مختارات اقتصادية

لماذا تقوم شركة للطاقة المتجددة ببناء أكبر طائرة في العالم؟

تسعى شركة الطاقة الأمريكية راديا Radia إلى بناء طائرة ويندرنر (WindRunner)، والتي تعتبر أكبر طائرة في العالم من حيث الحجم.

هذه الطائرة لم يتم تصميمها لنقل الركاب أو البضائع، إنما الهدف من بنائها هو نقل شفرات توربينات الرياح العملاقة إلى المواقع البرية النائية، ما يسهل إنشاء المزيد من مزارع الرياح.

وعادة عندما تتردد كلمة “الطيران” يرتبط هذا بالتأثير البيئي السلبي الذي تخلفه رحلات الطيران حول العالم من انبعاثات.

لكن “مارك لوندستورم” يسعى لتغيير هذا الأمر، بصفته المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة راديا، وسيمكن هذا المشروع، المعروف باسم ويندرنر، من نقل شفرات توربينات الرياح العملاقة إلى المواقع البرية.

وتسعى الشركة لبناء تلك الطائرة من أجل خدمة مشروع جيجاويند، والذي بموجبه سيتم إنشاء جيل جديد من توربينات الرياح البرية الضخمة التي يمكنها زيادة قدرة شبكة الطاقة بشكل كبير، وخفض أسعار الطاقة، وتجنب كميات هائلة من انبعاثات الكربون.

وفي حديث له في برنامج (لقاء مع القائد) التابع لمنتدى الاقتصاد العالمي، تحدث “لوندستروم” حول تطوير هذه الطائرة والتوربينات، والدوافع وراء عمله في مجال الطاقة النظيفة، أوضح خلاله العديد من التفاصيل عن المشروع بأكمله.

ما هو جيجاويند؟

جيجاويند هو الاسم الذي تطلقه راديا على توربينات الرياح البرية العملاقة، والتي تعد أقوى بكثير من التوربينات التقليدية. ويرجع ذلك أساساً إلى شفراتها الدوّارة الأكبر حجماً، التي تسمح لها بتوليد المزيد من طاقة الرياح، إلى جانب قدرتها على العمل على ارتفاعات أكبر وبسرعات رياح أقل.

وتقول الشركة إنه مع أسطول “ويندرير”، يمكن لهذا المشروع إضافة ما يصل إلى 216 جيجاواط إلى شبكة الولايات المتحدة، وتوفير ما يصل إلى 40% من إجمالي توليد الكهرباء هناك بحلول عام 2050، وفقًا لتقرير حديث صادر عن شركة الاستشارات ديسولف.

وتذكر شركة راديا أن جيجاويند يمكنه خفض أسعار الطاقة في الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 16%، وتقليل انبعاثات الشبكة بنسبة 15-31%، وتجنب ما يصل إلى 760 مليون طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً.

وقال “لوندستروم”: إن العالم يعرف كيفية صنع توربينات الرياح البحرية. وهذه فرصة لجلب توربينات عملاقة إلى المواقع البرية حيث يكون السوق أكبر بـ10 أو 20 مرة، وسنكون قادرين على تقليل تكلفة الرياح البرية بنحو الثلث، وقادرين أيضاً على مضاعفة مساحة محطات الرياح في العالم ثلاث مرات بما يجعلها مجدية اقتصادياً”.

وأضاف أن العالم بحاجة إلى معرفة كيفية صنع (معدات) طاقة رياح برية أرخص، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي استخدام التقنيات القائمة والقدرة على إعادة نشر تلك الاختراعات العظيمة التي تم تطويرها لطاقة الرياح البحرية ونقلها للمواقع البرية.”

شفرات بحجم برج إيفل

ولكن ما العوائق التي تعوق انتشار هذه التقنيات؟ في هذا الإطار قال “لوندستروم” إن الأمر يتعلق بالحجم، موضحاً أن الشيء الوحيد الذي يقف حائلاً أمام تطبيق مشروع جيجاويند هي التوربينات الضخمة البرية وكيفية نقلها.

وأصبحت التوربينات ضخمة جدًا بحيث لا يمكن وضعها تحت الجسور، أو عبر الأنفاق، ولهذا السبب تكون الشفرات في نطاق 70 مترًا أو نحو ذلك على الشاطئ، بينما يبلغ طولها في البحر أكثر من 100 متر أي بطول برج إيفل تقريباً.

وتعتزم “راديا” أن يكون لديها أسطول كبير إلى حد ما يعمل قبل عام 2029، على أن تتم الرحلات الجوية الأولية قبل ذلك بوقت طويل.

ووفقاً لخطط الشركة فإنه بعد أن يتم تصنيع الأسطول الأوّلي من الطائرات، ستكون لديها قواعد تشغيلية حول العالم تخدم مساحات برية مختلفة. وعبر قواعد التشغيل تلك، ستكون قادرة على التوصيل إلى مدى يصل إلى 2000 كيلومتر، لتقديم المزيد والمزيد من التوربينات في العالم، ما يدعم مشروعها لنشر المزيد من التوربينات الأكبر حجماً.

تفاصيل الطائرة

ولا تزال “ويندرنر” قيد التطوير، لتكون أكبر طائرة في العالم، وعن هذا يقول “لوندستروم” إن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تصميم طائرة لتحسين الحجم بدلاً من الوزن، ولذا فهي فريدة جداً بمعنى أنها لا تزال قادرة على نقل كتلة كبيرة، 70 طنًا، ولكن حجمها يبلغ نحو 12 مرة من الطائرات الحالية، وهذا يعني أن عنبر الشحن يمكن أن يحمل شفرة يزيد طولها على 100 متر.

ونظرًا لأن مزارع الرياح تُبنى عادةً في مواقع نائية، فستكون الطائرة قادرة على الهبوط على مهابط طائرات قصيرة وغير معبّدة.

ورغم أن “ويندرنر” تعد فريدة من حيث حجمها وقدراتها على الهبوط في مناطق أقل تمهيداً من الطائرات التجارية العادية، فأنها ستعتمد تكنولوجيا الطيران المستخدمة حالياً ولن تتبنى تقنيات مختلفة.

وقال”لوندستروم” إن شركته أخذت بشكل أساسي المكونات الجاهزة التي تم اعتمادها بالفعل في عالم الطيران والتي يتم إنتاجها بكميات كبيرة، وقامت بتصميم طائرة تتمحور حول ذلك.

وأفاد بأن ذلك سيجعل مخاطر الطائرة أقل قليلاً من معظم مشاريع الطائرات، لأنها تستخدم أشياء تعمل بالفعل في عالم الطيران ومعتمدة من قبل المؤسسات المتخصصة.

الطاقة المتجددة

في عام 2023، حقق العالم إنجازاً جديداً في مجال الطاقة النظيفة، إذ تم توليد أكثر من 30% من الاحتياجات العالمية من الكهرباء من مصادر متجددة أبرزها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وفقاً لدراسة حديثة أصدرتها مؤسسة إمبر الرائدة في أبحاث الطاقة.

واعتبرت المؤسسة هذا الإنجاز خطوة رئيسية تجاه تحقيق الهدف العالمي بتوليد 60% من الكهرباء من مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2030.

وخلال العام نفسه، مثّلت الطاقة الشمسية للعام الـ19 على التوالي أسرع المصادر المتجددة نمواً، إذ سجلت معدل نمو بلغ 28.8% خلال الفترة من 2014 حتى 2023، مقابل 13.8% لطاقة الرياح، و5.6% للطاقة الحيوية، و1.1% للطاقة الكهرومائية.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينمو الطلب العالمي على الكهرباء بمعدل أسرع خلال السنوات الثلاث المقبلة مع تزايد سرعة التحول إلى الطاقة النظيفة، مع تغطية جميع الطلب الإضافي المتوقع من خلال التقنيات التي تنتج كهرباء منخفضة الانبعاثات، وفقاً لتقرير جديد صادر عن وكالة الطاقة الدولية.

ومن المقرر أن تشكل مصادر الطاقة المتجددة أكثر من ثلث إجمالي توليد الكهرباء بحلول أوائل عام 2025، متجاوزة الفحم، وبحلول العام نفسه متوقع أيضاً أن يصل توليد الطاقة النووية إلى أعلى مستوى له على الإطلاق على مستوى العالم مع ارتفاع إنتاج فرنسا، وعودة العديد من المحطات في اليابان إلى العمل، وبدء مفاعلات جديدة عملياتها في العديد من الأسواق، بما في ذلك الصين والهند وكوريا وأوروبا.

يأتي هذا في وقت توقع تحليل حديث، أجرته الجمعية الأمريكية للطاقة النظيفة، عدم قدرة الولايات المتحدة على بلوغ أهداف توليد الطاقة من الرياح البحرية بحلول عام 2030.

ووفق بيانات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، من المتوقع أن تصل قدرات الرياح البحرية إلى نحو 14 جيجاواط بحلول نهاية العقد الجاري، لكن ذلك يقلّ بأكثر من النصف عن وعد الرئيس جو بايدن بالوصول إلى قدرات 30 جيجاواط في الموعد نفسه.

ومن المتوقع استثمار 65 مليار دولار في مشروعات الرياح البحرية في أميركا بحلول عام 2030، لتوفر 56 ألف فرصة عمل.

كما تقول الجمعية في “تقرير سوق الرياح البحرية” لعام 2024، إن مشروعات الرياح البحرية ستجلب مكاسب اقتصادية لصناعة بناء السفن المحلية والبنية الأساسية للموانئ والأنشطة الأخرى المرتبطة بسلسلة التوريد.

المصادر: أرقام- منتدى الاقتصاد العالمي- مؤسسة إمبر لأبحاث الطاقة- وكالة الطاقة الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى