اقتصاد دولي

صناعة الطاقة الكهروضوئية الأوروبية في عنق الزجاجة

تكافح القارة الأوروبية من أجل التعامل مع أزمة نقص الطاقة غير المسبوقة وفي وقت تسعى فيه إلى تسريع مشاريع الطاقات المتجددة فإن آلافاً من الألواح الشمسية تنتظر تشغيلها في المستودعات في جميع أنحاء أوروبا.

وبعد الحرب الروسية-الأوكرانية، ارتفعت أسعار فواتير الكهرباء، مما وفر الأسباب لتسريع التحول إلى الطاقة المتجددة.

إلى ذلك، ارتفع الطلب على الطاقة الشمسية من المنازل والشركات بصورة كبيرة، كما تزايد المعروض من البطاريات لتلبية هذا الطلب، لكن اتضح وجود أزمة رئيسة تتلخص في عدم توفر عدد كاف من المهندسين وعملة البناء لتثبيت وحدات الأسقف بسرعة كبيرة لمواكبة تقدم الطلب.

يشار إلى أنه في بيانات التصدير الخاصة بكبار مصنعي الألواح الشمسية في العالم، كانت هناك أيضاً طلبات متراكمة لم تسلم.

وفي الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يوليو(تموز) 2022، بلغ إجمال مبيعات الصين إلى أوروبا 14.2 مليار دولار، أو نحو 54 مليار واط، وهو ما يكفي لتوفير الكهرباء لأكثر من 16 مليون أسرة ألمانية وتجاوز التوقعات لكامل عام 2023 وهو 41 مليار واط من القدرات المركبة في أوروبا.

وقال مدير السياسات في رابطة الصناعة الكهروضوئية الأوروبية دريس آكي، إن “قدرات التركيب للطاقة الكهروضوئية في أوروبا ستتطور، وإذا كان الجميع يتطلعون إلى تركيب الألواح الشمسية، فيمكنهم الحصول على الألواح الشمسية لاحقاً، مما سيرفع من هذه القدرات”.

واستدرك “لكن تكمن المشكلة في أن تركيب الألواح الشمسية على الأسطح مشاريع تتطلب عمالة كثيفة”.

من جهته، أشار المحلل دانييل تيبينغ إلى أن الانقطاع بسبب عدم توفر العدد الكافي لموظفي التثبيت كان أكثر شيوعاً أثناء بناء محطات توليد الطاقة الواسعة النطاق في المؤسسات العمومية.

ويهدد افتقار ألمانيا إلى العمالة المؤهلة بطء التحول إلى الطاقة المتجددة، مما يشكل عائقاً كبيراً أمام خطط الحكومة الألمانية المستقبلية في هذا المجال.

وكشفت دراسة أجرتها مؤسسة “برتلسمان” عن وجود فجوة كبيرة في المهارات اللازمة لتحول ناجح في مجال الطاقة في ألمانيا.

وتواجه البلاد عجزاً يقدر بنحو 300 ألف عامل مؤهل، وهو رقم يمثل تحدياً حقيقياً، لا سيما في قطاعي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

تحديات قطاع البناء

وحول مهن البناء والتشييد على سبيل المثال، يبدو أن عدداً من العمال المؤهلين لتركيب الأسطح التقليدية يفتقرون إلى المهارات اللازمة لتركيب الأنظمة الفوطوضوئية الحديثة، مما يجعل واحداً من كل أربعة عمال متخصصين في بناء الأسطح مطلوباً من قبل شركات الطاقة الشمسية.

ومع ذلك، فإن معدل المطابقة بين مهارات البناء التقليدية وتلك اللازمة لتركيبات الطاقة الشمسية لا يتجاوز 0.71 في المئة.

وفي مجال طاقة الرياح، تكون المهارات المطلوبة أكثر تحديداً، ويبلغ معدل مطابقة المهارات في هذا القطاع 0.77 في المئة في حين أن المعدل الخاص بكهربائي البناء أقل من ذلك عند 0.64 في المئة. ولا يتعين على هؤلاء العمال المتخصصين تركيب توربينات الرياح وحسب، بل يجب عليهم أيضاً صيانتها، وهي مهمات تتجاوز بكثير التركيبات الكهربائية التقليدية.

الحاجة إلى التدريب المتخصص

وقالت محللة سوق العمل في مؤسسة “برتلسمان” جانا فينغرهوت أن “هذه الاختلافات في المهارات المطلوبة تظهر أنه لا تكفي زيادة عدد العمال المؤهلين، بل من المهم أيضاً أن يتمتعوا بالمؤهلات المناسبة للمهمات الخاصة بقطاعات الطاقة المتجددة”.

وأصرت فينغرهوت على أن التدريب المتخصص والمستهدف ضروري، سواء للأشخاص الذين أكملوا بالفعل التدريب المهني أو لأولئك الذين لديهم خبرة من دون مؤهلات معترف بها.

وافتتحت “Holaluz-Clidom” إحدى أكبر شركات تركيب الأسطح في إسبانيا، كلية لتدريب العمال للعمل على حل مشكلة نقص العمالة.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة كارلوتا بي أموروس، إن “تركيب النظام الشمسي على السطح كان يستغرق نحو 180 يوماً قبل عام، لكنه يستغرق الآن 45 يوماً وحسب”.

وأظهر مؤشر القوى العاملة المؤهلة، الذي وضعه بنك التنمية الألماني”KfW” بالتعاون مع معهد “إيفو”، أن 35 في المئة من الشركات تعتقد أن نقص العمالة المؤهلة يعوق أنشطتها التجارية.

وعلى رغم أن نقص العمالة هو عنق الزجاجة الرئيس لصناعة الطاقة الكهروضوئية الأوروبية الحالية، فإن تراكم بطاريات الألواح في روتردام، أكبر ميناء في أوروبا، يشير أيضاً إلى أزمة اللوجيستيات، ويعني النقص في الرقائق أن بعض اللوحات تفتقر إلى العاكسات المستخدمة لإدارة الطاقة.

وقال الرئيس التنفيذي لمنصة تجارة الطاقة الشمسية الألمانية مارتن شاشينغر، إنه “إذا أدى هذا النقص إلى إعاقة نمو الصناعة، فلن تكون لدينا فرصة لتحقيق أهدافنا المناخية في الأعوام المقبلة”.

وفي النصف الأول من 2024 زادت المبيعات في السوق الأوروبية بأكثر من الضعف، ومع ذلك، وبسبب مشكلة تأثير سلسلة التوريد، من المتوقع أن تتباطأ حاجات بعض الدول الأوروبية في النصف الثاني من عام 2024.

بنك الاستثمار الأوروبي  يحذر

 يذكر أن بنك الاستثمار الأوروبي  في مسحه للبلديات لعام 2022 كان قد حذر من نقص في العمالة المتخصصة والأهمية الحاسمة لتوفير التدريب اللازم للقوى العاملة الحالية والمستقبلية، إذ ذكرت البلديات أنها تجد صعوبات في تأمين خدمات الخبراء ذوي المهارات البيئية والمناخية، فضلاً عن الخبرة الفنية والهندسية، ومن الضروري مواجهة هذه التحديات من أجل التنفيذ السليم لخطط الاستثمار.

واعتبرت ست بلديات أوروبية من أصل 10 أن استثماراتها السابقة في التخفيف من تغير المناخ والتكيف مع آثاره غير كافية، في حين أن 40 في المئة يعتقدون الشيء نفسه في شأن استثماراتهم في البنية التحتية الرقمية، كذلك تواجه البلديات في جميع أنحاء أوروبا فجوات استثمارية كبيرة، لا سيما في البنية التحتية للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه.

ومن الأهمية بمكان أن يقوم صناع السياسات وأصحاب المصلحة بمعالجة هذه الفجوات وإعطاء الأولوية للاستثمارات المستدامة والمرنة من أجل مستقبل أكثر خضرة ورقمية وفق البنك.

وقالت كبيرة الاقتصاديين في بنك الاستثمار الأوروبي ديبورا ريفولتيلا “يجب معالجة النقص المستمر في العمالة المؤهلة على المستوى الأوروبي، بما في ذلك على مستوى البلديات، من أجل تمكين التنفيذ المناسب لبرامج الاستثمار الإقليمية وعموم أوروبا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى