ما الإنفاق الانتقامي؟ ولماذا يزدهر بعد الأزمات الاقتصادية؟
– يُقصد بالإنفاق الانتقامي، أو ما يُعرف بالشراء الانتقامي، ذلك السلوك الاقتصادي المتمثل في زيادة الإنفاق الاستهلاكي بشكل ملحوظ عقب أزمة اقتصادية حادة، مثل جائحة كورونا.
– ويعود سبب هذا السلوك إلى رغبة المستهلكين في تعويض ما فاتهم من استهلاك خلال فترة القيود والتحديات الاقتصادية.
ما هي آلية الإنفاق الانتقامي؟
– تتضح آلية الإنفاق الانتقامي في شكل دورة اقتصادية واضحة المعالم، تتمثل في الآتي:
1- التوقف عن الإنفاق: يدفع أي حدث اقتصادي سلبي المستهلكين إلى تقليص نفقاتهم أو التوقف عن الإنفاق تمامًا.
2- الادخار القسري: مع تراجع الإنفاق، يرتفع معدل الادخار لدى الأسر.
3- الإنفاق التعويضي: يسارع المستهلكون فور انتهاء الأزمة الاقتصادية إلى إنفاق مدخراتهم لتعويض ما فاتهم، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات.
مثال توضيحي
– لنفترض أن جون كان يُنفق 5000 دولار سنويًا على السفر، ولكن جائحة عام 2020 حالت دون ذلك. فلو لم يوجه هذا المبلغ إلى مصارف أخرى، لكان من المتوقع زيادة مدخراته.
– لكن مع عودة السفر في عام 2021، قد يندفع جون إلى الإنفاق بشكل مبالغ فيه، متجاوزًا ميزانيته المعتادة، رغبة منه في تعويض ما فاته من تجارب السفر التي افتقدها.
الإنفاق الانتقامي في الواقع: تجربة الصين
– في صيف عام 2020، ومع تخفيف قيود الإغلاق في الصين، شهدت الأسواق انتعاشًا كبيرًا بفضل الإنفاق الانتقامي، لا سيما في قطاع السلع الفاخرة.
1- ارتفعت مبيعات شركة تيفاني آند كو لسلع الرفاهية بنسبة 30% في أبريل و90% في مايو 2020 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
2- كما أعلنت شركة بربري عن نمو مبيعاتها من الملابس والإكسسوارات، متجاوزة مستويات العام السابق.
فوائد الإنفاق الانتقامي ومخاطره
– رغم أن الإنفاق الانتقامي يساهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز رضا المستهلك على المدى القصير، إلا أنه قد يشكل خطرًا إذا تجاوز حدوده الطبيعية. فقد يؤدي إلى استنزاف المدخرات الشخصية وترك المستهلك في مواجهة مشاكل مالية طويلة الأمد.
أثر الإنفاق الانتقامي على الاقتصاد الكلي
– يساهم الإنفاق الانتقامي في دفع عجلة النمو الاقتصادي من خلال:
– زيادة الطلب المحلي: يعزز ارتفاع الإنفاق الطلب على السلع والخدمات، مما ينعش القطاعات المختلفة.
– تحفيز الإنتاج: تدفع زيادة الطلب الشركات إلى زيادة الإنتاج وتوظيف المزيد من العمالة لتلبية احتياجات السوق.
– التأثير على التضخم: قد يؤدي الإنفاق المفرط إلى زيادة معدلات التضخم نتيجة للطلب المرتفع على السلع والخدمات مقارنة بالعرض المتاح.
دور الحكومات والمؤسسات المالية
– تلعب الحكومات والمؤسسات المالية دورًا مهمًا في مراقبة وضبط الإنفاق الانتقامي للحفاظ على استقرار الاقتصاد. يمكن تحقيق ذلك من خلال:
– تشجيع ممارسات الادخار المسؤول: توفير برامج توعية مالية للمستهلكين حول أهمية التوازن بين الإنفاق والادخار.
– تحفيز الاستثمار: تقديم حوافز تشجع الأفراد والشركات على توجيه أموالهم نحو الاستثمارات المنتجة بدلاً من الإنفاق الاستهلاكي المفرط.
– مراقبة التضخم: استخدام أدوات السياسة النقدية مثل أسعار الفائدة للتحكم في التضخم الناتج عن الإنفاق الانتقامي.
التوازن بين التعويض والاستدامة المالية
– من المهم للمستهلكين تحقيق التوازن بين تعويض ما فاتهم أثناء الأزمات وبين الحفاظ على استدامتهم المالية. يمكن اتباع بعض الخطوات لتحقيق ذلك:
– وضع ميزانية محددة: تخصيص جزء من المدخرات للإنفاق الانتقامي دون استنزاف كامل المدخرات.
– التفكير في الأولويات: التركيز في الإنفاق على الأشياء التي توفر قيمة حقيقية وتجارب مُرضية.
– التخطيط المالي طويل الأمد: التأكد من أن القرارات المالية تعزز الاستقرار على المدى الطويل بدلاً من الإنفاق اللحظي غير المخطط له.
ختامًا:
– الإنفاق الانتقامي هو رد فعل اقتصادي طبيعي على فترات الأزمات والحرمان، وهو مؤشر إيجابي على تعافي الاقتصاد وعودة النشاط الاستهلاكي.
– ومع ذلك، يجب أن يتم بحذر وبتخطيط مسبق لضمان تحقيق التوازن بين تعويض التجارب التي يفتقدها المرء والمحافظة على الاستقرار المالي الشخصي والاقتصادي.
المصدر: معهد تمويل الشركات