خبراء موارد بشرية : 4 أيام عمل أسبوعيا للقطاع الخاص جائز قانونيا
كتب أسامة صالح
فيما بدأت أول شركة سعودية في تقليص أيام العمل الأسبوعية إلى 4 أيام دون أي خفض للأجور، قال لـ”الاقتصادية” خبراء في الحوكمة وأنظمة الموارد البشرية، إنه يحق لمنشآت القطاع الخاص قانونيا تخفيض أيام العمل الأسبوعي وفق إستراتيجياتها لإدارة رأس المال البشري.
وبحسب نظام العمل السعودي، فإنه لا يجوز تشغيل العامل تشغيلاً فعلياً أكثر من 8 ساعات يوميا، إذا اعتمد صاحب العمل المعيار اليومي أو أكثر من 48 ساعة في الأسبوع، إذا اعتمد المعيار الأسبوعي.
وهنا قال الدكتور محمد آل عباس الكاتب والمختص الاقتصادي: “يجوز نظاما للقطاع الخاص تخفيض أيام العمل خلال الأسبوع، بشرط أن يتم تحديد ذلك في عقد العمل”.
أوضح أن نظام العمل السعودي لم يحدد الساعات الأدنى للإنتاج نظرا لاختلاف طبيعة الأعمال، وبعض الشركات لديها فائض كبير في ساعات العمل، فتكتفي مثلا بـ 40 ساعة عمل أسبوعية وتمنح يوم إجازة إضافي وفق إستراتيجيتها للموارد البشرية.
أشار إلى أن هذه الخطوة لها إيجابيات منها تخفيض كثير من التكاليف على الشركات كالتشغيل والمواصلات والكهرباء طالما لديها ساعات عمل إضافية، محذرا من أن تتحول هذه الخطوة إلى موضة، ولكنها تقر وفق احتياجات الشركة، ما يؤدي في الأخير إلى تحسن أداء رأس المال البشري.
من ناحيته، قال بندر السفير المختص في الموارد البشرية، إنه لا يوجد في النظام ما يمنع من تقليص أيام وساعات العمل للقطاع الخاص، ولا تستطيع زيادتها على 6 أيام أو 48 ساعة عمل في الأسبوع، بينما يحق لك أن تقلصها حتى ليوم أو يومين.
وأبان أن تخفيض أيام العمل تعد توجه عالمي خاصة في الدول المتقدمة، بهدف زيادة جودة الحياة الوظيفية وتطوير بيئة العمل، وخلال العامين القادمين والسنوات القليلة المقبلة ستكون بمثابة فترة تجارب على القطاعين الخاص والعام.
ووفقا لنظام العمل، تنظم ساعات العمل وفترات الراحة خلال اليوم، بحيث لا يعمل العامل أكثر من خمس ساعات متتالية دون فترة للراحة والطعام لا تقل عن نصف ساعة في المرة الواحدة خلال مجموع ساعات العمل، وبحيث لا يبقى العامل في مكان العمل أكثر من اثنتي عشرة ساعة في اليوم الواحد.
في المقابل، يرى خالد الشنيبر كاتب ومستشار موارد بشرية، أنه يحق لشركات ومنشآت القطاع الخاص تخفيض أيام العمل إلى 4 أيام في الأسبوع، شرط ألا يتجاوز الحد الأعلى المنصوص عليه في نظام العمل، أي أن القرار بيد المنشآت في تعديل أوقات العمل بحيث لا تتجاوز الحد الأعلى في نظام العمل.
وأضاف من المهم أن ندرك أن طبيعة العمل تختلف من قطاع لقطاع، ومن وظيفة لوظيفة أخرى، وفي حال تطبيق أي توجه في قطاع معين أو وظيفة معينة فلا يعني ذلك إمكانية تطبيقها على باقي القطاعات أو الوظائف، وبمعنى أوضح تطبيق هذا التوجه في جميع الأنشطة التجارية قد يكون أمرًا صعبًا وغير عملي.
وتابع الشنيبر: الـ5 أيام عمل في الأسبوع معياراً متأصلاً في عديد من الاقتصادات والأنشطة التجارية على مستوى العالم، حيث يعتمد الاستقرار الاقتصادي على استمرارية العمل وتوفير الخدمات والمنتجات بشكل منتظم، ومثال على ذلك في بعض القطاعات مثل التصنيع والبناء والخدمات والسياحة والصحة يتعذر تقليص الأيام العملية بسبب طبيعة العمل.
أضاف، في حال تقليل أيام العمل سيؤدي ذلك إلى تقليل الإنتاجية وزيادة التكاليف التشغيلية، ومن يعتقد بأن هذه القطاعات بإمكانها توظيف عدد أكبر من العمالة لتغطية احتياجات العمل، فعليه أن ينظر إلى الانعكاسات السلبية التي ستصاحب هذا التوجه، حيث ستتطلب الأنشطة التجارية تعويض اليوم من خلال توظيف موظفين إضافيين.
أشار إلى أن هناك أفكار أكثر مرونة ولو تم تطبيقها داخل المنشآت سيكون لها تأثير إيجابي على جميع الأطراف بدون أي تأثيرات سلبية، ومنها على سبيل المثال ما يعرف بـ”الراحة الأسبوعية المطولة” التي يتم تطبيقها لعدد معين في السنة، وأيضاً تخصيص يوم راحة مدفوع يتم توزيعه ما بين الموظفين للتجهيز قبل شهر رمضان المبارك، إضافة لما قبل أيام العيد.
من جهته، قال علي آل عيد خبير الموارد البشرية، إن أي تخفيض لأيام العمل للمنشأة في القطاع الخاص هو قانوني ومتاح ويصب في مصلحة المنشأة التنافسية، والنظام وضع حدود عليا للدوام، وترك التقليص بيد أصحاب العمل ليوضح مستوى مرونة واستيعاب نظام العمل لمختلف قطاعات العمل في القطاع الخاص.
وذكر أن مبادرة تخفيض أيام العمل تشكل واحدة من أهم المبادرات الحديثة التي تهدف لرفع جودة حياة العاملين وينعكس على رفع معدلات الرضا الوظيفي والاندماج، وبالتالي تنعكس على مستويات الإنتاجية.
وكما يمكن أن تمنح للمنشأة ميزة تنافسية بين المنشآت من ذات قطاع العمل في دعم التسويق للمنشأة وجاذبيتها في سوق العمل إلا أن التطبيق غير المدروس لمواءمة قطاع العمل وطبيعة الوظائف وآلية التطبيق قد ترتد سلبًا على البعض الآخر من ناحية المقدرة على رضا العملاء والقدرة على تلبية الاحتياج المنشود من المنشأة وتحقيق أهدافها.
وتابع من جانب آخر ينبغي الالتفات إلى أن كثير من القطاعات ذات الأعمال الإدارية والتسويقية والتقنية والاستشارية وغير الربحية والإعلامية وقطاعات التدريب والتطوير ملائمة جدًا لمثل هذه المبادرات وتضيف لها مزايا تشتمل على تخفيض بعض تكاليفها التشغيلية ومعدلات الغياب والدوران الوظيفي.
نظام العمل السعودي، أشار إلى أن الفترات المخصصة للراحة والصلاة والطعام لا تدخل ضمن ساعات العمل الفعلية، ولا يكون العامل خلال هذه الفترات تحت سيطرة صاحب العمل، ولا يجوز لصاحب العمل أن يلزم العامل بالبقاء خلالها في مكان العمل.
بدوره، قال بدر العنزي المستشار في الموارد البشرية: إن الحكومات الأوروبية تقومُ حاليًا بمشروعٍ تجريبي لبعض الشركات المهتمّة بتطبيق أسبوع عمل مكوّن من (4-5) أيام عمل فقط أي بما لا يتجاوز (35 ساعة) أسبوعياً، مع الأخذ في الحسبان، ضمان عدم خسارة أيّ جزء من الراتب ولا عدد الوظائف.
أشار إلى أن وهناك تجارب تم تطبيقها في ألمانيا وبريطانيا انعكست على زيادة الإنتاجية بما يزيد على 15% بينما تزيد في بعض الدول مثل الدنمارك بنسبة أكبر رغم أنها أقل في ساعات العمل، ما يعني أن الإنتاجية لا ترتبط بساعات العمل الطويلة إطلاقاً وأصبح التوجه عالمي لتقليل ساعات وأيام العمل، مع مراعاة بعض القطاعات الصناعية واحتياجاتها في نماذج عملها.
وذكر أن من أبرز إيجابيات تقليل ساعات العمل، تعزيز السلامة النفسية للموظفين، انخفاض التوتر والتذمّر والقلق، ارتفاع الإنتاجية في العمل، ارتفاع القدرة على الموازنة بين الحياة والعمل، إنعاش السياحة الداخلية، انخفاض فواتير التشغيل في الشركات، تقليل التقاعد المبكر، تعزيز الصحة النفسية في المجتمع والأسرة، ازدهار الأسواق والإنفاق، تقليل التكلفة الصحية على الدول، وتوفير سوق عمل جاذب للسعوديين والكفاءات من الخارج.