مقالات اقتصادية

هل تنذر خسائر “الإثنين الأسود” بانهيار أوسع؟

كتب أسامة صالح

صدمت الأرقام التي ظهرت على شاشات التداول أمس الإثنين الجميع، بمن فيهم المخضرمون في أسواق الأسهم العالمية، ففي طوكيو انخفض مؤشر “نيكاي” 12 في المئة، وفي سيول هبط مؤشر “كوسبي” تسعة في المئة، وعندما دق جرس الافتتاح في نيويورك هبط مؤشر “ناسداك” ستة في المئة في ثوان، وغاصت العملات المشفرة وارتفع مؤشر “”VIX، وهو مقياس لتقلبات سوق الأسهم، وتكدس المستثمرون في سندات الخزانة، التي تعد الأصل الأكثر أماناً على الإطلاق.

وعلى رغم موجة الذعر التي اجتاحت الأسواق العالمية أمس، يبقى من المستحيل معرفة ما إذا كانت التقلبات العنيفة تشير إلى الضربة الأخيرة لموجة البيع العالمية التي بدأت تتشكل الأسبوع الماضي أو تشير إلى بداية ركود طويل الأمد. واليوم الثلاثاء ارتدت بعض الأسواق الأكثر تضرراً، إذ قفزت المؤشرات الرئيسة في اليابان بأكثر من 10 في المئة.

ولكن شيئاً واحداً كان واضحاً، وهو أن الأعمدة التي دعمت مكاسب الأسواق المالية لسنوات – مجموعة من الافتراضات الرئيسة التي كان المستثمرون في جميع أنحاء العالم يعتمدون عليها – اهتزت، إذ بدت بعض الشيء ساذجة، فالاقتصاد الأميركي لا يمكن إيقافه، والذكاء الاصطناعي سيحدث ثورة في الأعمال بسرعة في كل مكان، واليابان لن ترفع أسعار الفائدة أو لن ترفعها بما يكفي لتكون ذات أهمية.

ضربة ثلائية مفاجئة

هزت الضربة الثلاثية المفاجئة المستثمرين وجعلتهم يرون فجأة الأخطار الكامنة، وفي غضون ثلاثة أسابيع محيت نحو 6.4 تريليون دولار من أسواق الأسهم العالمية.

وقال رئيس قسم الاقتصاد والاستراتيجية في بنك “ميزوهو” في سنغافورة فيشنو فارتان لـ”بلومبيرغ”، “إنه الانهيار العظيم في لغة المتداولين، محاولة اختيار اللحظة المناسبة لشراء أصل يتهاوى تشبه محاولة الإمساك بسكين ساقط، وهناك سكاكين ساقطة في كل مكان”.

موجة الذعر وتعطيل عجلات النمو المالي

قد تخلق موجة الذعر الحاصلة في الأسواق أخطاراً كبيرة وصغيرة، أبرزها استمرار موجة البيع لفترة طويلة من دون رقابة، وهو ما يمكن أن يعطل عجلات النظام المالي، ويبطئ الإقراض ويكون القشة الأخيرة التي تدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود الذي يخشاه كثيرون الآن، وهو ما دفع مجلس الاحتياط الفيدرالي للدعوة إلى بدء خفض أسعار الفائدة حتى قبل الاجتماع المقرر التالي للسياسة في سبتمبر (أيلول) المقبل. وفي سوق السندات أدى الاندفاع نحو سندات الخزانة قصيرة الأجل لفترة وجيزة إلى دفع العوائد على السندات ذات العامين من دون تلك على السندات ذات السنوات الـ10 للمرة الأولى منذ أكثر من عامين، وتعرف هذه الحالة بـ”إزالة الانعكاس”، إذ عاد منحنى العائد لشكله المعتاد مرة أخرى، وهي حركة ترى عادة كإشارة على ركود وشيك.

ذكريات “الإثنين الأسود”

بالنسبة إلى إد يارديني، وهو اقتصادي تابع الأسواق عن كثب لأكثر من نصف قرن، أعاد الانهيار المفاجئ في الأسواق ذكريات “الإثنين الأسود” في عام 1987، وهو انهيار ليوم واحد خفض 23 في المئة من مؤشر “داو جونز”، وكان مخيفاً لكن، كما يلاحظ يارديني، لم يكن في النهاية نذيراً للهلاك الاقتصادي.

في ذلك الوقت “كان التلميح أن الاقتصاد كان في حالة ركود أو على وشك الوقوع في الركود، ولكن لم يحدث ذلك على الإطلاق”، بحسب ما يقول يارديني، الذي يدير شركة “يارديني” للأبحاث، لـ”بلومبيرغ”، مضيفاً “كان الأمر يتعلق أكثر بالداخلية السوقية، وأعتقد أن الشيء نفسه يحدث هنا”.

أمس اهتزت الأسواق بفعل مخاوف الركود المبكر، واشتعلت هذه المخاوف في أوائل العام الماضي أثناء ذعر مصرفي قصير العمر، لتتلاشى بسرعة عندما واصل الاقتصاد الأميركي تقدمه، وانتعشت سوق الأسهم بقوة من الضربة التي تلقتها في عام 2022، لكن التحول في المزاج العالمي كان حاداً في الأيام الأخيرة، مما حطم الهدوء المعتاد لأواخر الصيف وعرقل خطط العطلات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى