اقتصاد دولي

الاتحاد الأوروبي يطالب بريطانيا بتقديم تنازلات لإعادة ضبط العلاقات البينية

كتب أسامة صالح

يعتقد قادة الاتحاد الأوروبي أن بريطانيا أصبحت الآن «مؤيدة» للقواعد الجديدة التي ستسمح لها بإعادة بعض المهاجرين الذين يصلون على متن قوارب صغيرة إلى القارة، للمرة الأولى منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي
يطالب قادة الاتحاد الأوروبي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بتقديم تنازلات في شأن الهجرة وصيد الأسماك وتنقل الشباب، كجزء من «إعادة ضبط» علاقته مع الكتلة.
وسيزور ستارمر بروكسل للمرة الأولى منذ توليه المنصب اليوم الأربعاء لبدء مفاوضات حول اتفاق جديد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
لكن في المقابل، حذر قادة أوروبيون سراً من أن ستارمر يجب ألا يحصل على «وجبة مجانية»، مطالبين الجانب البريطاني بتقديم سلسلة من التنازلات تشمل طلباً مثيراً للجدل في شأن الوصول طويل الأمد إلى المياه البريطانية لأسطول الصيد الأوروبي، وهو امتياز من المقرر أن ينتهي عام 2026.
ومن المتوقع أن تطلب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين من ستارمر فتح محادثات حول اتفاق جديد لإعادة المهاجرين، في حين يتطلب من بريطانيا قبول حصص محدودة من طالبي اللجوء من القارة.
إضافة إلى ذلك، تطالب بروكسل أن يوافق ستارمر على خطة منفصلة لتنقل الشباب تمنح الشباب الأوروبي الحق في العيش والعمل داخل بريطانيا.
وتعد تلك التنازلات ثمناً لطلب ستارمر إعادة كتابة اتفاق التجارة الخاص بـ»بريكست» بهدف تعزيز النمو، من خلال تقليل الفحوصات والإجراءات الورقية على بعض الصادرات البريطانية.
وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي إلى صحيفة «التايمز»، «لدينا مصالح هجومية في مجالات تنقل الشباب وصيد الأسماك يجب عدم إهمالها»، مضيفاً «لا وجبات مجانية أو اختيار ما يناسبنا فحسب».
وفي غضون ذلك توقع مصدر حكومي بريطاني أن تثير فون دير لاين مطالب الاتحاد الأوروبي خلال لقائها ستارمر، لكن المفاوضات التفصيلية لن تبدأ إلا بعد «بضعة أشهر».
وأضاف المصدر «الأمر يتعلق بتحديد ما إذا كانت هناك إمكانية للمضي قدماً بنية حسنة»، متابعاً «هم يعرفون خطوطنا الحمراء في شأن الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة وحرية الحركة، لكن الأمل هو أن نبني علاقات أفضل عبر مجموعة من المجالات التي تخدم مصالحنا المشتركة».
قضية الهجرة غير الشرعية
ومن بين القضايا التي من المحتمل أن تثيرها فون دير لاين قضية الهجرة غير الشرعية، إذ تسعى بروكسل إلى حث بريطانيا لتتماشى مع الاتفاق الجديد للجوء في الاتحاد الأوروبي، الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ عام 2026.
وسيتطلب هذا الاتفاق من الدول الأعضاء إعادة توطين حصة سنوية من طالبي اللجوء في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، تبدأ بـ30 ألف لاجئ سنوياً كحد أدنى، تقسم بين الدول بحسب حجمها.
ويعتقد قادة الاتحاد الأوروبي أن بريطانيا أصبحت الآن «مؤيدة» للقواعد الجديدة التي ستسمح لها بإعادة بعض المهاجرين الذين يصلون على متن قوارب صغيرة إلى القارة، للمرة الأولى منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وفي المقابل سيكون على بريطانيا قبول بعض طالبي اللجوء الذين يدخلون أوروبا كل عام، إضافة إلى إنشاء مسار قانوني لطلب اللجوء إلى بريطانيا من أوروبا بما في ذلك حقوق الإقامة لعائلاتهم، وستحدد الأرقام من خلال المفاوضات وفقاً لنظام مماثل كان مطبقاً عندما كانت بريطانيا عضواً في الاتحاد الأوروبي، ولم تتمكن من نقل سوى 105 مهاجرين خلال عام واحد، ولكنها استقبلت 882 مهاجراً من دول الاتحاد الأخرى.
وأكد الاتحاد الأوروبي وبريطانيا أن أي اتفاق لن يشمل انضمام بريطانيا إلى اتفاق اللجوء الخاص بالاتحاد الأوروبي، مع الإصرار على أن هذا الاتفاق مخصص للدول الأعضاء فحسب.
ومع ذلك قالت مصادر من وزارة الداخلية إن الحكومة منفتحة على مناقشة احتمال التوصل إلى اتفاق منفصل يتماشى مع هذا الاتفاق.
وكان ستارمر ووزراؤه استمروا في رفض فكرة التوصل إلى حصص للمهاجرين مع الاتحاد الأوروبي منذ توليهم الحكومة خلال يوليو (تموز) الماضي، ولكن الطلب من بروكسل سيكون شرطاً مسبقاً لبدء المفاوضات.
وقال مصدر حكومي «مفاوضات، سنبحث خلالها عن اتفاق ضيق في شأن إعادة المهاجرين إذ يمكننا استكشاف خيار لم شمل العائلات، وقد يكون الاتفاق مع دولة واحدة أو يسمح لنا بإعادة بعض الأشخاص واستقبال الأطفال غير المصحوبين الذين لديهم عائلات في بريطانيا».
ومن جانبها عبرت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر عن اهتمامها بالتوصل إلى اتفاق يعيد فعلياً تطبيق «اتفاق دبلن»، الذي توقف عن العمل بالنسبة إلى بريطانيا بعد مغادرتها الاتحاد الأوروبي عام 2020. وكانت هذا الاتفاق يسمح بإعادة طالبي اللجوء المرفوضين إلى الدولة التي دخلوا منها أولاً، ولكن الاتفاق انهار بصورة كبيرة منذ ذلك الحين.
نزاع الصيد وتنقل الشباب
وفي ما يتعلق بمسألة الصيد تضغط فرنسا من أجل التوصل إلى اتفاق طويل الأمد يزيد من الوصول إلى المياه البريطانية لمصلحة أساطيل الصيد الأوروبية بعد انتهاء الاتفاق الحالي عام 2026.
وأوضح قادة الاتحاد الأوروبي أنهم يريدون رؤية تنازلات تتعلق ببرنامج تنقل الشباب كجزء من خطة تسمح للأشخاص من دون سن الـ30 بالقدوم للعيش والعمل في بريطانيا لفترة زمنية محدودة، ومن المتوقع أن ينشر الاتحاد الأوروبي مقترحاته الرسمية حول البرنامج خلال الأسابيع المقبلة.
إضافة إلى أورسولا فون دير لاين سيلتقي كير ستارمر أيضاً رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل ورئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا.
ويسعى ستارمر إلى مفاوضات تفصيلية لتسليم حزمة شاملة من «التعاون الطموح والمحسن» مع الاتحاد الأوروبي، إذ قال «من الواضح أن بريطانيا تصبح أقوى عندما تعمل بصورة متناسقة مع أقرب شركائها الدوليين».
وفي اجتماع لسفراء أوروبيين أول من أمس الإثنين حذرت فون دير لاين من أن «إعادة الضبط» يجب أن يكون قراراً جماعياً للاتحاد الأوروبي وليس عملية فردية. وقال دبلوماسي إن المبدأ الأساس هو أن المبادئ التي حكمت محادثات «بريكست» السابقة لا تزال سارية، مشيراً إلى أن الخطوط الحمراء التي وضعها ستارمر تعني أن أي اتفاق سيكون «محدوداً».

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button