مختارات اقتصادية

نماذج من حول العالم .. كيف واجهت تلك الدول أزمات الإسكان؟

تعاني معظم الدول المتقدمة حول العالم أزمة إسكان في ظل ارتفاع الأسعار مع نقص حاد في المساكن لعدة أسباب منها الهجرة وتدفقات اللاجئين، إلى جانب أن عدد المساكن التي يجري تشييدها يقل ببساطة عن النمو السكاني.

ترى منظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية أن العالم بحاجة إلى بناء 96 ألف مسكن بتكلفة ميسورة يوميًا من أجل إيواء 3 مليارات شخص سيكونون بحاجة إلى منازل مناسبة بحلول 2030.

وخلال الفترة بين عامي 2015 و2024، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 54% في الولايات المتحدة، و32% في الصين وبحوالي 15% في الاتحاد الأوروبي، حسب بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

يخصص ما يقرب من 9% من السكان في الدول الصناعية في العالم أكثر من 40% من دخلهم لدفع تكلفة إيجار منازلهم، وباعتبارها أزمة تؤثر على جزء كبير من الدول المتقدمة، فقد أصبحت قضية رئيسية في الحملات الانتخابية للرئاسة الأمريكية، وأولوية بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني “كير ستارمر”.

وتعمل العديد من الدول حول العالم منها أستراليا وهولندا ونيوزيلندا وغيرها على جعل أسعار منازلها معقولة أكثر، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب.

أستراليا

تعاني أستراليا حاليًا أزمة إسكان مع انخفاض معدلات الشواغر إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، لأن أسعار المساكن ارتفعت بشكل مطرد منذ انتعاشها من الركود في عام 2022.

أسعار المنازل والدخل في أستراليا

البند

المتوسط

متوسط مساحة المنازل

252 مترًا مربعًا

متوسط سعر المسكن في وقت سابق هذا العام

817 ألف دولار أسترالي (537.33 ألف دولار أمريكي)

 متوسط الدخل السنوي بدوام كامل

98.098 ألف دولار أسترالي (67.59 ألف دولار)

 لكن هناك دلائل على أن الأزمة بدأت خلال سبتمبر في التحسن نسبيًا مع تباطؤ وتيرة ارتفاع أسعار المنازل وزيادة الإيجارات بأبطأ وتيرة لها في أربع سنوات.

وتدرك الحكومة الأسترالية تمامًا تأثير تلك الأزمة لذا قدمت أهدافًا طموحة لتلبية احتياجات السكان، إذ تستهدف بناء 1.2 مليون منزل جديد على مدى السنوات الخمسة المقبلة، بما في ذلك 40 ألف منزل اجتماعي وبأسعار معقولة.

نيوزيلندا

ارتفعت أسعار المنازل في البلاد سريعًا بداية من عام 1980 تقريبًا، وزادت من ضعف متوسط الدخل حتى وصلت إلى تسعة أضعافه.

تعمل الحكومة حاليًا على تقديم مخططات تمويلية بقيمة إجمالية 3.8 مليار دولار نيوزلندي (2.4 مليار دولار) لتوفير المزيد من الأراضي لتطويرها للإسكان عن طريق دعم البنية التحتية.

سنَّت أيضًا قانون تمويل البنية التحتية لعام 2020 بهدف مساعدة المطورين على جمع التمويل طويل الأمد للبنية التحتية بهدف دعم تشييد المنازل الجديدة.

ومن ناحية أخرى شددت قيود نسبة القروض إلى قيمة العقار على البنوك من أجل كبح الطلب، ورفع البنك المركزي الفائدة لخفض التضخم، ومن أجل الحد من الاقتراض بالاستدانة المرتفعة، كما قيدت الحكومة مشتريات الأجانب للأراضي السكنية باستثناء المواطنين والمقيمين في أستراليا وسنغافورة.

وكانت الخطوة الأكبر هي التي اتخذتها نيوزيلندا لمواجهة نقص خطير في المنازل عام 2016، عندما أعادت أوكلاند تقسيم 75% من أراضيها السكنية للسماح لبناء صفوف من المنازل ومنازل متسلسلة ومبانٍ سكنية.

اليابان

بالرجوع إلى الماضي 30 عامًا، كانت العقارات في طوكيو هي الأغلى في العالم، لكن نجحت اليابان في تحقيق إنجاز بتوفير المساكن بأسعار معقولة حتى في المدن الكبرى.

يعود ذلك بصورة أساسية ليس للإسكان الاجتماعي الذي بنته الحكومة أو ما يسمى بـ “دانتشي”، بل لبناء المزيد من الشقق المكونة من غرفة نوم واحدة للأفراد والأزواج الشباب.

 إذ يصل متوسط مساحة المنازل في البلاد إلى 94.85 متر مربع، ويبلغ متوسط سعر المسكن في طوكيو 70 مليون ين (680 ألف دولار).

فضلاً عن نظام التخطيط الذي يعزز التنمية الشاملة بدلاً من منح تصريحات فردية لكل موقع على حدى، وتقسم المناطق حسب مستوى الإزعاج الذي تسمح به سواء السكني أو الصناعي، أي إنه يمكن البناء بشرط ألا يتجاوز مستوى الإزعاج بالمنطقة، وهو ما يوفر استجابة سريعة لتغيرات الطلب.

كما تنخفض قيمة الأراضي والمباني أو المعدلات التي تدفع بها الضرائب العقارية للمجالس المحلية بمرور الوقت وهو ما يعزز الحافز لتلك المجالس للموافقة على تشييد منازل جديدة لرفع عوائدها الضريبية.

هولندا

عانت أمستردام تحديدًا أزمة إسكان حادة، وزادت أسعار المنازل بأكثر من الضعف في العقد الماضي وفي بعض المناطق ارتفعت بنسبة 130%، وذلك لأن الحكومة تحفز الطلب بينما لم تكن تفعل أي شيء من جانب العرض.

وحسب وكالة الأبحاث “إيه بي إف”، ارتفع النقص في المساكن في هولندا إلى أكثر من 400 ألف منزل مع تجاوز النمو السكاني للبناء.

ولحل الأزمة، تهدف الحكومة لبناء 900 ألف منزل جديد بحلول عام 2030، كما أدخلوا لوائح لجعل الإيجار أكثر أمانًا للمستأجرين ويبحثون في خيارات التحكم في الإيجار.

وقدم مخطط حوافز بناء المساكن مليار يورو في شكل منح للبلديات لحملها على بناء المزيد من المنازل، ومع ذلك أثار تقرير صادر عن محكمة التدقيق الهولندية بعض الشكوك حول ما إذا كان هذا سيؤدي لبناء المزيد من المساكن بسرعة كافية.

لكن ما زالت الحكومة الجديدة تخطط للمضي قدمًا وتخصيص مليار يورو آخر للمخطط.

متوسط أسعار الإيجارات والمنازل في هولندا في نهاية 2023

البند

المتوسط

متوسط سعر المنزل الهولندي

452 ألف يورو (501.05 ألف دولار حسب سعر الصرف الحالي)

متوسط الراتب السنوي

440 ألف يورو (487.75 ألف دولار)

تكلفة الإيجارات

بين 1500 يورو و3 آلاف يورو شهريًا (1662.7 إلى 3325.5 دولار)

كولورادو في الولايات المتحدة

ارتفعت أسعار المنازل في تلك الولاية الأمريكية ستة أضعاف على مدار 30 عامًا، لتتجاوز كلًا من فلوريدا وكاليفورنيا، وذلك نظرًا لأن الطلب كان أكبر من العرض.

لأن كبار السن كانوا يقيمون في منازلهم لفترات أطول، وكان يميل المستثمرون لشراء منازل ثانية، وكان جيل الألفية يحاول الانضمام لسوق الإسكان بأعداد متزايدة.

لكن وقّع حاكم الولاية “جاريد بوليس” على مشروع قانون في الثالث عشر من مايو 2024 من شأنه إلزام الحكومات المحلية بالتخطيط وتقسيم المناطق لتوفير المزيد من الشقق والوحدات السكنية بجوار خطوط الحافلات والسكك الحديدية.

كما وقع قانونًا آخر يسمح ببناء وحدات سكنية إضافية – شقق صغيرة تقع على نفس قطعة الأرض – في المدن والبلدات الكبرى.

ثم أصدر قوانين أخرى من شأنها إلغاء متطلبات الحد الأدنى لعدد مواقف السيارات التي تتاح للشقق، والتي من شأنها جعل تكلفة الإسكان أكثر يسرًا من خلال السماح للمطورين ببناء المزيد من المنازل وأكثر تنوعًا بتكلفة أقل.

وفي النهاية فإن تلك النماذج تبرز أنه لا يوجد حل سحري واحد يمكن تنفيذه لحل أزمات الإسكان بشكل عام، بل إن هناك مجموعة من الأدوات المترابطة التي يمكن لكل دولة أن تختار منها ما يناسبها للعمل على توفير منازل بأسعار معقولة لمواطنيها.

المصادر: الجارديان – موقع “إن إل تايمز” – موقع “ذا أستراليان” – إل باييس  – المنتدى الاقتصادي العالمي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى