«كامكو إنفست»: أسواق النفط شهدت تقلبات حادة مطلع الشهر الجاري
قال تقرير اقتصادي صادر عن شركة «كامكو إنفست» إن أسواق النفط شهدت تقلبات حادة منذ مطلع الشهر الجاري، مدفوعة بصفة رئيسية بالمخاوف المتزايدة من تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، كما استفادت أسعار النفط الخام من الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنتها الصين، والتي من المتوقع أن تعزز الطلب المحلي على النفط من خلال الاستثمارات الحكومية المستهدفة.
في الوقت ذاته، لفت التقرير إلى أن بيانات التضخم الأميركية لشهر سبتمبر 2024 والتي أظهرت تراجعا بوتيرة أفضل من التوقعات، ساهمت في تعزيز الثقة بمرونة الاقتصاد الأميركي، مما دفع الخبراء إلى استبعاد احتمالية حدوث ركود اقتصادي حاد على المدى القريب.
على صعيد آخر، كان للتطورات الأخيرة في الشرق الأوسط تأثير محدود على إمدادات النفط، خاصة من إيران، مما أدى إلى تراجع علاوة المخاطر الجيوسياسية وانخفاض الأسعار بشكل حاد خلال آخر أربع جلسات تداول.
واستقر سعر مزيج خام برنت في حدود 74 دولارا للبرميل، بعد أن وصل إلى 80 دولارا خلال الأسبوع الأول من أكتوبر 2024، حيث جاء هذا الارتفاع على خلفية تصاعد التوترات في الشرق الأوسط إثر الهجوم الصاروخي الإيراني، الذي ترافق مع تهديدات بالانتقام واستهداف المنشآت النفطية.
وعلى الرغم من ذلك، أسفرت التصريحات الأخيرة عن تهدئة المخاوف المتعلقة بتهديدات محتملة للمنشآت النفطية في إيران، مما ساهم في تراجع أسعار النفط، وفي ذات الوقت، أسفرت الجهود النقدية والمالية التي تبذلها الصين لإنعاش اقتصادها عن تأثير محدود في دعم أسعار النفط.
ويترقب المستثمرون الحصول على صورة أوضح حول تلك المبادرات، بالإضافة إلى حزمة دعم إضافية بقيمة 850 مليار دولار عبر سندات خزينة خاصة، والمقرر أن تمتد على مدى الثلاثة أعوام المقبلة لتعزيز النمو الاقتصادي.
وعلى الرغم من ذلك، تبدو توقعات الطلب على النفط في المدى القريب ضعيفة، كما عكستها التوقعات الأخيرة الصادرة عن كل من أوبيك ووكالة الطاقة الدولية، حيث كانت الصين المحرك الرئيسي للتوقعات المنخفضة.
ومن المتوقع أيضا أن يتأثر الطلب في أوروبا، وهو ما تؤكده البيانات الأخيرة التي كشفت عن تباطؤ النمو الاقتصادي في بعض الاقتصادات الكبرى في المنطقة. من جهة أخرى، خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط للعام 2024 بمقدار 40 ألف برميل يوميا ليصل إلى 0.86 مليون برميل يوميا، إلا أن الوكالة رفعت توقعاتها للعام 2025 بمقدار 50 ألف برميل يوميا لتصل إلى مليون برميل يوميا.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينمو الطلب في الصين بمقدار 150 ألف برميل يوميا في 2024، في تعديل هبوطي بمقدار 30 ألف برميل يوميا مقارنة بالشهر الماضي، وفي المقابل، خفضت أوبيك توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 106 ألف برميل يوميا، ليصل إلى 1.93 مليون برميل يوميا في 2024.
وعلى جانب العرض، أظهر أحدث تقرير شهري صادر عن «أوبيك» انخفاضا حادا في الإنتاج، مدفوعا بصفة رئيسية بتراجع إنتاج ليبيا، وهو الأمر الذي تفاقم بسبب انخفاضات هامشية لدى معظم المنتجين الآخرين في المجموعة. وبلغ متوسط إجمالي الإنتاج 26 مليون برميل يوميا، وفقا لمصادر «أوبيك» الثانوية، كما ساهمت جهود بعض المنتجين لتعويض فائض الإنتاج خلال الأشهر السابقة في هذا التراجع.
في المقابل، حافظ إنتاج النفط في الولايات المتحدة على مستوى قياسي مرتفع، اذ بلغ 13.4 مليون برميل يوميا خلال الأسبوع المنتهي في 4 أكتوبر 2024.
الاتجاهات أسعار النفط
تم تداول العقود الآجلة لمزيج خام برنت عند أدنى مستوياتها المسجلة في أسبوعين، إذ بلغت نحو 74 دولارا للبرميل في 16 أكتوبر 2024، بعد أن أدت المخاطر الجيوسياسية في الأسبوع الأول من الشهر إلى ارتفاع الأسعار، مما كبح توقعات الطلب وأدى إلى تقليص مخاطر تزايد المعروض النفطي.
وكانت أسعار العقود الآجلة قد وصلت إلى أكثر من 80 دولارا للبرميل في 7 أكتوبر 2024، لتسجل 80.93 دولارا للبرميل، مما يمثل أول ارتفاع فوق هذا المستوى منذ ستة أسابيع.
جاء ذلك في ظل حذر المستثمرين من تصاعد الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، مما دفعهم إلى الانسحاب من مراكزهم في سوق العقود الآجلة للنفط والتي شهدت تراجعا قياسيا حتى منتصف سبتمبر 2024.
وقد أسفر هذا الارتفاع عن زيادة أسعار النفط الخام بنسبة 8.45% تقريبا خلال الأسبوع الأول من الشهر، مسجلة بذلك أكبر مكاسب أسبوعية في أكثر من 21 شهرا.
كما أتاح هذا الارتفاع لمنتجي النفط تأمين أسعار أعلى للمبيعات المستقبلية، وفقا للبيانات المتعلقة بمراكز العقود الآجلة الصادرة عن وكالة «بلومبيرغ»، إلا أن الانخفاضات التي شهدتها جلسات التداول اللاحقة أدت إلى تراجع الأسعار بأكثر من 8%.
من جهة أخرى، ساهمت بيانات مخزون النفط في الولايات المتحدة إلى تصاعد الضغوط الهبوطية على الأسعار، فبعد أن وصلت المخزونات إلى أدنى مستوياتها في أكثر من عام في منتصف سبتمبر 2024، سجلت مخزونات الخام الأميركية مكاسب خلال الأسبوع الأخير من سبتمبر والأسبوع الأول من أكتوبر 2024.
وقد ساهمت الزيادة الإجمالية التي بلغت 9.7 ملايين برميل على مدى أسبوعين في رفع المخزونات إلى 422.7 مليون برميل، وفي المقابل، أظهرت البيانات الأسبوعية لعدد منصات الحفر النفطي الصادرة عن «بيكر هيوز» انخفاض عدد منصات النفط في الولايات المتحدة على مدار أسبوعين متتاليين، إذ تراجعت إلى 479 منصة في الأسبوع المنتهي في 4 أكتوبر 2024.
أما من حيث الاتجاهات الشهرية للأسعار فتراجعت أسعار كل درجات النفط الخام تقريبا خلال سبتمبر 2024، إذ انخفض متوسط سعر العقود الفورية لمزيج خام برنت بنسبة 8% ليصل إلى 74.3 دولارا للبرميل في سبتمبر 2024، مقابل 80.7 دولارا للبرميل في المتوسط خلال شهر أغسطس 2024.
من جهة أخرى، انخفض سعر سلة «أوپيك» المرجعية بنسبة 6.1% ليصل إلى 73.6 دولارا للبرميل، في حين شهد سعر خام التصدير الكويتي انخفاضا بمعدل أقل نسبيا بنسبة 5.2% ليصل في المتوسط إلى 74.7 دولارا للبرميل في سبتمبر 2024.
في الوقت ذاته، اتفقت تقديرات الإجماع على المراجعة الهبوطية لأسعار مزيج خام برنت على مدار الست فترات ربع سنوية المقبلة. حيث تم خفض توقعات الربع الرابع من 2024 بمقدار 3.5 دولارات للبرميل، ليصل السعر إلى 78.5 دولارا للبرميل، وفقا لبيانات وكالة «بلومبيرغ».
الطلب على النفط
وفقا لأحدث تقرير شهري صادر عن «أوپيك»، تم خفض توقعات نمو الطلب العالمي على النفط للعام 2024 بمقدار 106 آلاف برميل يوميا، وتتوقع الوكالة أن ينمو الطلب على النفط بمقدار 1.93 مليون برميل يوميا مقارنة بالعام 2023 ليصل هذا العام في المتوسط إلى 104.14 ملايين برميل يوميا.
وتعكس هذه المراجعة الهبوطية التعديلات المتعلقة ببيانات الطلب الفعلي على النفط للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن فترة الربع الثاني من 2024. أما بالنسبة للربع الثالث من 2024، فقد رفعت «أوپيك» هامشيا توقعاتها للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الأميركيتين لمراعاة التحسن المتوقع إلى حد كبير في الطلب على النفط في الولايات المتحدة.
أما على صعيد الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فتم إجراء أكبر مراجعة هبوطية لبيانات الطلب الخاصة بالصين، تليها منطقة الشرق الأوسط. وتتوقع «أوپيك» الآن أن يبلغ الطلب في الصين 16.94 مليون برميل يوميا في 2024 مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 17.01 مليون برميل يوميا، إلا انه على الرغم من ذلك، تتوقع «أوپيك» ارتفاع الطلب على النفط في الصين خلال الربع الرابع من 2024 على خلفية الإجراءات المعلنة مؤخرا والتي تستهدف دعم وتعزيز الاقتصاد.
وبالنسبة للعام 2025، خفضت «أوپيك» أيضا توقعاتها بمقدار 102 ألف برميل يوميا إلى 1.6 مليون برميل يوميا. ويعكس التعديل الهبوطي انخفاض الطلب في كل من الصين وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط، وهو الأمر الذي يقابله جزئيا مراجعة تصاعدية هامشية لبيانات الطلب في الولايات المتحدة والدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
العرض من خارج «أوپيك»
شهدت إمدادات النفط العالمية انخفاضا حادا خلال سبتمبر 2024، إذ بلغت 102.8 مليون برميل يوميا، وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية. ويعكس هذا الانخفاض الذي بلغ 640 ألف برميل يوميا على أساس شهري، تراجعا عن مستوى 103.5 ملايين برميل يوميا المسجل في أغسطس 2024، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى انخفاض إنتاج ليبيا بسبب تعطل عمليات إنتاج النفط والصادرات، كما تأثر الإنتاج في كازاخستان والنرويج بسبب أعمال الصيانة، إلى جانب تراجع الإنتاج من بعض المنتجين في مجموعة «أوپيك»، وذلك بهدف تعويض الفائض السابق في الإنتاج.
في الوقت ذاته، أبقت «أوپيك» على توقعاتها لنمو إمدادات النفط من للدول غير المشاركة في «ميثاق التعاون المشترك» لهذا العام دون تغيير مقارنة بتوقعاتها السابقة. ومن المتوقع أن ينمو العرض من هذه الدول بمقدار 1.23 مليون برميل يوميا في 2024، ليصل في المتوسط إلى 53 مليون برميل يوميا خلال العام. إلا أن التوقعات شهدت تعديلات على مستوى كل دولة على حدة، حيث تم إجراء مراجعة هبوطية للبيانات الخاصة بالدول الأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهو الأمر الذي قابله مراجعات تصاعدية للبيانات المتعلقة بالولايات المتحدة.
كما أبقت «أوپيك» على توقعات نمو إمدادات النفط للدول غير المشاركة في «ميثاق التعاون المشترك» دون تغيير للعام 2025. وتتوقع الوكالة أن تنمو إمدادات تلك الدول بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا لتصل في المتوسط إلى 54.17 مليون برميل يوميا في 2025.
إنتاج «أوپيك» من النفط
شهد إنتاج «أوپيك» من النفط الخام أكبر انخفاض شهري في تسعة أشهر خلال سبتمبر 2024، إذ بلغ متوسط الإنتاج 26.61 مليون برميل يوميا، فيما يعد ثاني أدنى مستويات الإنتاج المسجلة في أكثر من ثلاثة أعوام. وقد جاء هذا الانخفاض بمقدار 480 ألف برميل يوميا، وفقا لبيانات «بلومبيرغ»، رغم عدم حدوث أي تعديلات في سياسات إنتاج الأوپيك وحلفائها، كما هو الحال في الانخفاضات السابقة ذات الحجم المماثل.
ويعكس هذا التراجع انخفاض الإنتاج الذي أبلغت عنه 9 من المنتجين الـ 12 في «أوپيك». وسجلت ليبيا أكبر انخفاض، إذ بلغ متوسط الإنتاج 600 ألف برميل يوميا في سبتمبر 2024، مقابل 960 ألف برميل يوميا خلال الشهر السابق.
وفي الوقت ذاته، أبلغ العراق عن انخفاض حاد في الإنتاج، حيث وصل إلى 4.25 ملايين برميل يوميا، نتيجة لخفض البلاد للإنتاج لتعويض الفائض السابق مقارنة بالحصص المقررة وفقا لجدول «أوپيك» وحلفائها. من جهة أخرى، كشفت البيانات الصادرة عن مصادر الأوپيك الثانوية عن تسجيل انخفاض أكثر حدة في إنتاج المجموعة، والذي تجاوز 0.6 مليون برميل يوميا، ليصل متوسط الإنتاج إلى 26.04 مليون برميل يوميا خلال الشهر.