مقالات اقتصادية

الدين الأمريكي .. أزمة تتطلب تعديلات مؤلمة وسط ممارسات تشبه لعبة القط والفأر

كتب أسامة صالح

مع طرح وزارة الخزانة الأمريكية هذا الأسبوع وحده أكثر من نصف تريليون دولار من الأوراق المالية والسندات، يتوقع البعض حدوث أزمة ديون مستقبلية، في حين يرى آخرون أن هذا الأمر بعيد الحدوث.

هذا الخطر وثيق الصلة بشكل خاص بالنظر إلى الحقائق السياسية الحالية، وسط توقعات بوصول معدل الدين الأمريكي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 200 % بحلول منتصف القرن.

وفي غياب تحول في السياسة المالية على مدى السنوات المقبلة، فإن ملف الديون الأمريكية سيتطلب في نهاية المطاف بعض التعديلات المؤلمة.

لدى وزارة الخزانة الأمريكية كثير من الديون يتعين عليها طرحها في العام المقبل، لكن إدارتها النشطة لملف الاستحقاق التي تشبة لعبة القط والفأر، تظهر لماذا من غير المرجح أن تحدث “أزمة” ديون.

ولكن ما يقرب من ثلاثة أرباع إصدرات هذا الأسبوع كانت في أوراق مالية تستحق في غضون 12 شهراً أو أقل، وسيتم تجديدها بمعدلات فائدة أقل تدريجياً إذا انخفضت أسعار الفائدة الأمريكية كما هو متوقع.

وفي حين أصبحت مبيعات الخزانة الأسبوعية الضخمة مألوفة الآن، فإن عديد من المستثمرين يواصلون تداول الأوراق المالية التي تعبر عن القلق إزاء المستويات المتزايدة من الديون الحكومية التي تحتاج إلى إيجاد مشترين راغبين.

الواقع أن تورستن سلوك، كبير خبراء الاقتصاد في شركة أبولو جلوبال مانجمنت، هو أحدث من حذر من الخطر المحتمل في المستقبل من خلال قائمته “أهم 10” من الحقائق المتعلقة بخزانة الولايات المتحدة.

يشير سلوك إلى أن 9 تريليونات دولار من الديون الحكومية تستحق خلال العام المقبل، وأن تكاليف خدمة الديون بلغت 12 % من الإنفاق الحكومي، ومن المتوقع أن يتجاوز العجز تريليون دولار خلال العقد المقبل.

ولكن من خلال تحميل ملف استحقاق الديون مقدما، تكشف وزارة الخزانة عن واحدة من أدواتها الرئيسة للالتفاف على أزمة الديون خلال العام المقبل أو أكثر.

رغم أن متوسط ​​الاستحقاق المرجح لإجمالي مخزون الديون القابلة للتداول لا يزال أعلى من مستويات ما قبل الوباء، فإن السندات المستحقة في عام واحد أو أقل تشكل 22 % من الإجمالي، وهو ما يزيد كثيرا عن 10 % -15 % التي شوهدت قبل 18 شهرا.

ومع أسعار الفائدة الحالية التي تزيد عن 5 %، فإن هذا الإصدار القصير الأجل سيكون مكلفا. لكن الصورة تتغير بشكل كبير إذا انتقل بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى وضع خفض الأسعار الشهر المقبل وخفض أكثر من 200 نقطة أساس من الأسعار على مدار العام المقبل.

هل يعني هذا أن الخزانة تشوه عمدا سوق ديون الحكومة الأمريكية؟ يزعم المحللون في CrossBorder Capital أن الخزانة تفعل ذلك من خلال سياسة “إدارة المدة النشطة” المصممة للحد من العائدات.

في مقال بعنوان “وزارة الخزانة الأمريكية تقدم رشاوى لأذكى مستثمر في العالم”، يرسم موقع CrossBorder نموذجاً لما قد يعنيه ملف الاستحقاق الذي يتسم بثقله على سندات الدين بالنسبة لآجال الديون التي تحظى حاليا باهتمام أقل، مثل سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات.

ولكن إذا تم الحد من العائدات على السندات لأجل 10 سنوات إلى الدرجة التي اقترحها البعض، فإن هذا أحد الأسباب التي جعلت شكل منحنى العائد معكوساً بشكل مستمر لأكثر من عامين دون أن يبدأ الركود الذي يتوقعه كثيرون بالفعل. ولكن هناك تكاليف لفقدان مثل هذه الأداة المفيدة في التنبؤ بالمسار المستقبلي للاقتصاد والتضخم.

ورغم أن الاستمرار في حشو أسواق السندات بالأوراق الجديدة قد يقلل من تكاليف خدمة الدين في الأمد القريب، فماذا يحدث عندما تتحول دورة الاحتياطي الفيدرالي مرة أخرى أو عندما يصبح الاقتصاد حقا في عالم جديد حيث يستمر التضخم المرتفع ومعدلات الفائدة المرتفعة؟

ومن عجيب المفارقات أن غياب الاضطرابات في السوق في هذه الأثناء قد يقلل في واقع الأمر من فرص التحرك السياسي لكبح جماح العجز والديون، وهو ما يفاقم المشكلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى