»، واصفاً إياه بـ«الشخصية الريادية المؤثرة في الاقتصاد والأعمال في الكويت والعالم العربي»، قائلاً: «رجل أعمال صاحب رؤية ومدرسة في الأخلاق والتجدد، وصاحب تاريخ عريق، وها هي شركة الصالحية تحتفل بنصف قرن من العمل والتطوير».

وتطرق المشارك أحمد علي يعقوب إلى المسيرة العقارية والاستثمارية التي رسمت تاريخ النفيسي، رغم انحداره من عائلة دبلوماسية سياسية وتخرجه في مجال هندسة الطيران.

وفي هذا الصدد، يقول مؤسس ونائب رئيس المجموعة البترولية المستقلة غازي النفيسي: «راودتني فكرة العمل في مجال العقارات والمناقصات، عند عودتي إلى الكويت بعد تخرجي، حيث فاجأني والدي بشراء البيت المجاور، وواصلتُ عملي في مجال البترول مدة 12 سنة، لكن شغفي بقي مع البناء، فكان أن أسسنا شركة الصالحية عام 1974. وحظيتُ بثقة المؤسسين، وهم بمصاف الوالد الراحل. وتمسكت بحس الالتزام والمسؤولية تجاه أموالهم وعقاراتهم وتفويضهم».

مجمع «الصالحية»

استعرض النفيسي نشأة مجمع «الصالحية»، كأول مجمع تجاري في الخليج، حيث تغيّرت معه ثقافة التسوق في الكويت والخليج، متأسفاً لما شهدته الأسواق القديمة في البلاد من «عملية طمس».

وقال النفيسي: «انبثقت الفكرة من مصمم صربي، وتطورت من عملية جمع مبانٍ إلى أن أصبح على شكل مجمع يشهد اليوم عملية توسع. كما كان لأحد أصدقائي، وهو مهندس، الفضل الكبير في نشأته».

أزمة المناخ

تطرق النفيسي إلى أزمة المناخ في رده على المشارك مساعد المنصور، قائلاً: «إن التحديات لم تكن غير طبيعية، وهي تتطلب الصبر والاستمرارية وتفهم الطرف الآخر، للتغلب عليها»، مضيفاً: «كانت أزمة المناخ من أبرز التحديات، وهي أزمة أخلاق، حيث وقفت الحكومة للأسف موقف المتفرج، ومَن كنا نظن أنهم مسؤولون، دمروا الشعب والبلد وخلقوا مشاكل عديدة، انعكست على السوق والعقود ومصالح الناس وكل المجالات. غير أننا لم نتخذ الدروس والعِبر من هذه الأزمة».

الغزو العراقي

أشار النفيسي أن الغزو العراقي كانت له تداعيات، وشكَّل أزمة كبيرة للوطن، وترك أثراً شديداً على الكويت، مبيناً «رغم أن الشعب الكويتي مسالم، لكنهم دخلوا علينا بالجيوش. والأزمة الكبرى أن إخواننا العرب لم يصدر منهم أي موقف يوازي مستوى الحدث. لقد كان وضعي أفضل من غيري، كون أهلي وعائلتي كانوا خارج البلاد».

الأزمة المالية

وعن التحدي المتمثل بالأزمة المالية العالمية عام 2008، قال النفيسي: «حاولنا استغلال الفرص وتوظيف الأموال في الاستثمارات، ومع الأزمة تأثرت استثماراتنا بشكل كبير. غير أن «الصالحية» تخطت حينها المرحلة. وأخيراً تأثرنا كذلك بتداعيات جائحة كورونا».

الشغف والمثابرة

تحدث النفيسي عن ذهابه إلى مصر مع جده عام 1951، بعد أن تطرقت المشاركة آية البيطار إلى طفولة الضيف وحياته الشخصية، حيث درس هناك في مدرسة إنكليزية، وقال: «اندلعت ثورة 1952 وكنا حينها في لبنان، ومع اندلاع حرب السويس عام 1956 عدنا إلى الكويت. ثم سافرت إلى إنكلترا»، مستذكراً علاقته الطيبة مع والده، ومع أولاده وأحفاده، معرباً عن أن طموحه الدائم هو «راحة البال».

وربط رئيس مجلس إدارة اتحاد أصحاب الفنادق الكويتية، نجاحاته وإنجازاته المتنوعة، بأنه كان يقوم بأعماله بروح الشغف والمثابرة، معتبراً أن «التقاعد هو لمَن يشعر بأنه موظف، وأنا لست موظفاً بل إنسان مسؤول».

تمكين المرأة

حول سؤال المشارِكة صفاء الوهيبية بخصوص تمكين المرأة العربية والخليجية، رأى النفيسي أن دعم المرأة الكويتية في مجال الأعمال وتمكينها في الأدوار القيادية، «أمر طبيعي»، مشيراً: «المرأة تحصّل الشهادات والكفاءات كي تعمل. لا أفكر بالجندر، إنما بالكفاءة في مجال الأعمال، وأمنح أبنائي وبناتي فرصاً متكافئة وأساندهم في تذليل العوائق».

وأبدى النفيسي امتنانه لما تعلمه من جدته، التي تولت تربيته بعد وفاة والدته، وقال: «تعلمت منها كل شيء في الحياة، واكتسبت معاني الصدق والأمانة والإخلاص».

عملية «7 أكتوبر»

في سياق إجابته المشاركة حنين درويش، اعتبر النفيسي أن «عملية 7 أكتوبر كان من الممكن أن تحدث في أي وقت. إنها عملية متوقعة، لا بد منها في قضية لا تجد حلاً منذ سنوات. لقد خدمت القضية وحركتها، كونها هزت العالم بالفعل وغيّرت المفهوم السائد وتفكير الكثيرين، رغم العدد الكبير من الضحايا والدمار الهائل».

وتابع: «لمسنا الاهتمام الأكبر لدى الغرب، كونه أدرك أخيراً حقيقة القضية، بعد أن كان الكيان الصهيوني يسيطر على الرأي العام العالمي. لذلك نرى تظاهرات في جامعات وجمعيات كبرى، لوقف الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني»، واصفاً الأوضاع في لبنان بـ«المقلقة والمخيفة»، آملاً أن يستعيد لبنان «عزه».

تكامل اقتصادي

عن إمكانية أن ينجح الاقتصاد والاستثمار في توحيد العرب، الذين لم توحدهم السياسة، قال النفيسي: «لو كان هناك تكامل اقتصادي فعّال يسهم بربط مصيري بين الدول العربية، لكان بالإمكان فرض العديد من الأمور على السياسيين. فالدول الأوروبية لا تربطها لغة ولا ثقافة، ورغم ذلك توحدت، وأخيراً وقفت كلها مع أوكرانيا».

وعن القائد العربي الذي يحتاجه عالمنا، قال: «هناك الكثير من القادة والمفكرين المؤهلين، ولا أفضل تحديد اسم معين حتى لا أظلم أحداً».

ميناء الفاو

عن رأيه بمشروع مدينة الحرير، كشف النفيسي عن عدم معرفته بتفاصيل المشروع وسبل التمويل. وعمّا إن كان ميناء الفاو الكبير سيضيّع فرص إنشاء ميناء مبارك الكبير، مبيناً: «ميناء الفاو سينافس الكويت، لكن لا أعتقد أنه سيبصر النور، لأن إيران لم تدخله، فمن يحكم العراق فعليًّا هم الميليشيات. إنه مشروع مرحلي لن يستمر».

الضرائب والخصخصة

أبدى النفيسي موافقته على الضرائب والخصخصة، قائلاً: «نظراً لقدرة القطاع الخاص على التطوير. وقد شاهدنا خصخصة الكهرباء في السعودية. كما أنه من الضروري عدم الاعتماد على النفط، والسعي لتفعيل العمل في الكيماويات، وهو مجال واسع جدًّا».

الطموح السياسي

كشف النفيسي لطلاب «الجوهر» أنه لم يطمح يوماً لمنصب سياسي، ونصح الشباب الكويتي وأصحاب الشركات الناشئة بتحديد أهدافهم، وإدراك أن الوصول إليها يتطلب التركيز على آلية العمل والاستمرارية. وقد يستغرق ذلك سنوات، لكن ما من شيء صعب.

وعن القاعدة الذهبية في إدارة الأعمال التي أورثها لنجله عبدالعزيز، قال: «أن يكون قدوة لغيره، يعمل وفق قناعاته، يحفز الموظفين ويقف عند هواجسهم، يلتزم بالوقت ولا يلازم مكتبه فحسب.. بذلك، يكون مديراً ناجحاً».

وليد النصف: النفيسي.. صاحب رؤية وبصيرة

تحدث رئيس تحرير جريدة القبس، الزميل وليد النصف، عن معرفته الطويلة بالنفيسي، منذ خمسين عاماً في العمل وقبله، ووصفه بأنه صاحب رؤية وبصيرة، وقال: «دائماً ما أستشيره في الأمور الصعبة وأتعلّم منه، وأثق بصدق نصحه وصواب قراره. وقد نصحني مرة بالتشبث بمنصب كبير، عُرض عليّ، رغم نصح الكثيرين لي برفضه، فقد رأى أن الجميع يملك المال، لكن لا يملك السلطة، وقد ثبتت صحة رأيه».

فارعة السقاف: النفيسي.. مصدر إلهام

استذكرت فارعة السقاف أيام الغزو، فقالت: «كنت أعمل مع غازي في شركة الاستثمارات الوطنية، وكان يتسابق مع الحكومة ليبلغنا أن رواتبنا ستصل في موعدها، رغم أن الأرصدة الكويتية كانت مجمدة بسبب أحداث الغزو. كان همه وهاجسه توفير رواتب الموظفين في هذه الفترة العصيبة».

وتابعت: «كنت أول امرأة كويتية تعمل في شركة الاستثمارات الوطنية، وكان النفيسي يحرص على دعمي وتمكيني وتشجيعي في كل مرحلة من مراحل العمل. كان يتابع المشاريع عن كثب، وكان عملي معه من أهم تجاربي، حيث استفدت الكثير وبما يتخطى استفادتي من أي وظيفة أخرى».

وختمت السقاف بالقول: «كل هذه الخبرات التي مدني بها غازي كانت أحد أهم مصادر إلهامي لتأسيس لوياك».

«ثريا لآلئ».. أكبر ثريا معلقة في العالم

أشاد المشارك طلال منيف ببصمة النفيسي في البلاد، وتطرق إلى دخول الكويت مجموعة «غينيس» بأكبر ثريا معلقة في العالم، من خلال «ثريا لآلئ» في مجمع العاصمة، حيث علَّق النفيسي «أن الرغبة تمحورت حول بناء ما يرمز إلى دور الكويت ويرتبط بتاريخها. فكان أن التقيت صدفة الشركة التشيكية التي شيدت الثريا الضخمة في أوبرا دبي، وانطلقنا بمشروعنا. ركزنا على ما تتميز به الكويت من الغوص على اللؤلؤ والتجارة البحرية. فنحن لسنا عبارة عن صحراء، بل تم بناء أكثر من 300 سفينة في الكويت على يد كويتيين اشتهروا بالتجارة بين العراق والهند وباكستان وعدن وأفريقيا».

حلقات حوارية ناجحة

يُذكر أنّ برنامج «الجوهر» للتدريب الإعلامي، البرنامج الأول من نوعه في المنطقة، أطلقته أكاديمية لابا لوياك في عام 2020 بهدف تمكين الشباب العربي من أسس إعداد وتقديم حلقات حوارية ناجحة وتدريبه على أبجديات الإعلام على يد نخبة من الإعلاميّين العرب المحترفين، وتتوج الورش التدريبية بمحاورة ضيوف رياديّين تركوا بصمة واضحة في شتّى المجالات في الوطن العربي. حيث بلغ عدد ورش «الجوهر» التدريبية حتى اليوم 45 ورشة، وزاد عدد مستفيديه على 450.

وينفّذ برنامج الجوهر في موسمه الخامس برعاية شركة المركز المالي الكويتي (المركز)، جريدة «الجريدة»، شركة الصناعات الهندسية الثقيلة وبناء السفن (هيسكو) وفندق فوربوينتس شيراتون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى