مختارات اقتصادية

عثرات الطريق تعرقل تحرك السيارات الكهربائية​

بعدما حولت كبرى شركات صناعة السيارات حول العالم مساراتها وأعادت تجهيز مصانعها وعززت جهودها للفوز بسباق السيارات الكهربائية باعتبارها مستقبل السوق ووضعت خططًا للتخلي تدريجيًا عن المركبات العاملة بالوقود، بدأ العديد منها هذا العام عكس مساره مرة أخرى.

في عام 2023، بيع ما يقرب من 14 مليون سيارة كهربائية جديدة (بما يشمل السيارات العاملة بالبطاريات والهجينة القابلة للشحن الخارجي) على مستوى العالم، بارتفاع 3.5 مليون وحدة عن عام 2022 أو بزيادة سنوية 35%.

شكلت السيارات الكهربائية حوالي 18% من كافة السيارات المبيعة في 2023، ارتفاعًا من نسبة 14% في 2022، و2% فقط قبل 5 سنوات في عام 2018.

كيف تغيرت نسبة السيارات الكهربائية من إجمالي مبيعات الصناعة حول العالم؟

العام

عدد تسجيلات السيارات العاملة بالبطاريات
(مليون وحدة)

عدد تسجيلات السيارات الهجينة القابلة للشحن
(مليون وحدة)

نسبة السيارات العاملة بالبطاريات من إجمالي المركبات المباعة

2018 

1.4

0.7

%2

2019 

1.6

0.6

%3

2020 

2.0

1.0

%4

2021 

4.7

1.9

%9

2022 

7.3

2.9

%14

2023 

9.5

4.3

%18

نمو متفاوت

لكن أظهرت بيانات  شركة الأبحاث “رهو موشن” ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية – العاملة بالبطاريات فقط والهجينة – حول العالم بنسبة 20% في النصف الأول من العام الحالي، أي بوتيرة أقل من المتوقعة.

وفي أغسطس، تراجعت الحصة السوقية لتلك السيارات في أوروبا إلى 14% من أكثر من 15% في العام السابق، مع انخفاض المبيعات في ألمانيا بنسبة 69%، في حين تتوقع “جيه دي باور” أن تمثل السيارات العاملة بالبطاريات 9% فقط من مبيعات أمريكا هذا العام.

وأصبح النمو أكثر تفاوتًا حول العالم، فعلى الرغم من المشكلات الاقتصادية التي تواجهها الصين إلا أنها لا تزال تقود سوق المركبات الكهربائية العالمية من حيث الحجم، لأنها مثلت 60% من مبيعات تلك السيارات في النصف الأول من العام الحالي.

ورغم استمرار سوق المركبات الخفيفة الجديدة في التعافي في أوروبا مع نموها بنسبة 5.2% في النصف الأول من العام إلا أن المركبات الكهربائية نمت 1% فقط، وذلك بعد قيام عدة دول أوروبية بخفض أو إزالة إعانات الشراء أولاً للسيارات الهجينة القابلة للشحن ثم للسيارات العاملة بالبطاريات.

وفي الولايات المتحدة، بدأت آثار قانون خفض التضخم في التلاشي بعد نمو حاد في مبيعات المركبات الكهربائية في السنوات الأخيرة.

وخلال الفترة من يناير وحتى يونيو من هذا العام، نمت مبيعات السيارات الكهربائية الشهرية حول العالم على أساس سنوي، ولكن بسبب عطلة رأس السنة الصينية الجديدة لم تسجل المبيعات نموًا في فبراير، حسب بيانات “إي في فوليمز”.

نسبة التغير السنوي في مبيعات السيارات الكهربائية (بما يشمل العاملة بالبطاريات والهجينة القابلة للشحن الخارجي) الشهرية في 2024

الشهر

نسبة التغير السنوي

يناير

%63

فبراير

%0

مارس

%19

أبريل

%26

مايو 

%24

يونيو

%16

لماذا انعكس المسار؟

انجذب سوق السيارات بصورة كبيرة نحو التكنولوجيا الكهربائية وفوائدها البيئية، لكن سرعان ما تخلى المستهلكون عن طموحهم في امتلاك سيارة تعمل بالبطارية فقط نظرًا لمخاوف تتعلق بتوافر محطات الشحن في الولايات المتحدة  والسعر المرتفع.

ففي المتوسط، يكون سعر السيارة الكهربائية أعلى من نظيرتها العاملة بالبنزين بنسبة 27% في أمريكا، وتصل تلك النسبة إلى 30% في أوروبا وخاصة بعد إلغاء الدعم الحكومي على المبيعات.

لكن تتوافر بالفعل خيارات بأسعار معقولة وتحديدًا من العلامات التجارية الصينية، لكن التعريفات الجمركية وغيرها من الحواجز والتوترات التجارية تحد من دخولها للسوق في الغرب.

إلى جانب أحد التحديات المستمرة والتي تقف عائقًا أمام المستهلكين حول العالم وهو البنية التحتية للشحن، وعلى الرغم من أن الصين تتصدر دول العالم من حيث تركيبات مواقع الشحن، إلا أنها تتركز في المناطق الحضرية.

ومن بين 3.12 مليون محطة شحن عامة على مستوى البلاد، توجد الغالبية العظمى منها بالمقاطعات الشرقية مثل قوانغدونغ وتشجيانغ وجيانغسو.

كيف غيرت الشركات خططها؟

دفع هذا التباطؤ شركات صناعة السيارات التقليدية إلى تعديل استراتيجيتها للمركبات الكهربائية، ما أدى لخفض وظائف في شركات مثل صانعة البطاريات الأوروبية “نورثفولت”.

ذكرت صحيفة “نيكي” أن “تويوتا موتور” – أكبر شركات الصناعة في العالم – تخطط لتصنيع مليون سيارة كهربائية في 2026، أي بانخفاض عن مستهدفها السابق البالغ 1.5 مليون وحدة.

بينما ذكرت الشركة اليابانية في بيان أنه لا يوجد تغيير في عزمها إنتاج 1.5 مليون سيارة كهربائية سنويًا بحلول 2026 و3.5 مليون بحلول 2030، لكنها أشارت إلى أن تلك الأرقام ليست أهدافًا بل معايير للمساهمين.

ومؤخرًا، أعلنت “ستيلانتيس” -المجموعة التي تضم 14 علامة تجارية من بينها “ألفا روميو” و”كرايسلر”- تعليق إنتاج السيارة الصغيرة العاملة بالكهرباء “فيات 500” لمدة أربعة أسابيع بسبب تباطؤ الطلب.

ألغت السويدية “فولفو” مستهدفها بالتحول نحو السيارات الكهربائية بالكامل بحلول 2030، متوقعة الاستمرار في تقديم بعض الطرازات الهجينة.

وخفضت صانعة السيارات الفخمة “بورش” في يوليو من طموحاتها بمجال السيارات الكهربائية، موضحة أنها لا تستطيع تحقيق هدفها المعلن سابقًا بأن تكون 80% من مبيعاتها من السيارات العاملة بالبطاريات بحلول 2030.

وأجلت البريطانية “أستون مارتن” في فبراير إطلاق أول سياراتها الكهربائية بسبب انخفاض الطلب.

بينما تواصل الصينية “بي واي دي” تحقيق تقدمًا كبيرًا والتزمت بالتحول الكهربائية منذ توقفها عن إنتاج السيارات العاملة بالوقود في عام 2022، ويميزها عن منافسيها التركيز على الابتكار التكنولوجي والتكامل الرأسي واستراتيجية البحث والتطوير.

ما التالي؟

تتوقع “إي في فوليمز” وصول مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة إلى 16.5 مليون وحدة هذا العام على مستوى العالم، أي بزيادة 16% مقارنة بالعام الماضي.

مع توقعات بوصول مبيعات الصين إلى 10 ملايين وحدة و3.3 مليون في أوروبا، وأمريكا الشمالية مليوني سيارة، وبقية أنحاء العالم 1.4 مليون وحدة.

لكن تواجه الحكومات الغربية تحديًا لأنه إذا فتحت الباب أمام زيادة واردات السيارات الصينية أو أجزائها فإن ذلك سيُبقي الأسعار منخفضة في أوروبا وأمريكا الشمالية ويحفز الطلب.

لكنه قد يقوض قدرة الشركات المصنعة المحلية على المنافسة ويعزز هيمنة الصين على صناعة السيارات، وخاصة بسبب ميزة تسعير بطاريات لديها.

 إذ انخفضت تكلفة البطاريات في الصين إلى 126 دولارًا للكيلو واط ساعة في المتوسط، بينما الأسعار أعلى في أمريكا وأوروبا بنسبة 11% و20% على الترتيب.

رغم تلك التحديات والتغيرات إلا أن التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية لا يزال أمرًا بالغ الأهمية لأنه يساعد في معالجة أزمة تغير المناخ نظرًا لأن وسائل النقل البري تشكل حوالي 15% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي.

وبالتالي فمن الصعب تحقيق الأهداف المناخية العالمية دون التخلي عن السيارات العاملة بالوقود، لذلك قد يكمن الحل في السيارات الهجينة أو مواجهة التحديات المتعلقة بالمركبات الكهربائية.

المصادر: رويترز –  بلومبرج –  موقع “دايالوج إيرث” وكالة الطاقة الدولية إي في فوليمز

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى