اقتصاد دولي

هل يمكن أن يصبح اليوان عملة دولية يريدها الجميع؟

أدى النفوذ الاقتصادي المتزايد للصين وتجارتها مع العالم إلى جعل اليوان أكثر قبولا عند الدول الأجنبية مقارنة بما كان عليه قبل 20 عاما عندما جربت بكين لأول مرة تخفيف ضوابط رأس المال.

وعلى مر السنين، ارتفعت حصة اليوان في مدفوعات الصين عبر الحدود بشكل كبير، ما يعكس الثقة العالمية المتزايدة في استخدام اليوان في التجارة والاستثمار.

في النصف الأول من 2024، شكل اليوان 52 % من المدفوعات والفواتير عبر الحدود الصينية مقارنة بـ 43 % للدولار الأمريكي، وفقا لتقديرات مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية المحدودة “أيه إن زد”.

ومع سعي الصين إلى تعزيز القوة المالية لثاني أكبر اقتصاد في العالم، تعد قوة العملة والبنية التحتية أجزاء رئيسة من هدف الرئيس شي جين بينج، ما يؤكد رغبة بكين في تعزيز المكانة العالمية لليوان ودوره في التمويل الدولي، بحسب “ساوث تشاينا مورنينج بوست”.

وفي يوليو، احتفظ اليوان بمكانته بوصفه العملة الرابعة الأكثر نشاطا في المدفوعات العالمية من حيث القيمة، بحصة قياسية بلغت 4.74 %، مقارنة بـ 47.81 % للدولار الأمريكي، وفقا لبيانات من جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك “سويفت”، أكبر خدمة مراسلة بين البنوك في العالم.

وقع بنك الشعب الصيني اتفاقيات لـ40 خط مبادلة ثنائيا، التي تعمل خطَّ ائتمان تمكن البنوك المركزية الأخرى من استبدال عملاتها المحلية باليوان. وتهدف خطوط المبادلة هذه إلى تسهيل استخدام العملات المحلية في التجارة.

وبحلول نهاية 2023، بلغت خطوط المبادلة الثنائية لبنك الشعب الصيني 4.2 تريليون يوان (590 مليار دولار أمريكي).

كما سعت الصين إلى الحفاظ على استقرار عملتها نسبيا لتعزيز طموحاتها في تدويل اليوان، وقبل أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة بشكل كبير في مارس 2022، كان اليوان يرتفع ببطء مقابل الدولار الأمريكي منذ 2020.

في العامين الماضيين، أدى ضغط انخفاض العملات الناشئة مقابل الدولار الأمريكي، والتضخم، وزيادة استخدام واشنطن لقوتها المالية لفرض عقوبات اقتصادية، إلى ظهور طلب جديد على بدائل للبنية التحتية المالية المقومة بالدولار الأمريكي التي تغطي المدفوعات والتمويل والاستثمار.

ويزداد استخدام اليوان في التمويل نتيجة الفوارق الكبيرة في أسعار الفائدة مع الدولار الأمريكي، ما يجعله عملة منخفضة التكلفة نسبيا لتمويل الاقتراض، كما ينعكس في ارتفاع ما يسمى بسندات الباندا وسندات ديم سوم.

وللتنافس مع سنغافورة ولندن، استثمرت هونج كونج في بنيتها التحتية المالية، لتقدم بديلا للنظام الذي يهيمن عليه الدولار الأمريكي، وتعمل حلقةَ وصل بين البر الصيني الرئيس والأسواق المالية الدولية.

ولكن عملية تدويل اليوان تجري في ظل قيد ملزم يتمثل في استمرار السلطات الصينية في فرض سيطرة مشددة على تدفقات الأموال في إطار حساب رأس المال الخاص بها، كما يظل استقرار العملة أولوية قصوى، حتى في أكبر مركز لليوان خارج البر الرئيس، في هونج كونج.

أظهرت بيانات في هونج كونج أن ودائع اليوان انخفضت 6.4 % إلى 1.06 تريليون يوان في يونيو، بينما بلغ رصيد ودائع اليوان 295.72 تريليون يوان في البر الصيني الرئيس في يونيو.

ونظرا للتباين في السياسة النقدية العالمية وضعف المعنويات المحلية، شهدت الصين تدفقات رأسمالية كبيرة منذ العام الماضي.

كما بلغ صافي تدفقات رأس المال الخارجة 139 مليار دولار أمريكي في مايو على أساس 12 شهرا متتالية.

منذ 2018، أدى تصاعد الصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة إلى عدم الاستقرار في سلاسل التوريد العالمية، في حين أثرت القيود والتعريفات الجمركية التي يواجهها المصدرون الصينيون في أكبر أسواقهم أيضا على آفاق تدويل اليوان.

وأظهرت بيانات صندوق النقد الدولي أن حصة اليوان من الاحتياطيات العالمية انخفضت منذ 2022.

قال هي وي، الخبير الاقتصادي الصيني في جافيكال دراجونوميكس: إن الأخطار الجيوسياسية الناجمة عن العلاقات المتوترة بين الصين والولايات المتحدة تعد أسبابا رئيسة لامتناع بعض البنوك المركزية عن الاحتفاظ بمزيد من سندات الخزانة المقومة باليوان في احتياطياتها.

وفي مقابلة نشرت في يونيو مع صحيفة ساوثرن ديلي في جوانجدونج، قال يو يونجدينج، مستشار سابق لبنك الشعب الصيني: إن تدويل اليوان ينبغي التعامل معه بوصفه هدفا طويل الأجل، وليس مهمة عاجلة، على الرغم من أن “تسليح الدولار الأمريكي” زاد الطلب على دور أكبر لليوان.

وقال بنك الشعب الصيني في تقريره النقدي للربع الثاني بداية أغسطس: إنه سيعزز تدويل اليوان “بثبات وحذر”، ويزيد استخدامه في التجارة والاستثمار عبر الحدود، ويعمق التعاون مع العملات الأجنبية، ويطور سوق اليوان الخارجي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى