مختارات اقتصادية

هل الالتزام بالمواعيد هو السلوك الأهم في العمل؟

تغيرت اتجاهات العمل بشكل عام منذ ظهور جائحة «كوفيد-19»، وأصبحت بعض الشركات تسمح بإمكانية عمل موظفيها عن بُعد في حين تبنت الأخرى نظام عمل هجينًا يدمج بين العمل من المنزل والحضور للمكتب بعض الأيام.
في أغسطس، أجرى الموقع المتخصص في التوظيف «مونستر دوت كوم» استطلاع رأي شمل أكثر من ألف موظف في أمريكا -كجزء من تقرير مراقبة العمل لعام 2024- بهدف الحصول على نظرة ثاقبة بشأن أحدث اتجاهات أماكن العمل.
ووجد التقرير أن ما يقرب من 70% من الموظفين قد يفكرون في ترك وظائفهم إذا لم توفر شركاتهم سياسات حول الآداب الواجب اتباعها في أماكن العمل.
بينما وجد المسح أن أكثر السلوكيات إزعاجًا للزملاء في أماكن العمل هي: عدم الاهتمام بنظافة المكان بعد استخدامه (وهو ما ذكره 88% من الموظفين)، و»الأحاديث الجانبية على الزملاء» أو «النميمة» بنسبة 81%، واستخدام طريقة غير لائقة (78%)، وعدم الرد على الرسائل (77%)، إلى جانب التأخر باستمرار عن الاجتماعات (77%).
بالنسبة لأولئك الذين لا يتبعون آداب العمل المناسبة، فإن زملاءهم ينظرون لهم بعدة طرق منها: 23% أقل ميلاً للتعاون معهم، و18% يحاولون تجنبهم عندما يكون ذلك ممكنًا، 17% أقل ميلاً للتوصية بشأنهم فيما يتعلق بالترقية أو زيادة الراتب.
الالتزام بالمواعيد
يرى 50% ممن شملهم المسح أن التواصل بطريقة محترمة هو السلوك الأهم في مكان العمل، في حين ذكر 2% فقط من العاملين أن ارتداء الملابس الرسمية هو السلوك الأهم.
بينما ذكر 14% فقط من الموظفين أنهم يعتبرون الالتزام بالمواعيد أهم سلوك في العمل، إلى جانب أن 51% أو واحدًا من كل اثنين من أصحاب العمل على أهمية الالتزام بالمواعيد. ذكرت «جينيفر موس» مؤلفة كتاب «التوصل للسعادة في العمل – Unlocking Happiness at work» لمجلة «فورتشن»: قد يكون الموظفون متقبلين لفكرة تأخر زملائهم في العمل، لكن إذا أثر ذلك على قدرتهم على الإنتاجية، فإن الأمر سيكون محبطًا للغاية.
لكن أشارت «فيكي ساليمي» خبيرة التوظيف لدى «مونستر» إلى أهمية الالتزام بالمواعيد قائلة: إذ كان هناك اجتماع سواء كان يعمل الموظف عن بُعد أو في مقر العمل، فمن السهل اكتشاف تأخره، ويكون الأمر صعبًا عندما يكون الجميع حاضرين باستثناء موظف واحد.
لكن بشكل عام يتفق الخبراء على عدم وجود قواعد عمل ثابتة لكافة القطاعات، على سبيل المثال تزداد أهمية الحضور في الموعد المحدد بالنسبة للمعلمين أو العاملين بمجال الرعاية الصحية، بينما توفر مجالات أخرى بعض الحرية في مواعيد العمل.
وأوضحت «جين فيشر» الخبيرة العالمية بمجال الرفاهية في العمل أن هناك اتجاهًا عامًا نحو تخفيف الالتزام الصارم بالمواعيد في مدار السنوات الخمس الماضية والذي يختلف بالطبع بناءً على كل قطاع أو صناعة، وأن هذه الظاهرة تعود لانتشار ثقافة العمل المرن.
وأضافت أنه مع التبني المتزايد لنماذج العمل عن بُعد والهجينة التي تسارعت بسبب الوباء، أصبح مفهوم يوم العمل الصارم من التاسعة صباحًا وحتى الخامسة مساءً أقل أهمية للكثيرين، مع التركيز على الفعالية وتحقيق التوازن بين العمل والحياة.
أيهما أكثر تظاهراً بالاجتهاد في العمل .. المديرون أم الموظفون؟
كان النقاش حول الإنتاجية في العمل أحد القضايا الأكثر جدلاً بين الخبراء في عام 2024، ووصل الأمر إلى أن الرؤساء التنفيذيين للشركات المدرجة في قائمة «فورتشن» لأكبر 500 شركة على مستوى العالم صنفوا انخفاض الإنتاجية على أنه أكبر تحدٍ تنظيمي يواجههم هذا العام.
ولا خلاف على أن انخفاض الإنتاجية يعد مشكلة بالغة الخطورة بالنسبة لأية شركة، لكن السؤال الأجدر بالطرح يتعلق بتظاهر الموظفين بالانهماك في العمل، والأهم من ذلك هو ما إذا كان الموظفين أكثر تظاهراً بالعمل من المديرين أم العكس.
توصل مسح أعدته شركة «وورك هيومان» إلى أن ليس غالبية الموظفين يتظاهرون بالعمل أو يُزيفون إنتاجيتهم، في حين كانت نسبة التظاهر بالإنتاجية بين المديرين أعلى، بل ترتفع النسبة أكثر من ذلك عند النظر لفئة المديرين التنفيذيين.
وجد المسح أن 32% من الموظفين غير الإداريين المشاركين يتظاهرون بالإنتاجية، في حين اعترف 37% من ذوي المناصب الإدارية، و38% من المديرين التنفيذيين باتباع هذه الممارسة.
ومن بين المديرين الذين اعترفوا بالتظاهر بالعمل، أفاد 69% منهم بأن هذه مشكلة شائعة في فرق العمل التابعة لهم، مقابل اتفاق 37% فقط ممن يعتقدون أنهم لا يتظاهرون بالإنتاجية مع هذا الرأي.
وتنوعت الأسباب الرئيسية التي تدفع الموظفين للتظاهر بالإنتاجية بين الرغبة في تحقيق توازن أفضل بين الحياة والعمل، وإرضاء المديرين، والإرهاق.
أما على صعيد المديرين، ألقى 56% من المشاركين منهم باللوم على عوامل التشتيت أو الإرهاق، وقال 53% إلى أن الأمر يرجع إلى تصرفاتهم الزائفة، و40% بسبب المسؤوليات الشخصية، و33% أرجعوا السبب إلى الكسل.
وحول أسباب مشكلة التظاهر في العمل بصفة عامة، توصل المسح إلى أن انخفاض الإنتاجية والخداع من سمات ثقافة العمل الرديئة، وتتسبب في خلق حلقة مفرغة سامة تدور بين القلق من عدم بذل جهد كافٍ في العمل، وزيف التصرفات والتظاهر بالإنتاج.
وأوضح أن حل هذه المشكلة يكمن في معالجة الثقافة التنظيمية للمؤسسة بدلاً من التدقيق في عمل الموظفين على نحو فردي، وترى «ميشا آن مارتن» الخبيرة في إدارة تحليلات الموارد البشرية في «وورك هيومان» أن المديرين يتمتعون بوضع يسمح لهم بتحقيق ذلك.
وهذا يعني في وجهة نظرها أن المديرين أنفسهم بحاجة للتغلب على الرغبة في الحفاظ على مظهرهم وتصوير أنفسهم بأنهم أكثر إنتاجية، وأن يصبحوا أكثر صراحة وشفافية بشأن احتياجهم للراحة.
المصدر: فوربس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى