«الوطني»: الإمارات وجهة رئيسية لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر
توقع تقرير اقتصادي صادر عن بنك الكويت الوطني أن يبقى نمو الاقتصاد غير النفطي في دولة الإمارات العربية المتحدة قويا في عام 2025 عند +4%، بدعم من خفض سعر الفائدة وتدفقات الاستثمار الأجنبي، والمشاريع الإنشائية الضخمة، والإصلاحات الحكومية الفاعلة، ونمو السياحة والتجارة. كما توقع التقرير أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي النفطي نموا ملحوظا في ظل زيادة الإنتاج بعد إقرار منظمة أوبيك وحلفائها لسياسة الإلغاء التدريجي للتخفيضات.
من جهة أخرى، لفت تقرير «الوطني» إلى أن الطفرة العقارية أثبتت قدرتها على الاستمرار، حيث يتوقع لها أن تمتد حتى عام 2025 بفضل النمو القوي للقطاعات غير النفطية وتدفقات العمالة والاستثمارات، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تبقى معدلات التضخم منخفضة نسبيا.
وقال التقرير أن أبرز المخاطر المتوقعة التي تهدد هذا المشهد الاقتصادي تتمثل في احتمال تصاعد الصراعات الإقليمية والتي قد تنعكس سلبا على الاستثمار والثقة، بالإضافة إلى تباطؤ النمو العالمي، نظرا لنموذج الاقتصاد الإماراتي المرتبط بالنمو الدولي.
وأضاف التقرير: تشير التوقعات الاقتصادية لعام 2025 لاستمرار الزخم الإيجابي، بدعم من مواصلة تطبيق خطط تطوير البنية التحتية بما في ذلك زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط والغاز، وازدهار قطاع العقارات والإنشاءات، وتنامي السياحة، فيما أسهم إطلاق المبادرات والإستراتيجيات الاقتصادية خلال السنوات الثلاث الماضية، بما في ذلك السماح بالملكية الأجنبية والإصلاحات المتعلقة بمنح التأشيرات، في تحويل الإمارات إلى وجهة رئيسية لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ تصدرت دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا في عام 2023 وفقا لتقرير «الأونكتاد»، كما تضاعف عدد الشركات المسجلة ليصل إلى أكثر من مليون منذ عام 2020.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الاتفاقيات التجارية المتنامية في تحقيق نمو بنسبة 21% في التجارة الخارجية خلال الفترة من 2021 إلى 2023، متجاوزة الهدف السنوي للنمو والبالغ 8.5% وفقا لرؤية «نحن الإمارات 2031».
من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يشهد الاقتصاد غير النفطي عاما آخر من النمو القوي بنسبة +4% في 2025، ويرجح أن يكون التوسع القوي الذي شهده الائتمان الخاص في 2024 (+6.9% على أساس سنوي في يونيو)، بالإضافة إلى تزايد تدفقات الاستثمار، والتي سيتجه جزء منها نحو الأسواق المالية والعقارية، من أبرز المحركات الرئيسية للطلب المحلي في 2025.
فعلى سبيل المثال، ارتفع مؤشر سوق الأسهم في دبي بنسبة 8.5% منذ بداية العام الحالي حتى نهاية الربع الثالث، بينما سجلت المبيعات العقارية في إمارة دبي زيادة بنسبة 30% على أساس سنوي، وستدعم السياسة النقدية التيسيرية، إلى جانب معدل التضخم المنخفض نسبيا وارتفاع عدد السكان، النشاط الاستهلاكي خلال فترة التوقع.
على الصعيد ذاته، كشف التقرير عن استعدادات قطاع النفط لتحقيق انتعاش ملحوظ في 2025 (+7.8%)، بعد تسجيله لنمو ضعيف في العام الحالي (+0.4%)، إذ ستبدأ منظمة أوبيك وحلفاؤها في الإلغاء التدريجي لتخفيضات حصص الإنتاج بدءا من ديسمبر 2024، فيما تشير التوقعات إلى أن إنتاج النفط قد يصل إلى 3.4 ملايين برميل يوميا بنهاية 2025.
وفي ظل وتيرة تسريع مشاريع التنقيب عن النفط والغاز والتي تبلغ قيمتها نحو 30 مليار دولار وتقودها شركة أدنوك المملوكة للدولة وشركاؤها (وفقا لتقديرات مجلة «ميد»)، فمن المرجح أن تحقق الإمارات هدفها المتمثل في الوصول لطاقة إنتاجية قدرها 5 ملايين برميل يوميا في 2026، متقدمة بنحو عام عن الهدف المحدد سابقا. وبصفة عامة، فمن المحتمل أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 5.1% في عام 2025، مقارنة بالنمو المقدر لهذا العام بنسبة 3.3%، إلا أنه على الرغم من قوته، يبقى هذا النمو أقل من متوسط معدل النمو السنوي البالغ 7.2% الذي تسعى الحكومة لتحقيقه للوصول إلى أهداف رؤية 2031، والتي تتضمن مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي.
استمرار زخم العقارات
في الإطار ذاته، أكد التقرير على أن سوق العقارات الاماراتي حافظ على قوته مدفوعا بتدفق العمالة الوافدة والاستثمار الأجنبي، معززا مكانة الإمارات كملاذ آمن لرؤوس الأموال، وبلغت قيمة المبيعات العقارية في دبي 375 مليار درهم في التسعة أشهر الأولى من 2024، بزيادة نسبتها 30% على أساس سنوي، متراجعة من 62% في الفترة المماثلة من 2023.
ومن المتوقع استمرار التراجع عن هذه المعدلات الاستثنائية حتى 2025، مع توقع تسجيل معدل نمو معتدل في أسعار العقارات (+20% على أساس سنوي في دبي، +8% في أبوظبي خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2024)، مدعوما بزيادة المعروض السكني، وبالرغم من ذلك، فإن خفض أسعار الفائدة قد يعزز الطلب على العقارات، خصوصا على الشقق الفاخرة بفضل تقييماتها المنخفضة نسبيا وإمكانية تحقيق عوائد مرتفعة.
في المقابل، من المتوقع أن يرتفع تضخم أسعار المستهلكين هامشيا إلى 2.4% في 2025 مقابل 2.2% خلال العام الحالي، وهو المعدل الذي يعتبر منخفضا بالنظر للنمو الاقتصادي القوي خلال فترة التوقع. ومن المنتظر أن تسهم زيادة المعروض في كبح ارتفاع إيجارات المساكن بعد الأداء القوي هذا العام (+6.5% على أساس سنوي من يناير إلى أغسطس في دبي)، كما قد تنخفض تكاليف النقل نتيجة تراجع أسعار الوقود في 2025 على خلفية توقع انخفاض أسعار النفط.
الاحتياطيات الخارجية
على الرغم من التراجع المتوقع لفائض المالية العامة من نسبة 3.1% هذا العام إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025 نتيجة لتزايد النفقات وانخفاض أسعار النفط، إلا أن وضع المالية العامة لحكومة الإمارات ما يزال قويا مقارنة بنظرائها في دول مجلس التعاون الخليجي، ويعكس ارتفاع النفقات المقرر في الميزانية الاتحادية للإمارات وميزانية إمارة دبي لعام 2025 (زيادة بنسبة +11.5% إلى 72 مليار درهم و+5.8% إلى 84 مليار درهم، على التوالي مقارنة بالموازنة السابقة) التزام السلطات بالمضي قدما في خططها الطموحة للاستثمار في البنية التحتية.
ومن المتوقع أن يستمر الدين الحكومي في التراجع من 31% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 إلى نحو 27% بنهاية 2025، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، كما سيبقى التصنيف الائتماني المرتفع مدعوما بمستوى الدين المعتدل، وصافي الأصول الخارجية القوي (المقدر بنحو 1.5 تريليون دولار أو 280% من الناتج المحلي الإجمالي)، والنمو المستمر للصادرات غير النفطية وتنامي قطاع السياحة.
وكانت وكالة «فيتش» قد أكدت مؤخرا التصنيفات الائتمانية السيادية المرتفعة، مع نظرة مستقبلية مستقرة عند AA لإمارة أبوظبي وAA- لدولة الإمارات.
التوترات الجيوسياسية
تشير التوقعات الاقتصادية إلى توافر أساس قوي للنمو بفضل الموقف التوسعي للميزانيات المحلية والاتحادية، فضلا عن التخفيضات المرتقبة لأسعار الفائدة، والمشاريع الإنشائية الضخمة، والزيادة المتوقعة في إنتاج النفط. ومع ذلك، تبرز بعض المخاطر الرئيسية التي قد تؤثر على هذا المشهد المتفائل، بما في ذلك احتمال تصاعد الصراعات الإقليمية الذي قد يؤثر سلبا على الاستثمار، بالإضافة إلى احتمال انكماش الاقتصاد العالمي. وقد تؤدي هذه المخاطر إلى انخفاض أسعار النفط، ما سيكون له تداعيات أكبر على النشاط غير النفطي في الإمارات مقارنة بنظرائها، نظرا لكون اقتصادها أكثر انفتاحا وتعرضا للاقتصاد العالمي.