مقالات اقتصادية

صناديق التحوط… صانع فوضى “الإثنين الأسود” في أسواق الأسهم العالمية

كتب أسامة صالح

تعزى الفوضى التي تسببت في تراجع الأسهم الذي هز الأسواق المالية أول من أمس الإثنين إلى الهرب العالمي من قبل صناديق التحوط التي كانت تستفيد من استراتيجية الاقتراض الرخيص.

وعانت اليابان من هرب كامل من الأسهم، إذ انخفضت أسعار الأسهم بنسبة 12 في المئة، وامتدت الهزات إلى جميع أنحاء العالم، مع تراجع أسعار الأسهم في لندن ثم “وول ستريت” بصورة حادة وسط هرولة لتقليل الأخطار في المحافظ المالية وجمع السيولة النقدية.

محيت بضعة تريليونات الدولارات من قيمة الأسهم عالمياً، بينما شمل عدم اليقين أيضاً عالم العملات المشفرة، إذ هبط سعر “بيتكوين” بنسبة تصل إلى 15 في المئة في مرحلة ما، ومع ذلك، استعادت “بيتكوين” تعافيها وأغلق آخر تداولاتها عند 54102 دولار.

وقال محللون، إنه على رغم أن ضعف بيانات سوق العمل في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي والتشكيك في تقييمات أكبر مجموعات التكنولوجيا الأميركية قد يفسر بعض السلبية، إلا أن تعثر المستثمرين الذين يستخدمون تقنية “تداول الين” هو ما أثار ذعر هائل.

وقال كبير استراتيجيي العملات في بنك “سوسيتيه جنرال”، لصحيفة “التايمز”، “لا يمكنك إنهاء أكبر تداول للين في العالم من دون أن تتسبب في كسر بعض الرؤوس”.

انخفاض أسهم أكبر 99 شركة مدرجة

وكانت صناديق التحوط تقترض بانتظام بالين ثم تشتري أصولاً ذات عوائد أعلى، سواء كانت يابانية أو غير يابانية، لتحقيق أرباح سهلة، ولكنها تفاجأت بزيادة قدرها 12 في المئة في قيمة الين خلال أقل من شهر، مما جعل سداد الدين أكثر كلفة.

وفي لندن، أنهى مؤشر (FTSE 100) الإثنين بانخفاض 166 نقطة، أي أكثر من اثنين في المئة، ليصل إلى 8008 نقاط، وهو أسوأ انخفاض في النقاط خلال يوم واحد منذ منتصف مارس (آذار) من العام الماضي. وانخفضت أسهم 99 من أصل أكبر 100 شركة مدرجة، مع استثناء واحد فقط، وهي شركة “هيليون”، الشركة التي تنتج معجون الأسنان “سنسوداين” التي خالفت الاتجاه.

وفي “وول ستريت”، أغلق مؤشر “أس أند بي 500” بانخفاض 160.23 نقطة أو ثلاثة في المئة، ليصل إلى 5186.33 نقطة، وهو أسوأ يوم له منذ منتصف سبتمبر (أيلول) 2022، كما تراجع مؤشر “ناسداك” المركب الذي يركز بصورة كبيرة على التكنولوجيا، بمقدار 576.08 نقطة أو 3.4 في المئة، ليصل إلى 16200.08 نقطة، ودخل الآن في منطقة التصحيح بعد أن انخفض بنسبة 13 في المئة عن أعلى مستوى قياسي له في الـ10 من يوليو (تموز) الماضي.

أسهم التكنولوجيا ترفع الخسائر

زادت بعض من أكبر أسهم التكنولوجيا زادت من حجم الخسائر، إذ انخفضت أسهم “أمازون” بنسبة 4.1 في المئة، وتراجعت أسهم “إنفيديا” التي تصمم رقائق الذكاء الاصطناعي، بنسبة 6.4 في المئة أخرى، وتهبط الآن بنسبة 29 في المئة عن أعلى مستوى لها في يونيو (حزيران) الماضي، وتفاقمت أحدث انخفاضات الأسهم بعد إفادة بأن شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات وموردها الرئيس، تواجهان تحديات في الإنتاج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حين نجت القليل من الأسواق من ضغط البيع، أنهى مؤشر “كاك 40” في فرنسا اليوم منخفضاً بنسبة 1.4 في المئة، بينما انخفض مؤشر “DAX” الألماني بنسبة 1.8 في المئة، ووصل مؤشر تقلبات الخيارات في شيكاغو، المعروف باسم “مؤشر الخوف”، إلى أعلى مستوى له منذ مارس 2020، عندما سجل 85.47 مع بدء الجائحة العالمية، وتجاوز المؤشر موقتاً 65 نقطة قبل أن ينخفض إلى نحو 40 نقطة.

وكانت أسوأ خسائر الأسهم في اليابان، إذ سجل مؤشر “نيكاي” أكبر انخفاض له في النقاط خلال يوم واحد، منخفضاً بمقدار 4.451 نقطة، أو 12.4 في المئة، ليصل إلى مستوى 31458، وهو أكبر انخفاض بنسبة مئوية منذ عام 1987.

انهيارات مئوية في أكبر العلامات التجارية

وعانت بعض من أكبر العلامات التجارية في العالم، مثل “تويوتا” و”هوندا”، من انهيارات مئوية في أسهمها، ويرجع ذلك جزئياً إلى القلق من أن الين الأقوى سيقلل من قدرتها التنافسية الدولية.

ويبدو أن الزيادة الملحوظة في قيمة الين، التي تعززت الأسبوع الماضي عندما رفعت بنك اليابان سعر الفائدة الأساسي للمرة الثانية فقط في 17 عاماً، فاجأت المستثمرين الذين يسعون إلى الفرص.

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في “بلو باي” لإدارة الأصول مارك داودينغ، إنه يعتقد أن عدداً من صناديق التحوط الكبرى، التي تراهن على أسعار العملات والأوراق المالية، ضبطت بشكل غير صحيح في صفقة ما”.

وفي حين أدت السياسة النقدية اليابانية المفرطة التسهيل إلى ازدهار الاقتراض عبر الحدود بالين لتمويل الصفقات في أماكن أخرى، وفقاً للبنك الهولندي “آي أن جي”.

وأشارت البيانات الرسمية من بنك التسويات الدولية إلى أن هذه الممارسة قد زادت بمقدار 742 مليار دولار منذ نهاية 2021، كما لاحظ البنك.

وبدأ أحدث تراجع في الأسواق الجمعة الماضي عندما جرى الاستفادة من ضعف بيانات الوظائف كدليل على تباطؤ الاقتصاد الأميركي، وكان أكبر تراجع في الأسواق الكبرى في ذلك اليوم هو أيضاً في اليابان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى