لماذا يُعد إشراك الموظفين أهم من الإنتاجية؟
– لطالما كانت مؤشرات الإنتاجية مهمة للغاية خلال عصر الثورة الصناعيّة منذ مائة عام، في ذلك الوقت، كانت المنظمات تقيس النجاح بمؤشرات صارمة مثل ساعات العمل والإيرادات لكل موظف ومخرجات الآلات.
– ولكن في ظل الثورة الصناعية الرابعة – عصر التكنولوجيا والابتكار – باتت محركات النمو تركز على الإنسان.
– لقياس الإنتاجية، تحتاج المؤسسات إلى تبني عقلية جديدة تسلط الضوء على إنتاجية الموظفين ومشاركتهم. سيّما وأن المقاييس التقليدية تغض الطرف عن رفاهيتهم، ولا تأخذ في الاعتبار مشكلات الإرهاق أو ارتفاع معدل دوران الموظفين.
– لقد حان الوقت للانتقال من قياس الإنتاجية بشكل صارم إلى نهج أكثر شمولية، وبدلاً من التركيز على مخرجات الإنتاج، علينا أن نركز على نتائج الموظفين ومقاييس النجاح.
– يُعد إشراك الموظفين جزءًا أساسيًا من هذا النهج، حيث تتعلق النتائج بالقيمة والجودة، ويمكن أن يشمل أيضًا معدلات الاحتفاظ بالعملاء أو النمو من خلال الابتكارات.
– أيضًا، يعني التركيز المتزايد على قياس التأثيرات البيئية والاجتماعية والحوكمة أن الشركات المنتجة يجب أن تتبنى نهجًا مختلفًا.
– في عام 2022، قامت مايكروسوفت بتحليل استطلاعات أكثر من 3 ملايين موظف في 200 شركة، وأظهرت النتائج أن الشركات التي لديها الموظفون الأكثر ارتباطًا تفوقت على مؤشر ستاندارد آند بورز 500.
إشراك الموظفين من أجل استدامة المؤسسة
ولكن ما هو تعريف إشراك الموظفين على وجه التحديد؟
– إنه الالتزام العاطفي والصلة التي تربط الموظفين بعملهم وفريقهم ومؤسستهم، وهي تنطوي على المشاركة والمساهمة الفعالة وتجاوز التوقعات، فضلًا عن الرغبة في تحقيق أهداف الشركة.
– بالنسبة لموظفي الخطوط الأمامية – أي الموظفين الذين لديهم اتصال مباشر مع العملاء أو الجمهور العام – فإن العلاقة بين المشاركة والنتائج التجارية في غاية الأهمية.
– حيث يمثل الموظفون الذين يتفاعلون بشكل مباشر مع العملاء والمنتجات والخدمات 80% من القوى العاملة العالمية، ولهم تأثير كبير على رضا العملاء وولائهم للشركة وجودة المنتج والسمعة.
– لذلك، بطبيعة الحال، يمكن أن يؤدي تحسين مستوى إشراك الموظفين في الخطوط الأمامية إلى تحسين النتائج التجارية واستدامة النمو.
– في الواقع، تقول الأبحاث إن إشراك القوى العاملة يمكن أن يزيد من الربحية بنسبة تصل إلى 21%.
كيف ترتقي بمستويات المشاركة؟
هناك العديد من الطرق لتعزيز مشاركة الموظفين، عادةً ما تتضمن الأساليب الأكثر فعّالية استراتيجيات ومبادرات متعددة الجوانب وفقًا لاهتمامات واحتياجات القوى العاملة المتنوعة.
كيف ترتقي بمستويات المشاركة
1- اعتماد عقلية تركز على الإنسان
أكدت الأبحاث أن أكثر من 80% من الموظفين يرغبون في أن يُنظر إليهم كأشخاص وليسوا مجرد موظفين.
ومع ذلك، يعتقد 45% فقط من الموظفين أن شركاتهم تتعامل معهم من هذا المنظور، وهنا يمكن أن تحدث الثقافة الداعمة فرقًا كبيرًا.
من الأهمية بمكان التعامل مع الموظفين على أنهم بشر وتمكينهم من الأداء الناجح.
2- تعزيز التواصل بين الموظفين
من الضروري أن يتحدث المدير مع أعضاء الفريق وجهاً لوجه، فالتواصل مع الموظفين يكسر حاجز الخوف لدى الموظف ويُظهر له أنك تهتم به كشخص ولا تعده مجرد شخص تضطر للتعامل معه بسبب العمل.
كما يعزز التواصل المفتوح المشاركة من خلال خلق شعور بالانتماء والتمكين ويُشعر الموظفين بأن آراءهم مُقدرة ومسموعة.
يمكن أن تساعد اجتماعات الفريق وجلسات العمل ومنصات مشاركة الأفكار الموظفين على الشعور بالتميّز.
3- الاستثمار في تنمية المهارات
من أهم العناصر الأساسية في عملية المشاركة، لأن الاهتمام ببناء ثقافة تدعو لتطوير الذات بشكل مستمر يساعد الموظفين في تنمية مهاراتهم وزيادة خبراتهم المهنية.
كما أن توفير فرص ودورات تدريبية للموظفين يُشعرهم باهتمام الشركة بمهاراتهم وقدراتهم الشخصية، ما يرفع من رغبتهم في المشاركة الفعالة في المؤسسة.
فعندما يستثمر أصحاب العمل في رفع الكفاءات وإعادة التدريب والنمو الفردي المستمر، فإن ذلك يُظهر التزامًا بالنجاح على المدى الطويل للجميع.
4- تمكين القادة ليصبحوا قدوة يُحتذى بها
يُعد القيادة بالقدوة أمرًا لا غنى عنه في خلق ثقافة المشاركة. لتحقيق نجاح تنظيمي قابل للقياس، يجب على القادة التواصل، وتمكين الموظفين، وتقديم المشورة والدعم، ومتابعة أساليب وإجراءات الإدارة الشاملة.
5- تسخير الأدوات التقنية لتعزيز الأداء البشري
يمكن للتكنولوجيا أن تعمل على تحسين عمل الموظفين في الخطوط الأمامية.
حيث تساعد التقنيات الجديدة في أتمتة المهام المتكررة لتقليل الرتابة، وإتاحة الوقت لحل المشكلات، وتحسين الابتكار.
هناك منصات الجدولة الرقمية ومنصات إشراك الموظفين والتطبيقات الجوالة للدعم أثناء العمل والتدريب، كل ذلك يمكن أن يجعل العمل جذابًا وممتعًا وفعالًا.
على الأرجح لن يخشى الموظفون في الخطوط الأمامية من أن تحل التكنولوجيا مكانهم إذا استفادوا من الأدوات الجديدة التي تساعدهم على العمل بشكل أفضل.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتكنولوجيا أن تساعد في تشجيع ثقافة الالتزام التي تساهم في تحسين النتائج البشرية.
ختامًا
تتطلب الإدارة الناجحة تحقيق التوازن في العمل، إذ لا يمكن تحسين الأداء المؤسسي إذا كانت الأمور تسير على نهجٍ واحدٍ دون توفير قدر من التنّوع، لذلك يجب تحقيق هذا التوازن الذي يعود بالنفع على المؤسسة من خلال تعزيز مشاركة الموظفين والتزامهم في العمل.
الاهتمام بتوفير بيئة عمل تشجع على الإبداع وتطوير مهارات الموظفين، من خلال الدورات التدريبية ومؤشرات الأداء الرئيسية المستهدفة والاجتماعات الدورية، وأيضاً مكافأة الموظفين على بذل الجهد وتحقيق النجاح من عوامل تعزيز مشاركة الموظفين وولائهم للشركة، الذي سيؤدي حتماً إلى نمو الشركة وتحقيق أهدافها.
المصدر: تالنت كالتشر