مختارات اقتصاديةمنوعات اقتصادية

بعد سنوات من التخطيط .. أمريكا تخفق مجددًا في تقويض قوى الشرق

فشلت تطلعات أمريكا لوقف قطار التطور التكنولوجي في الصين، بعدما أمضت سنوات في نسج شبكة من الضوابط وسلسلة من القيود المعقدة، التي ترمي في نهاية المطاف إلى منع الشركات الصينية من الوصول -سواء عبر الشراء أو التصنيع- إلى رقائق إلكترونية متطورة.

وقبل أسابيع، علمت شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات “تي إس إم سي”، المنتجة لأكثر الرقائق تقدمًا في العالم، أن بعض شرائحها انتهى بها المطاف في أجهزة من صنع “هواوي”، شركة الاتصالات الصينية الضخمة التي تقع في قلب العقوبات الأمريكية.

وقالت “تي إس إم سي”، التي تصنع الرقائق لشركات التكنولوجيا الكبرى مثل “آبل” و”إنفيديا”، إنها لم تزود “هواوي” بالرقائق منذ دخول هذه القيود حيز التنفيذ.

ومع ذلك، فإنها تواصل تزويد شركات كبرى في الصين بمنتجاتها، وتزايدت المخاوف بين المسؤولين الأمريكيين من أن شركات أخرى قد تقوم بتوجيه المنتجات إلى هواوي.

ممَّ تخشى أمريكا؟

– حاولت الحكومة الأمريكية إبعاد الرقائق المتقدمة عن أيدي الشركات الصينية بسبب المخاوف من استخدامها لأغراض عسكرية، وعلى ما يبدو أيضًا خشية تفوق بكين عليها في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي.

– أيضًا منعت “هواوي” والشركات الصينية الأخرى من شراء المنتجات المصنوعة باستخدام التكنولوجيا الأمريكية، وضغطت على الشركات في الدول الحليفة بما في ذلك اليابان وهولندا للتوقف عن تزويدها بالرقائق.

– مع ذلك، يجري تداول الرقائق المستخدمة لدعم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بنشاط في الأسواق الصينية، على الرغم من القيود الأمريكية، واستمرت الشركات الصينية في تطوير التقنيات التي تقلق السلطات الأمريكية.

– قطعت الشركات الصينية خطوات واسعة نحو تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي والرقائق الدقيقة المتقدمة التي تعمل بها، وهذا التقدم، إلى جانب وجود رقائق من صنع شركة “تي إس إم سي” في أجهزة “هواوي”، يثير تساؤلات حول مدى نجاح القيود الأمريكية في إبعاد التكنولوجيا المتقدمة عن الصين.

ماذا سبب تجدد المخاوف؟

– اكتُشفت رقائق “تي إس إم سي” في “أسيند 910 بي” (Ascend 910B)، وهو معالج من إنتاج “هواوي” يحتوي على أنواع متعددة من رقائق الحواسيب، ويُستخدم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وفقًا لمحللين ومسؤولين سابقين في الحكومة الأمريكية.

– ليس من الواضح كيف انتهى الأمر برقائق من إنتاج “تي إس إم سي” في معالجات “هواوي”، أو عدد المعالجات التي تحتوي على هذه الرقائق، لكن من المعلوم أن الشركات الصينية بذلت جهودًا كبيرة للالتفاف على القيود الأمريكية.

– سارع العديد من الشركات الصينية، بما في ذلك “هواوي”، لشراء التقنيات الأمريكية قبل أن تغلق الولايات المتحدة المبيعات بشكل قانوني، وخزّن بعضها آلاف الرقائق، بينما حصل عليها آخرون من سوق التهريب المزدهر.

– أنتجت “تي إس إم سي” سابقًا الرقائق لجيل أقدم من معالجات “هواوي”، والتي قالت إنها لم تطلب من الشركة التايوانية إنتاج أي شرائح لها منذ تغيير القواعد الأمريكية في عام 2020، موضحة أنها خزّنت بعض الرقائق في ذلك الوقت.

– لكن المصادر المطلعة على الأمر قالت لصحيفة “نيويورك تايمز”، إن شركة صينية، تدعى “سوفجو تكنولوجيز- Sophgo Technologies” طلبت من “تي إس إم سي” هذا العام، توريد مئات الآلاف من الرقائق بتصميم مطابق لتلك الموجودة في منتج “هواوي”.

– “سوفجو”، مملوكة جزئيًا لمؤسسها “ميكري زان”، الرئيس التنفيذي لشركة “بيتماين-Bitmain“، التي تصنع الحواسيب المستخدمة في تعدين العملات المشفرة والمعالجات لأنظمة الذكاء الاصطناعي، وهي من أهم عملاء “تي إس إم سي” في الصين.

– قالت “سوفجو” في بيان إنها لم تشارك مطلقًا في أي علاقة تجارية مباشرة أو غير مباشرة مع شركة “هواوي”، وإن أعمالها لم تنتهك أبدًا أي قوانين لمراقبة الصادرات الأمريكية، لكن وفقًا لتقارير، أوقفت “تي إس إم سي” الشحنات إليها.

كيف ترى أمريكا الأمر؟

– تصنع “تي إس إم سي” شرائح تستخدم لتشغيل كل شيء من الطائرات المقاتلة إلى برامج الدردشة الآلية، ومع تسابق الشركات في جميع أنحاء العالم لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة واحتدام المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، انفجر الطلب على هذه الرقائق.

– يواجه المسؤولون الحكوميون الأمريكيون المكلفون بإنفاذ ضوابط التصدير مهمة صعبة، حيث يسعون لصياغة قواعد تقيد أفعال الشركات الخاصة خارج الولايات المتحدة.

– قالت الشركة التايوانية إنها ظلت محافظة على نظام تصدير قوي لمراقبة وضمان الامتثال، مضيفة: “إذا كان لدينا أي سبب للاعتقاد بوجود مشكلات محتملة، فسنتخذ إجراءات سريعة لضمان الامتثال، بما في ذلك إجراء التحقيقات والتواصل بشكل استباقي مع الأطراف ذات الصلة”.

– تسمح القواعد الأمريكية لشركة “تي إس إم سي” ببيع بعض أنواع الرقائق للشركات الصينية التي لا تخضع للعقوبات، ولا تمنع بشكل صريح صنع رقائق متقدمة للعملاء الصينيين الآخرين.

– قالت مصادر مطلعة على الأمر إن الشركة أوقفت الشحنات إلى اثنين على الأقل من مطوري الرقائق بسبب الشكوك في محاولتهما التحايل على ضوابط التصدير الأمريكية على شركة “هواوي”.

– وفقًا للمصادر، قدمت الشركتان طلبات لإنتاج رقائق باستخدام تقنية التصنيع المتقدمة “7 نانومتر” من شركة “تي إس إم سي”، وأثارت الزيادة التدريجية في حجم هذه الطلبات قلق الشركة التايوانية.

– الأمريكيون الآن في وضع لا يحسدون عليه، فبعد التشكيك في كفاءة العقوبات المفروضة على روسيا وقدرتها على تقويض الكرملين، يجدون أنفسهم الآن أمام معضلة جديدة، حيث واصلت أعمال التكنولوجيا في الصين ازدهارها معتمدة على التقنيات التي كافحت الولايات المتحدة لحرمانها منها.

– يبدو أن واشنطن ستكون بحاجة للتعامل مع واقع جديد مفاده أن سياسة الحصار الاقتصادي والعقوبات التجارية في عصر العولمة والرقمنة، لم تعد بنفس كفاءة الماضي، وسيكون عليها إما الخضوع لهذا الواقع أو توسيع نطاق العقوبات وتشديدها، والمخاطرة بمزيد من التوترات مع القطب العالمي الشرقي، ومن يدري إذا كانت ستنجح في النهاية!؟

المصادر: أرقام- نيويورك تايمز- نيكي

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button