مختارات اقتصادية

مقابل دعمه في انتخابات الرئاسة .. هل يحاول ماسك ابتزاز ترامب؟

خلال المقابلة التي طال انتظارها بين “إيلون ماسك” والمرشح الجمهوري للرئاسة “دونالد ترامب”، شوهد الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا” وهو يرشح نفسه لوظيفة مستقبلية في البيت الأبيض تحت إدارة “ترامب” المحتملة.

وأشار “ماسك” -خلال المقابلة التي امتدت لقرابة ساعتين مع الرئيس السابق على منصة التواصل “إكس”- إلى أنه يرغب في العمل في لجنة خفض التكاليف.

وقال “إيلون ماسك”: “أعتقد أنه سيكون من الرائع أن تكون لدينا لجنة كفاءة حكومية تنظر في هذه الأشياء وتضمن فقط إنفاق أموال دافعي الضرائب بطريقة جيدة”، وأضاف “سأكون سعيداً بالمساعدة في مثل هذه اللجنة”.

من جانبه رحب “ترامب” مباشرة باقتراح “ماسك” الانضمام إلى إدارته القادمة للمساعدة في خفض الهدر الحكومي، قائلاً “أنت أعظم مخفض (للتكاليف)، أحتاج إلى شخص يتمتع بالكثير من القوة والشجاعة والذكاء”.

عرض الملياردير نفسه على “ترامب” لتولي وظيفة مستقبلية في البيت الأبيض وموافقة الأخير، أثار تساؤلات بشأن أسباب سعي واحد من أغنى أثرياء الأرض لتولي تلك الوظيفة.

وهو ما دفع البعض للقول إن الملياردير الأمريكي كان يحاول “ابتزاز” الرئيس الأمريكي السابق ودعمه في الترشح مقابل الحصول على بعض المكاسب، ومن بينها تلك الوظيفة.

تحول العلاقة بين ماسك وترامب

العلاقة الودودة التي بدت بين “ماسك” و”ترامب” خلال لقاء شهد عودة الأخير إلى منصة “إكس” بعد حظره لأكثر من ثلاث سنوات، ينطبق عليها المثل القائل “ما من محبة إلا من بعد عداوة”.

ظهر هذا جلياً في كلمات الإطراء التي تبادلها الطرفان، وقال “ماسك”، وهو منتقد سابق لـ”ترامب”، إن صلابة المرشح الجمهوري، كما يتضح من رد فعله على إطلاق النار في محاولة اغتياله الشهر الماضي، “حاسمة” للأمن القومي.

كما أبدى “ترامب” إعجابه بـ”ماسك” وطريقة إدارته حينما وصفه بأنه “أعظم مخفض”، في وقت حملت منصة “ترامب” للتواصل الاجتماعي “تروث سوشيال” العديد من الانتقادات لإكس في وقت سابق.

كما وافق “ماسك” على زعم “ترامب” بأن منافسته في انتخابات الرئاسة من الديمقراطيين “كامالا هاريس” كانت يسارية متطرفة، وأطرى على ضيفه قائلا إنه “قوي” مقابل “خصومه الديمقراطيين الضعفاء”.

وفي لقاء الاثنين أيضاً، أيد “ماسك” الرئيس الأمريكي السابق بالفعل في الانتخابات الرئاسية، وبالطبع رغبته في فوزه بولاية ثانية، وقال “أنت (ترامب) الطريق إلى الرخاء، وأعتقد أن “كامالا” هي العكس”.

ورغم هذا فإنه بعد اللقاء بساعات قال “ماسك” في منشور عبر حسابه “تسعدني استضافة “هاريس” على إكس أيضاً.

ومن غير الواضح إذا كانت هاريس ستوافق على تلك الدعوة أم لا، وفي حال الموافقة فإن هذا قد يمثل مزيداً من النجاح لـ”ماسك” الذي يحاول إعادة البريق لمنصته للتواصل الاجتماعي التي تعرضت للكثير من المصاعب بعد استحواذه عليه.

كما يضمن تواصلاً مباشراً لـ”ماسك” مع منافسة “ترامب” في حال عدم نجاح الأخير في الوصول إلى البيت الأبيض.

دعم مسبق لترامب

ويبدو أن دعم “إيلون ماسك” للرئيس السابق يتجاوز البث المباشر والتأييد على وسائل التواصل الاجتماعي.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الاثنين، نقلاً عن أشخاص مطلعين على الأمر، أن دعم “ماسك” السياسي لـ”ترامب” شمل الجلوس في اجتماعات لمحاولة معرفة كيفية جذب المزيد من الناخبين لانتخاب المرشح الجمهوري في صناديق الاقتراع.

وأفادت الصحيفة أن “ماسك” كان يعقد اجتماعات أسبوعية لمدة ساعة مع المستشارين والمنتمين لمنظمة “أمريكا بي إيه سي”، وهي منظمة مؤيدة للرئيس الأمريكي السابق.

وركزت الاجتماعات، التي بدأت في الربيع، على زيادة نسبة الإقبال على التصويت للمرشح الجمهوري في الولايات المتأرجحة، وفقاً للصحيفة.

وستكون العديد من الولايات المتأرجحة، بما في ذلك بنسلفانيا وأريزونا وويسكونسن وميشيجان، حيوية لـ”ترامب” ونائبة الرئيس الأمريكي “كامالا هاريس” خلال سباق الانتخابات المقرر في نوفمبر المقبل.

من جانبه، نفى الملياردير الأمريكي أنه يصب الملايين في حملة “ترامب”، عندما ذكرت صحيفة “ذا جورنال” الشهر الماضي أن “ماسك” يخطط للتبرع بمبلغ 45 مليون دولار شهرياً لمنظمة “أمريكا بي إيه سي”.

في مارس، قال “ماسك” أيضاً في منشور على منصة إكس إنه لم يكن “يتبرع بالمال لأي من المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة”.

كما أنه في مايو الماضي، دحض تقريراً لنفس الصحيفة قالت فيه إن “ماسك” تحدث إلى “ترامب” بشأن الانضمام إلى إدارته، وكتب في منشور على حسابه أنه “لم تكن هناك أي مناقشات حول دور لي”.

لكن عودة طرح “ماسك” فكرة خدمته في لجنة كفاءة خفض الإنفاق الحكومي خلال بثه المباشر مع “ترامب” ليلة الإثنين تعيد تلك المزاعم على الساحة.

يحتاجه لدعم منصته

في منشور مثبت على منصة إكس، زعم “ماسك” أن لقاءه مع “ترامب” حقق ما يقرب من مليار مشاهدة، رغم أن منصة إكس نفسها، لم يكن متواجداً عليها سوى 1.3 مليون شخص في وقت الذروة للقاء.

بالإضافة إلى ذلك، لم يكن لدى إكس سوى 251 مليون مستخدم نشط يومياً عالمياً في الربع الثاني من عام 2024، وكان العديد منهم مستغرقين في النوم أثناء إجراء اللقاء.

وتقول مجلة “وايرد” الأمريكية إن المقابلة لم تتضمن أي شيء جديد، لكن بالنسبة لـ”ماسك”، الذي كان يائساً من عودة “ترامب” إلى “إكس”، مثّلت المقابلة تتويجاً ناجحاً لسنوات من العمل لجذب شخصية بحجم الرئيس السابق لمنصته مرة أخرى.

وعلى مدار الأشهر الاثني عشر الماضية، خسرت “إكس” 18% من مستخدميها، ومنذ استحواذ “ماسك” عليها غادر ما يقرب من ربع مستخدمي المنصة.

وأضافت المجلة أنه منذ اللحظة التي اشترى فيها إكس (تويتر سابقاً) في نوفمبر 2022، بذل كل ما في وسعه لجعل المنصة أكثر ترحيبا بـ”ترامب”.

وأزال “ماسك” فريق الثقة والسلامة الذي حظر الرئيس الأمريكي السابق في الأصل، ورحب مرة أخرى بمؤيديه الأكثر حماسة، بحسب ما ذكرته المجلة.

وفي الشهر الماضي، في أعقاب محاولة اغتيال “ترامب”، أيد “ماسك” أخيراً المرشح الرئاسي للحزب الجمهوري.

وحظرت المنصة “ترامب” بعد هجوم 6 يناير 2021 على مبنى الكونجرس الأمريكي من قبل حشد من أنصاره.

مكاسب متبادلة

يرى البعض أن المحادثة الودية بين قطب الأعمال والرئيس السابق، أظهرت المكاسب التي يمكن أن يجنيها كل طرف من الآخر.

فأنصار “ترامب” أشادوا بظهوره مجدداً على “إكس” باعتباره عودة إلى المنصة التي ساعدته في تأمين النصر في عام 2016، لكن من غير الواضح ما إذا كان الرئيس السابق سيعود بكامل نشاطه على المنصة ويستأنف النشر بإيقاعه المعتاد.

في حين مثّل هذا اللقاء فرصة ذهبية لـ”ماسك” الذي لديه عدة شركات، من بينها “سبيس إكس”، وهي شركة رئيسية في برنامج الفضاء الأمريكي، وتسلا، التي تصنع المركبات الكهربائية، والتي قد تتأثر بالتغييرات في سياسة الحكومة.

وأنه في حال فوز “ترامب” بالانتخابات فإن مثل هذه المقابلة سيكون لها أثر إيجابي على مصالح “ماسك” لتمتزج السلطة مع المال.

وشكّل اللقاء مثالاً قوياً على الطريقة التي تحولت بها السياسة نحو وسائل التواصل الاجتماعي وتفكك الصحافة التقليدية.

فربما لم يكن “ترامب” ليصبح رئيساً بدون “تويتر” حينها، حيث تزامن ظهوره كقوة سياسية في عام 2016 مع ذروة الموقع حيث استغل “الوسيلة الجديدة” لدعم موقفه الانتخابي.

المصادر: أرقام- ذا أكونوميك تايمز- مجلة وايرد- وول ستريت جورنال- سي إن إن- بيزنس إنسايدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى