اقتصاد دولي

لماذا تراجعت أسعار النفط دون 75 دولاراً؟

يبدو ان اتجاهات سوق النفط العالمي في الفترة المتبقية من العام الحالي والعام المقبل لا تزال ضبابية ما دفع أسعار الخام للتراجع الى مستويات دون 75 دولاراً للبرميل، تزامناً مع توقعات يمكن وصفها بالمتشائمة حيال الاسعار والطلب من قبل كبرى البنوك الاستثمارية العالمية. وفي حين خفضت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2024 للشهر الثاني على التوالي، حيث قدّرت أن ينمو الطلب بمقدار مليوني برميل يومياً، بعد أن كانت توقعاتها الشهر الماضي عند حوالي 2.1 مليون برميل يومياً، وفي الشهر الأسبق عند 2.2 مليون برميل، يستند التراجع في توقعات «أوبك» إلى تباطؤ اقتصاد الولايات المتحدة والصين، اللتين تمثلان السوق الأولى والثانية للخام.

كان تخفيض التوقعات الشهر الماضي هو الأول من نوعه منذ يوليو 2023، لكن يظل نمو الطلب أعلى بكثير من أقل معدل تاريخي لم يتجاوز 1.4 مليون برميل قبل جائحة كورونا، وفق تقريرالمنظمة الشهري، والذي تضمن أيضاً خفضاً طفيفاً لتوقعات نمو الطلب في 2025 بمقدار 40 ألف برميل يومياً ليناهز 1.7 مليون برميل.

ضعف الطلب

وخفَّض بنك مورغان ستانلي توقعاته لأسعار خام برنت للمرة الثانية في غضون أسابيع قليلة، وسط تزايد التحديات المرتبطة بضعف الطلب الصيني ووفرة المعروض. ووفقاً لتقديرات البنك، من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر برنت 75 دولاراً للبرميل في الربع الرابع، مقارنة بتوقع سابق قدره 80 دولاراً بين أكتوبر وديسمبر، والذي تم تخفيضه الشهر الماضي من 85 دولاراً. كما تم تعديل توقعات العام المقبل بشكل طفيف نحو الانخفاض. وفي سياق متصل، توقع «سيتي غروب» مؤخراً أن تصل الأسعار إلى متوسط 60 دولاراً للبرميل في عام 2025، ما لم تقم «أوبك+» بتخفيض أكبر للإنتاج.

في غضون ذلك، قال مسؤولان تنفيذيان، من شركتي جانفور وترافيجورا العالميتين المتخصصتين في تجارة السلع الأولية، في مؤتمر نفطي، إن أسعار النفط قد تتراوح بين 60 و70 دولاراً للبرميل، بسبب ضعف الطلب من الصين والفائض المستمر في المعروض العالمي.

تأجيل الزيادة

وتلقت الأسواق بعض الدعم، بعد أن اتفقت الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» وحلفاؤها في تحالف «أوبك+» الأسبوع الماضي على تأجيل زيادة إنتاج النفط، التي كانت مقررة في أكتوبر ونوفمبر. لكن المتعاملين في قطاع السلع الأولية حذروا من أن هذا الهدوء النسبي قد يكون قصير الأجل. وفي حديثه خلال المؤتمر السنوي للنفط في منطقة آسيا والمحيط الهادي «أبيك»، قال الرئيس العالمي لقطاع النفط في ترافيجورا، بن لوكوك: «تلقى السوق القليل من الدعم فقط لشهرين، لكنه دعم ضئيل للغاية حقا»، مضيفاً أن أسعار النفط قد تنخفض «إلى 60 دولارا في وقت قريب نسبياً».

القيمة العادلة

بدوره، قال الشريك المؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة جانفور لتجارة الطاقة، توربيون تورنكفيست، إن القيمة العادلة للنفط تبلغ 70 دولاراً للبرميل، إذ إن إنتاج النفط عالمياً في الوقت الحالي يتجاوز الاستهلاك، ومن المتوقع أن يختل هذا التوازن أكثر على مدى السنوات القليلة المقبلة. وأضاف: «المشكلة ليست في (أوبك)، لأنهم قاموا بعمل رائع في إدارة ذلك، لكن المشكلة هي أنهم لا يتحكمون في الأماكن التي ينمو فيها إنتاج النفط خارج (أوبك)، وهذا بالغ الأهمية».

ضغوط إضافية

تتوقع وكالة الطاقة الدولية نمو المعروض النفطي هذا العام بنحو 770 ألف برميل يومياً، مما سيعزز إجمالي المعروض إلى مستوى غير مسبوق يبلغ 103 ملايين برميل يومياً. ومن المتوقع أن يزيد هذا النمو إلى المثل العام المقبل ليصل إلى 1.8 مليون برميل يومياً مع تصدر الولايات المتحدة وكندا وغويانا والبرازيل الدول، التي ستزيد إنتاجها.

وخلال حديثه في مؤتمر أبيك، قال نائب رئيس الأبحاث في ستاندرد أند بورز غلوبل كوموديتي إنسايتس، جيم بوركارد: «يتباطأ النمو في الولايات المتحدة لكنه لن يتوقف ولا يزال كبيراً، وهو ما يمثل تحدياً إضافياً لعملية صنع القرار في (أوبك+)».

ويتوقع بوركارد أن تتعرض الأسعار لضغوط إضافية بسبب زيادة «أوبك+» للإنتاج العام المقبل للمرة الأولى منذ 2022، وحتى إذا قرر التحالف عدم تنفيذ ذلك، فإن طاقة الإنتاج الفائضة عالمياً بما يشمل ما يفوق خمسة ملايين برميل يومياً في الشرق الأوسط ستضغط على الأسعار أيضاً.

توقعات 2025

يرى كبير المحللين بمركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا، كريستوف رويل، أن «2025 لا يبدو جيداً بالنسبة لـ(أوبك+)، إذ يتفق الجميع على أن العرض من خارج «أوبك» قوي، بما يكفي لخلق فائض في السوق. كما أن كبح العرض الآن للحفاظ على الأسعار مرتفعة يشجع ذلك بالطبع».

حسابات أسواق النفط في 2025 واضحة. إذ تتوقع وكالة الطاقة أن ينمو استهلاك النفط العالمي بأقل من مليون برميل يومياً العام المقبل، أي ما يناهز %1، وسط فقدان زخم انتعاش ما بعد الجائحة، وتسارع التحول إلى السيارات الكهربائية. وتقدم الوكالة، التي يقع مقرها في باريس، المشورة للعديد من الاقتصادات الكبرى.

المعروض النفطي

بالنسبة للعرض، أبقت «أوبك» على توقعات نمو المعروض النفطي من خارج تحالف «أوبك+» عند 1.2 و1.1 مليون برميل يومياً للعامين الحالي والمقبل توالياً، مشيرةً في تقريرها امس إلى أن الزيادة في المعروض ستأتي بشكل أساسي من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والبرازيل والنرويج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى