اقتصاد دولي

بينها ملفات “شائكة”.. كيف سيكون أداء “المالية” المصرية مع الوزير الجديد؟

لم يكن اختيار أحمد كجوك وزيراً للمالية المصرية في حكومة الدكتور مصطفى مدبولي الثانية قراراً مفاجئاً أو مستبعداً في ضوء المنصب الذي كان يشغله، خاصة أنه أدار ملفات ومفاوضات دولية مهمة، مع عدد من الجهات المختلفة وأهمها صندوق النقد الدولي.

تولى “كجوك”، الذي عمل خبيراً اقتصادياً لدى البنك الدولي بالقاهرة في الفترة من 2013 حتى 2016، منصب نائب وزير المالية لشؤون السياسات المالية في الحكومة السابقة منذ مارس 2016 وحتى تكليفه وزيرا للمالية.

وخلال تلك الفترة لعب “كجوك” دوراً في ملف تفاوض مصر مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض الـ12 مليار دولار، والقرض الجديد بقيمة 8 مليارات دولار.

في أول تصريح رسمي له بعد أداء اليمين الدستورية الأربعاء الماضي، قال كجوك إنه سيتم مواصلة مسار الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري لتحفيز نمو القطاع الخاص وزيادة مساهمته ودوره في النشاط الاقتصادي بوصفه قاطرة التنمية الشاملة والمستدامة.

وأكد على السعي لدفع مبادرات تشجيع الإنتاج والتصدير وتعظيم المكون المحلي في الصناعة وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية.

واتفق عدد من بنوك الاستثمار، تحدثت معهم “العربية Business”، أن تولي كجوك منصب وزير المالية، سيكون له انعكاسات إيجابية على بعض الملفات، لكن في نفس الوقت أكدوا على وجود تحديات تتطلب وتيرة أسرع في تطبيق سياسات الإصلاح.

مستقبل السياسة المالية مع الوزير الجديد

استبعدت محللة الاقتصاد الكلي، منى بدير، حدوث تغيير في السياسات المالية الفترة المقبلة، خاصة أن وزير المالية الجديد أحمد كجوك شغل منصب نائب للوزير لأعوام سابقة.

وأوضحت أن برنامج الإصلاح المالي والاقتصادي المتبع حالياً، متفق عليه مسبقاً ومحدد بأوقات زمنية، كما أن كجوك كان المفاوض الرئيسي والممثل عن وزارة المالية في مفاوضات صندوق النقد، وهو ما يجعلة الأكثر دراية ببنود برنامج الإصلاح والآليات المتبعة لتطبيقه.

واتفقت معها كبيرة محللي الاقتصاد الكلي بشركة سي آي كابيتال، سارة سعادة، وقالت إن السياسة المالية ومستهدفاتها واضحة ومحددة بمواقيت تنفيذ، مستبعدة حدوث تغيّرات ملحوظة، ولكنها أكدت على أن خبرة كجوك ومناصبه السابقة تدعم عمليات تنفيذ السياسات المالية الخاصة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي.

وقالت رئيس قسم البحوث في بنك الاستثمار زيلا كابيتال، آية زهير، إن تولي كجوك وزارة المالية أمر إيجابي بحكم كفاءته وخبرته ومعاصرته لمشاهد سواء اقتصادية أو سياسية تجعله قادرا على قراءة الموقف الاقتصادي بشكل جيد.

وأكدت على أن هناك اتفاقا مسبقا بتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي جاد قادر على خفض العجز وإدارة الدين الحكومي، بجانب كبح معدلات التضخم.

وأشارت زهير إلى أن التعديل الوزاري بشكل عام أحد التوصيات والإجراءات اللازمة لتنفيذ الإصلاح الاقتصادي، وبالتأكيد سينعكس إيجابياً على خطوات التنفيذ الفترة المقبلة.

الديون والدعم.. أهم الملفات على أجندة الوزارة

قال المحلل المالي الأول في شركة “النعيم المالية”، هشام حمدي، إن عجز الموازنة العامة للدولة من أهم التحديات التي تواجه وزارة المالية، وذلك في ظل تزايد ونمو تكلفة الإنفاق، مما يتطلب تنمية موارد الدولة مع ترشيد الإنفاق والحفاظ على تحقيق فائض أولي متزايد، وتسجيل معدلات نمو مرتفعة.

وأشار إلى أن ملف هيكلة الدعم من أكثر الملفات تعقيداً، لتطلبه تنسيقا واسعا مع وزارات وجهات حكومية متشابكة.

في حين ترى “سعادة” أن خفض الانفاق الاستثماري وزيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية واستهدافات زيادة الفائض الأولي، أهم بنود الإصلاح المالي الفترة المقبلة.

وقالت “بدير” إن استمرار الخطوط الرئيسية للسياسات المالية لا يعني اتباع نفس خطوات التطبيق، مشيرة إلى أن هناك حاجة لتسريع وتيرة الإصلاحات، والعمل على حل التشابكات المالية، وتوسيع القاعدة الضريبية من دون تحميل أعباء جديدة على نفس الوعاء الضريبي، مما يتطلب مزيدا من التخطيط والتنسيق مع وزارات وجهات أخرى.

“يعتمد الإصلاح المالي منذ عام 2014 على ترشيد النفقات، في ظل عدم نمو الإيرادات التي تنخفض قيمتها من الناتج المحلي الإجمالي، لذا من الضروري العمل على توليد إيرادات جديدة تستخدم في دعم ملف الإصلاحات الاقتصادية”، بحسب بدير.

من المقرر أن تعمل وزارة المالية على تنفيذ استراتيجية محددة أكثر استهدافًا لسرعة بدء خفض معدل دين أجهزة الموازنة العامة للدولة لأقل من 80% من الناتج المحلي بحلول يونيو 2027.

وحدد مجلس الوزراء سقفًا لدين أجهزة الموازنة العامة للدولة في السنة الجديدة بمبلغ 15.1 تريليون جنيه، وبنسبة 88.2% من الناتج المحلي، مقارنة بنسبة 96% في العام المالي 2022/ 2023. ولا يمكن تجاوز هذا “السقف” إلا في الحتميات القومية وحالات الضرورة بموافقة رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء، ومجلس النواب.

ثقة المستثمرين

“تعيين كجوك وزيرا للمالية مؤشر مطمئن لتنفيذ سياسات برنامج الإصلاح الاقتصادي، خاصة أنه أحد أهم الممثلين الحكوميين في اتفاقيات صندوق النقد الدولي”، بحسب بدير.

وأوضحت المحللة المالية، على أن استمرار كجوك في منصب قيادي في ظل تحسن بعض مؤشرات الاقتصاد والنظرة المستقبلية لوكالات التصنيف الائتماني نحو مصر يمنح ثقة في استمرارية والحفاظ على مؤشرات التحسن الفترة المقبلة.

“كجوك وجه معروف للمستثمرين بحكم التواصل المستمر معهم والرد على استفسارات بعضهم الفترة الماضية، لذا توليه وزارة المالية من المحتمل أن يكون أحد محفزات تهيئة مناخ الاستثمار” وفقا لكبير محللي سي آي كابيتال.

ومنح السجل الوظيفي الطويل في المؤسسات الدولية لكجوك القدرة على طرح حلول ومقترحات مبتكرة مع المؤسسات الدولية للوصول إلى أفضل نتائج، فضلاً عن تمتعه بعلاقات جيدة مع ممثلي تلك المؤسسات وظهرت خلال مشاركته بالاجتماعات والمؤتمرات الدولية التي تشارك بها مصر وخاصة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وتولى كجوك أيضًا منصب المتحدث الرسمي لوثيقة “سياسة ملكية الدولة” التي تعتبر المحور الأهم في الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري وارتباطها الوثيق ببرنامج الطروحات، وإتاحة المزيد من الفرص الجاذبة للاستثمارات الخاصة، ودفع جهود تعزيز المنافسة بين القطاعين الخاص والعام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى