اقتصاد كويتي

«الوطني للثروات»: الاستثمار المستدام يسعى إلى تحقيق عوائد مالية

قالت مجموعة الوطني للثروات، ضمن سلسلة مقالات قيادة الفكر، إن الاستدامة وفقاً لتعريف الأمم المتحدة هي «تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرات أجيال المستقبل على تلبية احتياجاتها»، إذ غالباً ما يشار إلى الاستثمار المستدام باسم الاستثمار المسؤول اجتماعياً، أو الاستثمار الأخلاقي، أو الاستثمار وفقاً لمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

وأوضحت المجموعة أن نهج الاستثمار المستدام يسعى إلى تحقيق عوائد مالية، مع خلق تأثير اجتماعي أو بيئي إيجابي، حيث تدمج تلك الإستراتيجيات الاستثمارية عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، ضمن قرارات الاستثمار لإدارة المخاطر بشكل أفضل، وتحقيق عوائد مستدامة طويلة الأجل.

وأضاف: «في عام 1971 تم تأسيس صندوق باكس العالمي PAX، وهو أول صندوق استثمارات مشتركة مسؤول اجتماعياً SRI، حيث حرص على تجنب الاستثمار في الشركات المنتجة للأسلحة والتبغ أو الشركات المشاركة في حرب فيتنام. وخلال حقبة الثمانينيات، ضغط المستثمرون بشكل متزايد على الشركات لسحب استثماراتها من جنوب أفريقيا بسبب نظام الفصل العنصري».

وتابعت: «في مستهل الألفية الجديدة بدأت تتحدد ملامح الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، حيث اكتسب هذا النوع من الاستثمار زخماً قوياً من جانب المستثمرين المؤسسيين والأفراد. وفي وقتنا الحالي، أصبح الاستثمار المستدام من الاتجاهات السائدة، حيث يسعى عدد متزايد من المستثمرين إلى مواءمة محافظهم الاستثمارية مع قيمهم الأخلاقية. ووفقاً للتحالف العالمي للاستثمار المستدام GSIA، بلغت قيمة أصول الاستثمار المستدام المدارة 30.3 تريليون دولار في عام 2022».

التأثير البيئي

وبيَّنت المجموعة أن العديد من الشركات استشعرت أهمية تقديمها لاستثمارات تفيد البيئة والمجتمع والشركة نفسها، إذ يتطلب هذا النوع من الاستثمار النظر في العديد من العوامل، التي تتضمن التأثير البيئي للشركة، ومعاملة الموظفين، والممارسات الإدارية.

وأشارت إلى أنه عندما تعطي الشركات الأولوية لهذه الاعتبارات، فإنها لا تقدم مساهمات إيجابية تجاه العالم فقط، بل ينعكس ذلك بالنفع عليها وعلى مساهميها أيضاً. بالإضافة الى ذلك بدأ المستثمرون في استخدام نفوذهم بشكل متزايد لتعزيز التغيير الإيجابي لسلوك الشركات من خلال مشاركتهم وتفاعلهم كمستثمرين نشطين.

دور جوهري

وأفادت المجموعة: «يعد قياس التأثير البيئي والاجتماعي والمؤسسي من الأمور الضرورية، نظراً لاهتمام المستثمرين بالحصول على هذه المعلومات لتقييم استثماراتهم، وتحديد ما إذا كانت قد حققت التأثير المطلوب. وشهدنا تحسناً في توافر بيانات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وجودتها بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي، إلا أنه ما زالت هناك بعض التحديات، حيث يواجه المستثمرون في كثير من الأحيان صعوبات في الحصول على بيانات متسقة وقابلة للمقارنة وموثوقة في ما يتعلق بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية».

وزادت: «علماً بأن توافر إطار تنظيمي أكثر انسجاماً من شأنه أن يجعل مقاييس الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية أكثر قابلية للمقارنة. وتلعب العديد من الأطراف، بما في ذلك الجهات التنظيمية والمستثمرون والمنظمات غير الحكومية دوراً جوهرياً في تطوير هذا الإطار».

معايير الإفصاح

وأوضحت المجموعة أن تحسين معايير الإفصاح عن قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وجعلها أكثر اتساقاً، سيساهم في الحد من ظاهرة التحايل على مبادئ حوكمة الاستدامة فيما يعرف بالغسل الأخضر أو Greenwashing، والتي تحدث عندما تقوم الشركات أو مديروا الاستثمار بتضليل المستهلكين أو المستثمرين في ما يتعلق بتأثير منتجاتهم المستدام على البيئة أو المجتمع للاستفادة من الطلب المتزايد على هذا النوع من المنتجات.

من جهة أخرى، يعد دمج عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ضمن الإستراتيجيات الاستثمارية بشكل متزايد من الاتجاهات الرئيسية للاستثمار المستدام، كما تزايدت أهمية تقييم المخاطر وفرص الاستثمار المتعلقة بالتغير المناخي، وكذلك الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون. وقد تواجه الشركات التي تفشل في التكيف مع اقتصاد منخفض الكربون مخاطر تنظيمية، وزيادة في تكاليفها التشغيلية، إلى جانب إمكانية الإضرار بسمعتها، في حين تعمل الشركات التي تنجح في تطبيق مبادئ الاستدامة على خلق قيمة لمستثمريها. ومن جانب آخر، يلعب نمو السندات الخضراء دوراً هاماً في تمويل الانتقال إلى اقتصاد مستدام.

واختتمت: «يتميز الاستثمار المستدام بقدرته على إحداث تغيير إيجابي كبير، حيث يمكن لمجتمع الاستثمار أن يلعب دوراً جوهرياً في معالجة بعض القضايا الأكثر إلحاحاً في عصرنا، مما يضمن الازدهار الطويل الأجل للجميع. إلا أن النجاح في هذا المسعى يتطلب من المستثمرين والشركات والمشرّعين العمل سوياً لاقتناص الفرصة لخلق مستقبل أكثر استدامة وإنصافاً».

نمو الاستثمار المستدام

رجَّحت المجموعة أن يستمر نمو الاستثمار المستدام مدعوماً بالعديد من العوامل، بما في ذلك:

1 – زيادة الوعي بالتحديات العالمية.

2 – التطورات التنظيمية.

3 – التقدم التكنولوجي.

4 – تغير ميول المستثمرين.

5 – الاستمرار في دمج عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ضمن إستراتيجيات الاستثمار الرئيسية.

6 ـ التركيز على التغييرات المناخية والقضايا الاجتماعية.

7 – تعزيز بيانات وتحليلات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

8 – ترسيخ اتجاهات الاستثمارات ذات التأثير الاجتماعي ستظل من الاتجاهات المهمة للاستثمار المستدام في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى