رغم اقترابه من مستهدف الفيدرالي.. لماذا لا يزال التضخم الأميركي مصدر قلق؟
مجرد اقتراب بنك الاحتياطي الفيدرالي من مستهدف للتضخم لا يعني أن المشكلة قد حُلت، إذ لا يزال ارتفاع أسعار السلع والخدمات في مختلف أنحاء الاقتصاد الأميركي يشكل عبئاً على الأفراد والشركات وصانعي السياسة، وفقاً لما ذكرته شبكة “CNBC”، واطلعت عليه “العربية Business”.
وعلى الرغم من أن تقارير أسعار السلع والخدمات مؤخراً كانت أقوى قليلاً من المتوقع، فإنها تشير إلى أن معدل التضخم على مدى العام الماضي يقترب من مستهدف البنك المركزي البالغ 2%.
وتوقع بنك “غولدمان ساكس” مؤخراً أنه عندما يصدر مكتب التحليل الاقتصادي في وقت لاحق من هذا الشهر بياناته بشأن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس الأسعار المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، فقد يكون معدل التضخم قريباً بما يكفي من مستوى 2%.
ولكن التضخم عبارة عن سلسلة مترابطة ببعضها البعض. ولا يمكن قياسه بالكامل بأي مقياس فردي، وبموجب العديد من المقاييس لا يزال التضخم أعلى بكثير من المستوى الذي يُشعر معظم الأميركيين وبعض مسؤولي الفيدرالي بالراحة.
وترى رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرنسيسكو، ماري دالي، أن خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في سبتمبر/أيلول محاولة لتعديل السياسة، لجعل أسعار الفائدة الحالي متماشياً مع التضخم الذي أصبح بعيدا عن ذروته في منتصف عام 2022 في نفس الوقت الذي توجد فيه علامات على تراخي سوق العمل.
وعندما يتعلق الأمر بالتضخم، هناك شيئان يجب تذكرهما: معدل التضخم، وهو المنظور لمدة 12 شهرا، وتداعيات استمراره لأكثر من 3 سنوات على الاقتصاد.
بلغ معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين 2.4% في سبتمبر/أيلول، وهو تحسن كبير مقارنة بأعلى مستوى بلغ 9.1% في يونيو/حزيران 2022. ويجذب مقياس أسعار المستهلكين الجزء الأكبر من التركيز العام، ولكنه يأتي في المرتبة الثانية بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي يفضل مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي.
وبينما تتراجع بعض مقاييس التضخم واسعة النطاق مثل مؤشر أسعار المستهلكين ومؤشر نفقات الاستهلاكي الشخصي، ترتفع بعض المقاييس الأخرى.
فعلى سبيل المثال، سجل مقياس التضخم “الثابت” لبنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا- مثل الإيجار والتأمين والرعاية الطبية- 4% في سبتمبر/أيلول، على الرغم من أن “مؤشر أسعار المستهلكين المرن”، الذي يشمل تكاليف الغذاء والطاقة والمركبات، في حالة انكماش صريح بنسبة -2.1%. ويعني هذا أن الأسعار التي لا تتغير كثيراً لا تزال مرتفعة، في حين أن الأسعار التي تتغير، في هذه الحالة، الخاصة البنزين، تنخفض ولكنها قد تتحول في الاتجاه الآخر.
علاوة على ذلك، سجل التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، 3.3% في سبتمبر/أيلول وفقاً لمقياس مؤشر أسعار المستهلكين، و2.7% في أغسطس/آب وفقاً لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي.
وبينما كان مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي يتحدثون مؤخراً عن التضخم العام، فتاريخياً، كانوا يعتبرون أن التضخم الأساسي هو مقياس أفضل للاتجاهات طويلة الأجل. وهذا يجعل بيانات التضخم أكثر إزعاجاً.
وفي خضم التيارات المتقلبة من الأخبار الجيدة والسيئة بشأن التضخم، يتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي اتخاذ قرار مهم في اجتماعه للسياسة النقدية يومي السادس والسابع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ومنذ أن صوت صانعو السياسة في سبتمبر/أيلول على خفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار نصف نقطة مئوية، أو 50 نقطة أساس، تصرفت الأسواق بحذر. فبدلاً من التحسب لأسعار فائدة أقل في المستقبل، بدأت الأسواق تشير إلى مسار أعلى.
فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر الفائدة الثابت على قروض الرهن العقاري لأجل 30 عاماً بنحو 40 نقطة أساس منذ التخفيض. كما ارتفعت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار مماثل، كما ارتفع معدل التعادل لمدة 5 سنوات، وهو مقياس تضخم سوق السندات الذي يقيس السندات الحكومية لأجل 5 سنوات مقابل سندات الخزانة المحمية من التضخم لنفس المدة، بنحو ربع نقطة مئوية وكان مؤخراً عند أعلى مستوى له منذ أوائل يوليو/تموز.