اقتصاد دولي

لحماية مصالحه التجارية .. إيلون ماسك كارت رابح محتمل للصين للتأثير على ترامب

يحظى «إيلون ماسك» بعلاقات جيدة سواء في الولايات المتحدة مع «دونالد ترامب» أو في الصين مع الرئيس «شي جين بينج» وكبار قادة الحزب الشيوعي الصيني، في وقت يشهد تزايد التوترات بين الاقتصادين الأكبر في العالم.
وذلك مع استمرار تدهور العلاقات بين واشنطن وبكين مع الحرب التجارية التي بدأها «ترامب» ووسع نطاقها «بايدن»، وحتى تهديد الرئيس الأمريكي المنتخب بفرض رسوم جمركية 60% على كافة الواردات الصينية، ثم تعهده بزيادة الرسوم 10% إضافية.
بالنسبة لـ «ترامب»، فقد دعمه «ماسك» بصورة كبيرة خلال حملته الانتخابية وأنفق أكثر من 130 مليون دولار، وأشاد به الرئيس السابع والأربعون للولايات المتحدة في خطاب النصر بعد ظهور نتائج الانتخابات. ودفعت تلك العلاقات «ترامب» لوصف «تسلا» بأنها مذهلة حتى أثناء تعهده بالتخلص من دعم السيارات الكهربائية.
أما عن بكين، فقام «ماسك» بزيارة الصين عدة مرات آخرها كان في أبريل، عندما قام برحلة مفاجئة إلى بكين للقاء رئيس الوزراء «لي تشيانغ».
أهمية الصين لـ ماسك:- تُصنع شركته التي يتولى إدارتها «تسلا» حوالي نصف سياراتها في الصين، وتزيد مبيعاتها هناك عن أي مكان آخر باستثناء الولايات المتحدة.
مصنع شنغهاي هو أكبر مصانع «تسلا» من حيث الإنتاج والذي تم بناؤه بقروض بقيمة 521 مليون دولار من البنوك المملوكة للدولة في الصين، والتي تم إصدارها بأسعار فائدة مواتية.
وتمثل الصين حوالي ربع عائدات «تسلا» العالمية، ونصيب الأسد من قدرة تصنيع المركبات، لأن لدى مصنع شنغهاي القدرة على إنتاج أكثر من 950 ألف سيارة سنويًا، مقارنة مع ما يزيد على 650 ألف سيارة من مصنع كاليفورنيا. كما تعتمد بصورة كبيرة على مصنعها في شنغهاي لتصدير سياراتها المصنوعة في الصين إلى أجزاء أخرى من العالم، كما أن مصنعها المجاور الجديد الذي يُصنع حزم بطاريات في طريقه لبدء الإنتاج في الربع الأول من عام 2025.
أما بالنسبة للصين، فيقدم المشروع مئات الملايين من الدولارات من الضرائب سنويًا في وقت يتباطأ فيه النمو الاقتصادي.
لكن تواجه «تسلا» منافسة متزايدة في بكين من الشركات المحلية، ولم تسمح الجهات التنظيمية الصينية للشركة بعد بتقديم أحدث تقنياتها للسيارات ذاتية القيادة على الطرق، بينما سمحت لشركات محلية منها «نيو» و»هواوي» و»بايدو» بالتسابق مع بدائل مماثلة أو حتى أكثر تقدمًا.
وناشد الرجل الأكثر ثراءً في العالم رئيس الوزراء الصيني «لي تشيانغ» للحصول على تصريح بالمضي قدمًا فيما تسميه «تسلا» بالقيادة الذاتية الكاملة، وذلك مع تقلص حصة شركته في السوق الصينية. وبالتالي قد يميل القادة في الصين إلى الاستفادة من دعمهم لـ «تسلا» من أجل الحصول على تنازلات من إدارة «ترامب» الجديدة عبر «ماسك».
منافسة صينية شرسة:- لا يقتصر الأمر على أعمال «ماسك» للسيارات الكهربائية فقط، لأنه يواجه منافسة صينية شرسة في كافة أعماله التجارية تقريبًا سواء في مجال الطاقة الشمسية أو البطاريات وحتى الانطلاق نحو الفضاء، لكن «تسلا» تعتبر الأكثر تعقيدًا.
فمثلا تواجه شركته «سبيس إكس» منافسات من شركات صينية ذات صلة بالدولة والتي ترغب أيضًا في الانطلاق إلى الفضاء.
وتنتج «تسلا» حزم بطاريات كبيرة تستخدمها شبكات الكهرباء لتخزين الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، وذلك في ظل سوق متنامية في ذلك المجال تهيمن عليها الصين التي تعتبر حاليًا المورد الرئيسي للألواح الشمسية في العالم. حتى إن «ماسك» أسس شركته الخاصة لحفر الأنفاق في جنوب تكساس، في الوقت الذي تنتج فيه الصين معظم آلاف حفر الأنفاق العملاقة في العالم.
لكن ربما تستفيد بعض أعماله بالحواجز التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وبالفعل في ولاية «ترامب» الأولى، أوقفت التعريفات الجمركية الباهظة تدافع شركات صناعة السيارات الصينية نحو السوق الأمريكية.
وفي يناير الماضي، علق «ماسك» قائلاً: بصراحة أعتقد أنه إذا لم يتم وضع حواجز تجارية، فإنها قد تدمر معظم الشركات الأخرى في العالم إلى حد كبير.
ورغم تعهد «ترامب» بأن التعريفات الجمركية على المركبات الكهربائية الصينية ستحمي الصناعة الأمريكية لكن الطبيعة المتكاملة لسلسلة توريد المركبات الكهربائية وتقدم الصين فيما يتعلق بتقنيات البطاريات وغيرها من المواد اللازمة يعني أن القليل من الشركات بما يشمل «تسلا» تحتاج إلى الأجزاء الصينية.
وفي أكتوبر بعد الجولة الأخيرة من رفع التعريفات الامريكية على بطاريات الليثيوم أيون الصينية من 7.5% إلى 25%، أصبحت سيارة «تسلا موديل 3» غير متاحة للبيع في أمريكا، لأنها تستخدم بطاريات من إنتاج الصينية «كاتل».
حلقة الوصل
تشير بعض الدلائل إلى أن نفوذ «ماسك» في إدارة «ترامب» سيمتد إلى علاقات البلاد الخارجية، على سبيل المثال مشاركته في مكالمة هاتفية بين «ترامب» والزعيم الأوكراني «فولوديمير زيلينسكي».
والآن وباعتباره حليفًا رئيسيًا لـ «ترامب»، فيشير بعض الخبراء إلى أن بكين قد تكون قادرة على تحويل «ماسك» إلى حليف مؤثر لها في محاولة إقناع الرئيس الأمريكي المنتخب باتباع نهج تصالحي بشأن التجارة بين البلدين.
ويرى «مايكل دون» مستشار قطاع السيارات الصيني أنه عندما يكون لدى القيادة الصينية رسالة مهمة لنقلها إلى «ترامب»، فمن الواضح أن «إيلون ماسك» سيكون الاختيار الأفضل.
وتوقع «دان إيفز» رئيس أبحاث التكنولوجيا لدى «ويدبوش سكيورتيز» أن «ماسك» قد يستخدم صداقته مع «ترامب» للتفاوض على شروط مفيدة لشركة «تسلا» ومصالحها في الصين، وأضاف أن هذه المفاوضات قد تمتد إلى حد تخفيف الحرب التجارية مع الصين.
وذكر «فيليب هوشوا» المحلل لدى بنك الاستثمار الأمريكي «جيفريز» أن «ماسك» قد يوفر «جسرًا حاسمًا» بين الصين وإدارة «ترامب».
لكن حذرت «ياكيو وانج» مديرة الأبحاث الخاصة بالصين لدى مجموعة «فريدوم هاوس» من أن بكين أصبحت ماهرة للغاية في التلاعب بقادة الأعمال الأجانب، وأضافت أن «ماسك» يمكن أن يمثل فرصة للحزب الشيوعي الصيني للتأثير على سياسة «ترامب» تجاه الصين.
لكن يظل التساؤل الرئيسي، هل ستلجأ الصين حقًا لاستخدام «تسلا» أو «ماسك» كوسيلة ضغط عند التفاوض مع «ترامب» بشأن التعريفات الجمركية وتحقيق أهدافها التجارية، أم ستلجأ لفرض قيود تجارية؟
المصادر: أرقام – نيويورك تايمز – الجارديان – فاينانشال تايمز

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى