الزراعة الذكية: هل تساهم التقنية الذاتية في تعزيز المحاصيل وحماية العمال؟
في عصر يتسارع فيه الابتكار التكنولوجي، تتجه الأنظار نحو الزراعة الذكية التي تدمج الأتمتة والتقنية الذاتية لتحقيق نتائج أفضل. مع تزايد التحديات التي يواجهها قطاع الزراعة، مثل نقص العمالة وتغير المناخ، تبرز أهمية التقنيات الحديثة كحلول محتملة لتعزيز الإنتاجية وكفاءة العمل.
ولكن، في خضم هذه التحولات، تثار أسئلة عديدة حول تأثير الأتمتة على العمال في القطاع الزراعي. هل ستسهم هذه التقنيات في تحسين أوضاعهم، أم ستزيد من قلقهم بشأن فقدان وظائفهم؟ في هذا السياق، يستعرض هذا التقرير مجموعة من التطبيقات الملموسة للتقنيات الذاتية في الزراعة، ويبحث في آثارها المحتملة على المحاصيل والعمال في المستقبل.
الزراعة والتقنية.. التحديات والفوائد
تشهد الزراعة تحولاً كبيراً مع دخول شركات متزايدة في مجال الأتمتة (أي: جعل الإجراءات والآلات تسير وتعمل بشكل تلقائي). ويمكن أن تساعد هذه التقنيات في تخفيف أزمة نقص العمالة العميقة، مما يمكّن المزارعين من إدارة التكاليف بشكل أفضل، مع حماية العمال من الظروف المناخية القاسية. بالإضافة إلى ذلك، قد تسهم الأتمتة في تحسين العوائد من خلال تقديم دقة أعلى في الزراعة والحصاد وإدارة المزارع، مما يخفف من التحديات المرتبطة بإنتاج الغذاء في عالم تزداد فيه درجات الحرارة.
ومع ذلك، فلا يزال العديد من المزارعين الصغار والمنتجين في أنحاء مختلفة من البلاد غير مقتنعين بفوائد هذه الأتمتة. فالحواجز التي تحول دون اعتماد هذه التقنيات لا تقتصر على الأسعار المرتفعة، بل تشمل أيضاً تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الأدوات تستطيع أداء المهام بنفس كفاءة العمال. كما يشعر بعض العمال بالقلق حيال ما قد يعنيه هذا الاتجاه بالنسبة لهم، وما إذا كانت الآلات ستؤدي إلى استغلالهم.
مدى استقلالية الأتمتة الزراعية؟
في بعض المزارع، تتجول الجرارات ذاتية القيادة في مساحات واسعة من الذرة وفول الصويا والخس. رغم أن هذه المعدات مكلفة وتتطلب مهارات جديدة، إلا أن زراعة المحاصيل الصيفية تعد سهلة نسبياً للأتمتة. ومع ذلك، يبقى حصاد الفواكه الصغيرة وغير المنتظمة أو الكبيرة، التي تحتاج إلى قوة ومهارة، تحدياً أكبر.
لكن هذا لا يثني العلماء مثل شين زانغ، المهندسة الزراعية في جامعة ولاية ميسيسيبي، عن الابتكار. فهي تعمل مع فريق في معهد جورجيا للتكنولوجيا لتطبيق تقنيات الأتمتة المستخدمة في مجال الجراحة، بالتعاون مع تقنيات التعرف على الأجسام من خلال الكاميرات المتقدمة، لإنشاء أذرع روبوتية مخصصة لحصاد التوت، مما يسمح بقطف الفواكه دون إحداث فوضى.
رئيس قسم الهندسة في شركة باور بولن، جيسون كيلسيك، يتجول بين صفوف الذرة في حقل بالقرب من إيمز، آيوا، يوم الخميس، 22 أغسطس 2024.
رئيس قسم الهندسة في شركة باور بولن، جيسون كيلسيك، يتجول بين صفوف الذرة في حقل بالقرب من إيمز، آيوا، يوم الخميس، 22 أغسطس 2024.
كانت إزالة السداة (عضو التذكير في الزهرة) من الذرة تقليداً يمارسه بعض الشباب في الغرب الأوسط، حيث يضطر المراهقون إلى العمل في حقول الذرة لمنع التلقيح غير المرغوب فيه. ومع تزايد الظروف المناخية القاسية، أصبحت هذه المهمة الشاقة أكثر صعوبة.
الآن، يقوم العديد من العمال المهاجرين بأداء هذه المهام، ويعملون لساعات طويلة تصل إلى 20 ساعة في اليوم للحفاظ على الإنتاج. ومن هنا، يرى جايسون كويب، الشريك المؤسس لشركة باوربولن «PowerPollen» للتكنولوجيا الزراعية، ضرورة ميكنة المهام (أي: استخدام الآلة فيها وتحويل العمل من يدوي إلى آلي) الشاقة مثل إزالة السداة، لتخفيف العبء عن العمال.
يرى إريك نيكولسون، الذي كان منظمًا عماليًا سابقًا في الزراعة، أن هناك قلقًا متزايدًا بين العمال بشأن فقدان وظائفهم نتيجة الأتمتة، حيث يشعرون بالقلق حيال سلامتهم أثناء العمل بجوار الآلات الذاتية. ويظهر التردد في مناقشة هذه القضايا بسبب الخوف من فقدان وظائفهم.
كما يوافق لويس خيمينيز، العامل في إحدى مزارع الألبان في نيويورك، على هذا القلق، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا تُستخدم لمراقبة صحة الأبقار، حيث يمكن أن تكشف العدوى بشكل أسرع من العامل أو الطبيب البيطري. «نحن لا نريد أن يتم استبدالنا بالآلات»، يضيف خيمينيز.