قطاع توزيع الطاقة الخليجي يتجه نحو عام قياسي
من المقرر أن يشهد قطاع نقل وتوزيع الطاقة في دول الخليج أفضل عام له من حيث قيمة العقود الممنوحة، إذ بناءً على بيانات من خدمة تتبع المشاريع الإقليمية «ميد بروجكتس»، بلغت القيمة الإجمالية للعقود الممنوحة لمحطات فرعية ومراكز تحكم وخطوط هوائية وكابلات في جميع أنحاء دول التعاون، ما يقدر بنحو 13.8 مليار دولار بين يناير وسبتمبر 2024.
وأفادت مجلة ميد بأن القيمة الإجمالية للعقود الممنوحة منذ بداية العام الحالي تتجاوز بنسبة %81 القيمة الإجمالية للعقود الممنوحة في العام الكامل السابق، كما تتجاوز بنسبة %31 إجمالي قيمة العقود الممنوحة في عام 2021، والتي سجلت أعلى مستوى قياسي بلغ 10.5 مليارات دولار في السنوات العشر، التي بدأت في عام 2014.
ومن المتوقع أن يظل نشاط المشاريع في قطاع النقل والتوزيع نشطاً على مدى السنوات القليلة المقبلة، مع عقود مخططة وغير ممنوحة بقيمة 35.9 مليار دولار. ومن بين هذه العقود، هناك حوالي 8.5 مليارات دولار في مرحلة تقييم العطاءات اعتباراً من أوائل أكتوبر، مع 6.5 مليارات دولار أخرى قيد المناقصة، كما أن هناك حوالي 12 مليار دولار من المشاريع في مرحلة الهندسة والتصميم الأولية (التغذية).
تنويع المصادر
وأشارت «ميد» إلى أن تنويع مصادر الطاقة الوطنية الطموحة وأهداف صافي الانبعاثات الصفرية في جميع أنحاء المنطقة، والتي اعتمدت تقليدياً على محطات الطاقة الحرارية بالكامل، من شأنها أن تحفز الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية للنقل والتوزيع في المستقبل.
ووفقاً للخبراء، فإن التوسع المستمر في قدرة توليد الكهرباء في جميع أنحاء المنطقة، وخاصة من مصادر الطاقة المتجددة، يتطلب شبكة كهرباء أكثر قوة وتكاملاً واستقراراً.
هذا بالإضافة إلى الزيادة المتوقعة في الطلب على الكهرباء، مع قيام معظم الدول بتوسيع قطاعاتها في المصب والبتروكيماويات، وتطوير مجتمعات جديدة ومشاريع ضخمة في المناطق النائية، وبناء المزيد من مراكز البيانات لدعم المدن الذكية، وتطبيقات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي.
على سبيل المثال، تهدف السعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة، إلى أن تشكل الطاقة المتجددة %50 من قدرتها على توليد الكهرباء بحلول عام 2030. وقفزت القدرة المركبة المتجددة التشغيلية في المملكة من حوالي 300 ميغاواط في عام 2020 إلى 3500 ميغاواط هذا العام، مع 16 ألف ميغاواط أخرى قيد الإنشاء حالياً أو على وشك البدء في البناء.
والأمر الحاسم هو أن وزير الطاقة في المملكة أكد، في وقت سابق من هذا العام، أن المملكة لديها خطط لشراء ما يصل إلى 20 ألف ميغاواط من الطاقة المتجددة كل عام، وفق الطلب. كما تعمل السعودية على تكثيف برنامجها لشراء محطات الطاقة الجديدة التي تعمل بالغاز، بما يتماشى مع خطة لإيقاف تشغيل الأساطيل، التي تعمل بالوقود السائل، وفي الوقت نفسه تأمين الحمل الأساسي مع دخول المزيد من الطاقة المتجددة إلى الشبكة.
كما شهدت العقود أو حزم النقل والتوزيع، التي تربط بين مناطق المملكة المختلفة من وسط الرياض إلى المحافظات الشرقية والشمالية والجنوبية زيادة ملحوظة.
ولم يكن مفاجئاً أن المملكة شكلت %72 من عقود النقل والتوزيع بقيمة 13.8 مليار دولار، التي مُنحت في منطقة دول الخليج في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024.
دمج الشبكات
وبيَّنت «ميد» أن عُمان، التي منحت عقود النقل والتوزيع بقيمة الإمارات نفسها بين يناير وسبتمبر من هذا العام، تعمل على دمج شبكات الكهرباء الأصغر مع شبكة الكهرباء الرئيسية في السلطنة، لتعزيز إمدادات الكهرباء في المناطق الأصغر والنائية.
وعلى عكس الذروات الملحوظة في نفقات رأس المال للنقل والتوزيع في دول الخليج الأخرى، ظل إنفاق الإمارات ثابتاً إلى حد كبير منذ عام 2014، بمتوسط يبلغ حوالي 1.4 مليار دولار سنوياً. كان الإعفاء في عام 2021 عندما فاز فريق، يضم شركة كيبكو الكورية الجنوبية وشركة كيوشو للطاقة الكهربائية الدولية اليابانية وشركة إي دي إف الفرنسية، بعقد تطوير أول نظام نقل تحت البحر للتيار المستمر العالي الجهد في أبوظبي.
روابط الطاقة
يعد الهدف المتمثل في توسيع تجارة الكهرباء داخل دول الخليج، ومع دول أخرى مثل مصر والأردن والعراق، محركاً رئيسياً آخر لاستثمارات نقل وتوزيع الطاقة، إذ يجري العمل على زيادة سعة الشبكة الإقليمية لدول الخليج، وتمكين الدول الأعضاء من شراء الطاقة الاحتياطية أو الطارئة عند الحاجة. وقد استفادت الكويت من ذلك في مايو، عندما اشترت 500 ميغاواط من شبكة دول الخليج، تحسباً لعجزها عن تلبية الطلب في ذروة أشهر الصيف.
ويجري حالياً إنشاء شبكة تيار مستمر عالي الجهد، تربط بين السعودية ومصر، والتي ستسمح بتجارة الكهرباء ثنائية الاتجاه، فضلاً عن الوصول إلى الأسواق الأوروبية والأفريقية الأوسع.
ومن المقرر أيضاً إنشاء خط ثانٍ لدول الخليج مع عُمان، وخط أول مع الأردن، كما يجري تنفيذ مشروع آخر لنقل التيار المستمر العالي الجهد، يربط نيوم في الطرف الشمالي من البحر الأحمر بينبع، ويمتد على مسافة 605 كيلومترات.
واتضح أن الحاجة إلى الاستثمار في البنية التحتية للنقل والتوزيع، لدعم بناء قدرة توليد الكهرباء، بعد سنوات من نقص الاستثمار، ظاهرة عالمية.
إهدار الطاقة المتجددة
يعتقد خبراء أن الفشل في الاستثمار في النقل والتوزيع يمكن أن يؤدي إلى مشاكل، مثل تقليص أو إهدار الطاقة المتجددة، وخاصة في غياب أنظمة تخزين الطاقة المناسبة أو الترابطات أو روابط الكهرباء الفعالة.
وتتعرض شركات المرافق لضغوط ليس فقط لتوسيع قدراتها على النقل والتغطية، ولكن أيضاً لجعل هذه البنية التحتية والمرافق أكثر كفاءة.
ويمكن استخدام التقنيات الجديدة، ومعظمها مدفوع بإنترنت الأشياء أو الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، لتحسين إدارة الطلب والعرض والتنبؤ، مما يؤدي إلى تحسين أداء الشبكة.