مقالات اقتصادية

المستثمرون يفرون من باريس إلى لندن وسط مخاوف من الاضطرابات السياسية

كتب أسامة صالح

استعادت لندن تاجها كأكبر سوق للأوراق المالية في أوروبا من باريس، التي عانت الاضطرابات السياسية في فرنسا. وتبلغ القيمة الإجمالية للشركات المدرجة في سوق الأسهم في بريطانيا 2.54 تريليون جنيه استرليني (3.22 تريليون دولار)، بحسب ما تظهر بيانات من “فاكت سيت”، ما يكفي لإعادة لندن إلى مستوى أعلى من باريس، التي تبلغ قيمة أسهمها مجتمعة 2.49 تريليون جنيه استرليني (3.16 تريليون دولار).

وتفوقت باريس على لندن قبل 18 شهراً، لكن قرار الرئيس ماكرون بالدعوة إلى انتخابات مبكرة أثار قلق المستثمرين وأذكى مخاوف السوق من فوز الأحزاب السياسية الأكثر تطرفاً.

وقال كبير الاقتصاديين الأوروبيين في بنك “جيفريز الاستثماري”، موهيت كومار، لصحيفة “الغارديان”، “يبدو أن التصويت السياسي يتحول بعيداً من الوسط نحو أقصى اليسار أو أقصى اليمين. من وجهة نظرنا، السوق محقة في القلق في شأن صورة العجز والديون في فرنسا وتوقف عملية الإصلاح.”

خسارة بالمليارات للشركات المدرجة في سوق باريس

فقدت نحو 187 مليار جنيه استرليني (237.3 مليار دولار) من قيمة الشركات المدرجة في باريس الأسبوع الماضي، إذ أثارت الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة اضطراباً في سوق الأسهم، وكانت بعض أكبر البنوك الفرنسية، التي تمتلك مخزونات كبيرة من السندات الحكومية من بين الأكثر تضرراً، كما انخفضت أسهم “سوسيتيه جنرال” و”بي أن بي باريبا” و”كريدي أجريكول” بأكثر من 10 في المئة الأسبوع الماضي.

من جانبه حذر كبير الاقتصاديين في بنك “بيرينبيرغ” هولجر شميدينغ من أن فوز حزب التجمع الوطني اليميني بزعامة مارين لوبن يمكن أن يؤدي إلى “أزمة مالية على غرار أزمة ليز تراس”، في حين اختلف فنسنت مورتييه، كبير مسؤولي الاستثمار في “أموندي”، أكبر شركة استثمار في أوروبا مع هذا الطرح.

وانخفض مؤشر “كاك 40″، موطن أكبر الشركات المدرجة علناً في فرنسا، بنسبة خمسة في المئة تقريباً الأسبوع الماضي، مما محا جميع المكاسب التي حققها حتى الآن في عام 2024، بعد أن سجل مستوى قياسياً جديداً قبل بضعة أسابيع فحسب. وسجل مؤشر FTSE 100 رقماً قياسياً الشهر الماضي، على رغم الانحراف قليلاً منذ ذلك الحين، إلا أنه تمكن من الاحتفاظ بمعظم المكاسب التي حققها هذا العام، وهو متقدم بأكثر من خمسة في المئة عما بدأه في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وكان صعود المؤشر بقيادة بعض كبار المصدرين مثل “يونيليفر” و”شل”، ممن كانوا مدعومين بآفاق تحسن النمو العالمي، في حين جعل التعافي السريع في سوق السفر بعد الوباء شركة “رولز رويس” صانعة المحركات النفاثة من بين أكبر الرابحين في لندن.

عدم اليقين السياسي

وعلق محللو سوق الأوراق المالية أنه مقارنة بالدول الأخرى التي تتجه إلى صناديق الاقتراع هذا العام، بما في ذلك فرنسا، فإن الصورة السياسية في بريطانيا أكثر تأكيداً، نظراً إلى تقدم حزب العمال الواسع في استطلاعات الرأي. وفي الوقت نفسه سلط عديد من عروض الاستحواذ الضوء على التقييمات المنخفضة نسبياً في لندن، التي يتوقع المحللون تحسنها، فالعرض الذي قدمته شركة “بي أتش بي” بقيمة 39 مليار جنيه استرليني (49.5 مليار دولار) لشراء شركة “أنغلو أميركان” زميلتها في مجال التعدين، فشل في نهاية المطاف، لكنه أعقب سلسلة من عروض الاستحواذ على شركات بريطانية، فيما دفعت شركة الحلوى الأميركية “مارس” 534 مليون جنيه استرليني (667.9 مليون دولار) مقابل “هوتيل تشوكليت غروب” وهي شركة بريطانية لتصنيع الشوكولاتة ومزارع الكاكاو في نهاية عام 2023، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف ما اعتقدت سوق الأسهم أنه يستحقه في ذلك الوقت.

وأدت حالة عدم اليقين السياسي في فرنسا إلى تفاقم المشكلات التي تواجه دور الأزياء الكبرى، بما في ذلك “لوي فيتون كيرينغ” ممن تواجه تباطؤ المبيعات بعد التمتع بطفرة ناجمة عن الإغلاق.

ولا يتعجل المحللون لدفع العملاء لبدء شراء الأسهم الفرنسية مرة أخرى، وقال كبير استراتيجيي الأسهم الأوروبية في بنك “باركليز”، إيمانويل كاو، الأسبوع الماضي، “بالنظر إلى المعضلة السياسية غير العادية في الوقت الحالي والأخطار الرئيسة العالية من الآن وحتى الانتخابات، لا نرى أي سبب للتسرع في الشراء عند الانخفاض”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى