عملات رقمية

اعتقال مؤسس “تيليغرام” يعصف بعملة “تونكوين” المشفرة

قدم الملياردير الروسي ومؤسس تطبيق المراسلة “تيليغرام” بافل دوروف كثيراً في عالم التكنولوجيا وهو في سن الـ39، ليس في مجال صناعة العملات المشفرة فحسب، بل أيضاً في قاعدة المستهلكين الواسعة التي تستفيد من ميزات الخصوصية في التطبيقات التي أسسها، قبل أن يعتقل في مطار “لو بورجيه” قرب باريس.

ووفقاً للسلطات الفرنسية التي أوقفت دوروف كجزء من تحقيق تزعم تورطه في أنشطة غير قانونية عبر “تيليغرام”، إذ تدعي السلطات أن “تيليغرام” كمنصة فشلت في تعديل عملياتها وكبح هذه الكيانات والمجموعات.

هذا الاعتقال البارز أحدث صدمة في صناعة التكنولوجيا، خصوصاً بين المدافعين عن الخصوصية وجماعة العملات المشفرة.

ولفهم تداعيات هذا الحدث، قدم موقع “كريبتو بريفينغ دوت كوم” فحصاً للسياق المحيط باعتقال دوروف وتأثيره المحتمل في التقنيات المعتمدة على الخصوصية وأنظمة “بلوكشين”.

الرجل وراء “تيليغرام”

بدأت رحلة بافل دوروف في عالم التكنولوجيا بإنشاء “”VK (يشار إليه غالباً على أنه “فيسبوك” روسيا عام 2006)، وأدى التزامه بحرية التعبير ورفضه للتدخل الحكومي إلى مغادرته لـ “VK” في 2014 بعد رفضه التعاون مع مطالب السلطات الروسية بحظر صفحة زعيم المعارضة أليكسي نافالني على المنصة.

لم تنتهِ قصة دوروف هنا، إذ بعد خروجه من روسيا، أسس موقع التواصل “تيليغرام” عام 2013، مروجاً له كمنصة غير خاضعة للرقابة ومحايدة يمكن الوصول إليها من قبل الناس من جميع مناحي الحياة.

وحظيت المنصة بشعبية، خصوصاً بين مستخدمي العملات المشفرة، وكذلك بين المستخدمين الواعين للخصوصية في جميع أنحاء العالم.

التهم وتداعياتها

منذ أيام قليلة أصدرت السلطات الفرنسية، تحديداً مكتب حماية القاصرين على الإنترنت مذكرة توقيف بحق دوروف بتهم تتعلق بالجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والاحتيال والتنمر الإلكتروني وتعزيز الإرهاب على “تيليغرام”.

وتسلط هذه التهم الضوء على الصراع المستمر بين المنصات التي تركز على الخصوصية وجهود الحكومات لمكافحة الأنشطة غير القانونية عبر الإنترنت.

وكثيراً ما كانت “تيليغرام” التي يقدر عدد مستخدميها بـ800 مليون شخص، هدفاً للانتقادات بسبب نقص خطط الإشراف والمراقبة عليها، إذ جعلت التشفير من طرف إلى طرف واهتمامها بخصوصية المستخدمين  خياراً شائعاً لأولئك الذين يسعون إلى تجنب الرقابة، بما في ذلك المستخدمون الشرعيون والممثلون المحتملون لأعمال ضارة.

الخصوصية و”بلوكشين” والتنظيم

إلى ذلك، يضع اعتقال دوروف العلاقة المعقدة بين التقنيات التي تحافظ على الخصوصية وأنظمة “بلوكشين” في الواجهة، إذ كانت “تيليغرام” أداة تواصل حاسمة لكثير من مشاريع العملات المشفرة والمجتمعات، بما في ذلك قناة “تيليغرام” الخاصة بـ”كريبتو بريفينغ” ومع ذلك، يمكن القول إن أي تغييرات في المنصة من المحتمل أن تكون لها تأثيرات كبيرة في صناعة “بلوكشين”.

ويعتمد قطاع العملات المشفرة بصورة كبيرة على التقنيات التي تحافظ على الخصوصية وقنوات الاتصال المقاومة، في حين تدفع الضغوط التنظيمية “تيليغرام” إلى التنازل، مما قد يدفع مجتمع العملات المشفرة نحو حلول رسائل لا مركزية مبنية على “بلوكشين” التي هي في الأساس أكثر مقاومة للرقابة والمراقبة.

وتسلط هذه الحالة أيضاً الضوء على ضعف الخدمات المركزية، حتى تلك الملتزمة الخصوصية، وعندما تواجه إجراءات حكومية مصممة، أيضاً قد يسرع ذلك الاهتمام بالبدائل اللامركزية التي يمكنها تحمل الضغوط القانونية والتنظيمية بصورة أفضل.

ويكشف اعتقال دوروف عن التوازن الدقيق الذي يجب أن تحافظ عليه المنصات التي تركز على الخصوصية بين حماية خصوصية المستخدمين والامتثال للقوانين المحلية، ويكشف عن التحديات المرتبطة بتشغيل خدمة عالمية تحت تنظيمات وطنية متنوعة، لا سيما في سياق قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي والتشريعات المماثلة حول العالم.

ويمكن أن تؤدي نتائج هذه القضية إلى تحديد سابقة مهمة لكيفية قيام السلطات بملاحقة قادة التكنولوجيا بخصوص قضايا تعديل المحتوى ومسؤوليات المنصات بموجب الأطر التنظيمية لقانون الخدمات الرقمية التي قد تؤثر أيضاً في النقاشات المستقبلية حول التشفير وبوابات خلفية ودور شركات التكنولوجيا في تعديل المحتوى.

مستقبل الخصوصية والتقنيات المشفرة

لقد تأثرت بالفعل سوق العملات المشفرة بصورة فورية بعد اعتقال دوروف، إذ شهدت قيمة “تونكوين” العملة المشفرة المرتبطة بـ”تيليغرام” انخفاضاً حاداً بعد الأخبار، ويظهر ذلك ترابط التقنيات المتعلقة بالخصوصية ومنصات الاتصال ونظام “بلوكشين”.

وبصورة أوسع، ربما يؤدي التدقيق المتزايد في كيفية مناقشة وترويج العملات المشفرة والتقنيات ذات الصلة على منصات الرسائل إلى تحديات امتثال جديدة لمشاريع العملات المشفرة والبورصات، وقد يشجع ذلك أيضاً على الابتكار في أدوات الاتصال اللامركزية المبنية على تكنولوجيا “بلوكشين”، إذ يسعى المجتمع إلى إيجاد بدائل أكثر مرونة للتطبيقات المركزية.

وبينما تتطور هذه القضية، من المرجح أن تثير نقاشات مكثفة حول التوازن المناسب بين حاجات إنفاذ القانون وخصوصية المستخدمين ودور شركات التكنولوجيا في تعديل المحتوى، ومن المحتمل أن يشكل ما سيحدث إجابة عن كيفية فهم وتنظيم وسائل الاتصال، خصوصاً الأشكال المشفرة والمنصات الخاصة بالتواصل.

هناك أيضاً الفكرة والجدل بأن تقنية “بلوكشين” هي بطبيعتها صورة من صور الاتصال، وقد طرحت الفكرة نفسها في المحادثات حول اعتقالات مؤسسي محفظة “ساموراي”، وفي وقت سابق من أبريل (نيسان) الماضي، وقد أثار رائد “بيتكوين” أمير تاكي هذه المخاوف ذاتها، إذ قال إن الإجراء ضد مطوري “ساموراي” يكشف عن أن الدولة تتحرك ضد أي شخص يتحدى الوضع الراهن.

وتشير قضية دوروف إلى أن التوترات بين الخصوصية والأمن والابتكار والتنظيم مستمرة في التصاعد، ومع تزايد رقمنة العالم وترابطه، فإن إيجاد توازن مستدام بين هذه المصالح المتنافسة سيكون أمراً بالغ الأهمية لمستقبل كل من تكنولوجيا الخصوصية وصناعة التشفير على نطاق أوسع.

ويجب على مجتمع التكنولوجيا وصانعي السياسات والمستخدمين على حد سواء التعامل مع أسئلة أساسية حول طبيعة الحقوق الرقمية وحدود الخصوصية في عصر التواصل العالمي.

وعلى رغم أن حل قضية دوروف قد توفر بعض الإجابات، ولكن من المرجح أن تثير مزيداً من الأسئلة حول مستقبل تقنيات الحفاظ على الخصوصية مع انتشار الأسس التنظيمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى