هل تشعل سياسات ترامب شرارة فقاعة جديدة في سوق الأسهم؟
تدخل الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، المشهد بقوة، واضعة أولويات تشمل ترحيل أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين وتهديدات بإشعال حرب تجارية عالمية. في الوقت نفسه، تتواصل الصراعات في أوروبا والشرق الأوسط، في حين يتراجع المتداولون في أسواق السندات عن توقعاتهم بخفض أسعار الفائدة وسط مخاوف من موجة تضخم جديدة تهدد الاقتصاد الأميركي.
رغم كل هذه التحديات، لا يبدو أن المستثمرين يشعرون بالقلق؛ حيث سجل مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” مستوى قياسيًا جديدًا الأسبوع الجاري. بل يتجه المتداولون نحو الاستثمارات الأكثر خطورة، مع تحقيق مؤشر “راسل 2000” للشركات الصغيرة أداءً يقارب ضعف أداء مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” في الأسبوعين الماضيين، مقتربًا من تسجيل أول رقم قياسي منذ عام 2021. في الوقت نفسه، وصل مؤشر الخوف إلى مستويات تعكس هدوءًا غير معتاد بين المتداولين، بحسب ما نقلته وكالة “بلومبرغ” واطلعت عليه “العربية Business”.
وأثار هذا التفاؤل الكبير، رغم المخاطر المحيطة، دهشة بعض خبراء وول ستريت، الذين يرون فيه مصدرًا للقلق. وقال إريك ديتون، رئيس ومدير شركة “Wealth Alliance”: “إحدى أهم مخاوفي هي التفاؤل المفرط الذي نراه الآن، فالتاريخ يخبرنا بأنه عندما يصبح المستثمرون مفرطين في التفاؤل، يتبادر السؤال: من سيشتري لدفع السوق إلى مستويات أعلى؟ “.
تفاؤل يثير المخاوف
شهد مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” سلسلة من الارتفاعات القياسية هذا العام، مسجلًا 53 رقمًا قياسيًا، أو بمعدل رقم قياسي كل خمسة أيام تقريبًا. وبينما لا يعد هذا التفاؤل جديدًا، بدأت تظهر مؤشرات تدل على المبالغة في التفاؤل.
يتوقع خبراء وول ستريت عامًا آخر من المكاسب القوية بعد تسجيل المؤشر زيادات تتجاوز 20% في 2023 و2024، وهو ما لم يحدث من قبل إلا خلال فقاعة الإنترنت.
قفزة في الاستثمارات الخطرة
تتركز الحركة التصاعدية الأخيرة في الأسهم على الشركات الصغيرة، التي استفادت من فوز ترامب وسياساته الاقتصادية المتمحورة حول شعار “أميركا أولًا”. استطاعت هذه الفئة، التي كانت متأخرة معظم العام، اللحاق بالسوق الأوسع، إذ ارتفعت أسهم هذه الشركات بنسبة 20% مقارنة بارتفاع مؤشر “ستاندرد أند بورز” بنسبة 26%.
يُتوقع استفادة الشركات الصغيرة من سياسات التجارة الحمائية للإدارة الجديدة، نظرًا لأنها أقل انكشافًا على الأسواق الدولية، مما يجعلها أقل عرضة للمخاطر الخارجية مثل الحروب التجارية. ومع ذلك، يواجه المستثمرون حالة من عدم اليقين بشأن تأثير هذه السياسات على النمو الاقتصادي والتضخم ومسار أسعار الفائدة.
خطر الفقاعة
يشير الخبراء إلى أن الفترة الحالية قد يطغى عليها نهج المضاربة. قال ريتشارد بيرنشتاين، مؤسس ومدير شركة “Richard Bernstein Advisors”: “من يعتقد أننا لسنا في فترة مضاربية أو حتى فقاعة، فهو لا يراقب السوق عن كثب”. وأشار المحلل إلى أن سوق العملات الرقمية مثال واضح على ذلك، حيث يرى أن الارتفاعات هناك لا تستند إلى أساسيات اقتصادية قوية.
ويوصي المحللون بالحذر، إذ يقولون إن الحذر هو مفتاح هذه المرحلة، وقراءة المؤشرات بعناية هي السبيل الوحيد لتجنب المخاطر المحتملة.