اقتصاد دولي

بعد الاستحواذ على “سنتامين”.. ماذا جنت مصر من ذهب منجم السكري؟

وافقت شركة “أنجلو غولد أشانتي”، أمس الثلاثاء، على الاستحواذ على شركة سنتامين في صفقة تقدر قيمتها بحوالي 2.5 مليار دولار. وستمنح هذه الصفقة “أنجلو غولد” السيطرة على منجم السكري في مصر، الذي يُعد واحداً من أكبر وأهم مناجم الذهب في العالم.

ووفق المدير التنفيذي لشركتي السكري لمناجم الذهب وسنتامين مصر، عمرو حسونة، حصلت الحكومة المصرية، ممثلة في الهيئة المصرية للثروة المعدنية، على دخل مباشر من منجم السكري بقيمة تجاوزت المليار دولار بين حصص أرباح وإتاوات، منذ بداية المشروع حتى نهاية يونيو الماضي.

ووقّعت هيئة الثروة المعدنية المصرية مع الشركة الفرعونية لمناجم الذهب- تابعة لـ “سنتامين”- اتفاقية عام 1994، وتم الإعلان عن الكشف التجاري، وتأسيس شركة لتنفيذ العمليات تحت اسم “السكري لمناجم الذهب”، وبدأت الإنتاج عام 2009 ككيان مشترك بين “سنتامين” والهيئة.

وبحسب رئيس هيئة الثروة المعدنية الأسبق الجيولوجي عمر طعيمة، الذي تحدث لـ “العربية Business” بدأت مصر اقتسام أرباح منجم السكري في عام 2016، بعدما أوردت شركة السكرى لمناجم الذهب، للهيئة المصرية للثروة المعدنية ما يفيد ببدء اقتسام الأرباح اعتبارًا من نهاية شهر يونيو 2016 عقب مراجعة جميع مصروفات البحث والإستغلال.

لفت الجيولوجي عمر طعيمة إلى تحويل مبلغ 6.7 مليون دولار حينها تحت حساب الأرباح، وهو ما يُعد بدايةً لحصول مصر على عائدات مالية بشكل منتظم من منجم السكري، أما ما كانت تحصل عليه هيئة الثروة المعدنية قبل 2016 فكان عبارة عن إتاوات للمشروع.

وقال مسؤول حكومي لـ “العربية BUSINESS”: عقب استرداد “سنتامين” للنفقات الخاصة بالمشروع بدأت الحكومة المصرية في الحصول بشكل ديناميكي على حصصها المستحقة من المنجم وفق ما هو متفق عليه باتفاقية المشروع.

“بحسب الاتفاقية الموقعة بين هيئة الثروة المعدنية وسنتامين عام 1994، قامت الأخيرة بتمويل مشروع منجم السكري واسترداد تلك النفقات بالكامل لاحقًا” وفق المسؤول.

اقتسام أرباح و3% إتاوة

كما تضمنت اتفاقية الاستغلال حصول مصر على حصة 50% من أرباح المنجم مقابل 50% للشركة. فيما يحق لمصر الحصول على إتاوة بنسبة تصل إلى 3% من صافي إيرادات مبيعات منجم السكري.

واصل المسؤول، بأن الاتفاقية ملزمة للحكومة المصرية وشركة سنتامين وهي قائمة على نظام الإتاوة واقتسام الأرباح -ليس اقتسام الإنتاج كما يحدث في البترول.

أشار إلى أن مصر كانت تحصل على إتاوات منذ بداية الإنتاج بالمشروع، لكنها لم تحصل نسبة من عائد بيع الذهب إلا بعد انتهاء سنتامين من استرداد مصروفاتها ونفقات المنجم -تم اقتسام الأرباح في عام 2016-.

إنتاج الذهب من منجم السكري وحجم الأرباح والإتاوة من 2016 لـ 2023:

المصدر: التقارير السنوية لشركة سنتامين ومسؤولون
المصدر: التقارير السنوية لشركة سنتامين ومسؤولون

مُحددات دخل الدولة

وكشفت مصادر مسؤولة، عن صعوبة تحديد حصة مصر السنوية من الأرباح باعتبار أن هناك عوامل تتحكم في ذلك وهي كمية الإنتاج المخططة وسعر الذهب العالمي. إذ من شأن تراجع الأسعار عالميًا أن يقلص من عوائد الحكومة من حجم الأرباح والعكس.

أرجعت المصادر تراجع حجم أرباح هيئة الثروة المعدنية المصرية في بعض السنوات إلى تشغيل وضخ جزء من الأرباح الإجمالية لصالح المشروعات الجديدة داخل المنجم، لكن أثر وعوائد تلك المشروعات مستقبلًا يؤثر بالإيجاب على قيمة الأرباح الإجمالية لكل أطراف اتفاقية السكري.

أضافت المصادر: لا يمكن زيادة حجم الإنتاج السنوي من السكري بشكل كبير لتحقيق أرباح أعلى؛ وذلك حفاظًا على العمر المقدر للمشروع. إضافة إلى أن التقلبات الاقتصادية العالمية أثرت في بعض الأوقات على منحنى أسعار الذهب عالميًا.

لفتت إلى دور شركة “سنتامين” في الترويج لقطاع التعدين المصري وجذب المستثمرين الأجانب من خلال تواجدها القوي في مصر الذي يُزيد من ثقة المستثمرين الأجانب في السوق المصرية.

وأضافت أنه بإمكان مصر تطوير قطاع التعدين بما فيه الذهب والحصول عائد 5 مليارات دولار في غضون 5 سنوات، ويمكن زيادته إلى 10 مليارات دولار سنويًا في أقل من 10 سنوات عبر استغلال كامل ثروات مصر التعدينية وليس الذهب فقط، وإقامة مشروعات قيمة مضافة قائمة على استغلال تلك الخامات.

وأوضحت أن الثروة المعدنية التي تمتلكها مصر تُعد مبشرة للغاية بسبب امتلاك الدولة مواقع تعدين غنية بالخامات مثل “الفلسبار، الذهب الرمال البيضاء، الرمال السوداء، الطفلة، الفوسفات، المنجنيز”، إلا أن وزارة البترول ركزت الفترة الماضية على الذهب كأولوية لها، وحاليًا لدى الوزارة مُخططًا لاستغلال كامل الخامات والتوسع في صناعات القيمة المضافة القائمة عليها.

صفقة الاستحواذ على سنتامين

وتأتي صفقة “سنتامين” كإشارة جديدة على أن كبرى شركات الذهب تسعى للاستحواذ على منافسين أصغر، لا سيما مع تداول الذهب بالقرب من أعلى مستوياته التاريخية.

وبإضافة منجم السكري إلى أصولها، ستزيد “أنجلو غولد” إنتاجها بنحو 450 ألف أونصة سنوياً، مما سيرفع إجمالي إنتاجها السنوي إلى أكثر من 3 ملايين أونصة.

وأوضحت “أنجلو غولد”، أن العرض النقدي والمساهمة بالأسهم يشكلان علاوة بنسبة 37% على سعر إغلاق أسهم “سنتامين” في 9 سبتمبر. وبعد إتمام الصفقة، سيمتلك مساهمو “أنجلو غولد” نحو 83.6% من الشركة الموسعة، بينما سيحصل مساهمو “سنتامين” على 16.4%.

وتعتزم “أنجلو غولد أشانتي” الاستثمار في تنمية منجم السكري من خلال تنفيذ مزيد من عمليات الاستكشاف والتطوير، سواءً داخل منطقة امتياز السكري أو في الكتل المجاورة التابعة لمشروع إيدكس، مما يبشر بإطالة عمر المنجم أو يزيد من إنتاجه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى