اقتصاد دولي

هل تستمر الارتفاعات التاريخية للدولار أمام الجنيه المصري؟

شهدت أسعار صرف الدولار قفزات متتالية أمام الجنيه المصري منذ بداية نوفمبر الماضي، وارتفعت العملة الأميركية بنحو 3%، بما يعادل 1.5 جنيه، وسجلت أعلى مستوى لها عند 50.56 جنيه للبيع بنهاية أمس، مقابل 49.05 جنيه للبيع بداية نوفمبر الماضي، وفقا لأسعار البنك المركزي المصري.

وأثارت الزيادات المتلاحقة في سعر الدولار بمصر تساؤلات عن احتمالية استمرار ارتفاع سعر العملة الأميركية في الفترة المقبلة، وإلى أي مستوى متوقع يصل سعرها مقابل الجنيه المصري.

واتفق محللون وخبراء اقتصاد على أن الزيادة في سعر الدولار الأسابيع الماضية مؤقتة ومدفوعة بمعدلات الطلب المتزايدة من جانب جهات متعددة، متوقعين تداوله الأسابيع القليلة المقبلة بين 52 جنيها و55 جنيها للبيع بحد أقصى.

وذكرت مصادر لـ”العربية Business” أن مصر تتبع سياسة سعر الصرف المرن وزيادة الطلب في بعض الفترات على العملة الأميركية لسداد التزامات أجنبية أو تلبية طلبات استيراد قد يضغط على سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية.

واتخذت مصر حزمة إجراءات اقتصادية في مارس الماضي أبرزها تحريك سعر صرف الجنيه، ليتراجع بنحو 40% ويسجل 50 جنيها للدولار.

ضغوط الطلب ترفع سعر العملة

وترى محلل الاقتصاد الكلي، منى بدير، أن الزيادة في سعر صرف العملة الأميركية مقابل الجنيه مؤقتة، وقد تدفع بسعر الدولار إلى 52 جنيها أو تجاوزها بقليل حتى نهاية العام الحالي.

وأوضحت أن هناك عدة أسباب تضغط على سعر صرف العملة، وترفع الطلب عليها، أبرزها إغلاق العديد من المستثمرين الأجانب لمراكزهم المالية مع نهاية العام الحالي، وبالتالي خروج بعض الاستثمارات من أدوات الدين الحكومي.

 

وأشارت إلى أن توقعات التضخم تضغط أيضا على سعر الصرف العملة الأميركية وتعزز ارتفاعها منذ بداية نوفمبر الماضي.

ومن جانبه توقع محلل اقتصاد كلي بأحد بنوك الاستثمار، فضل عدم ذكر اسمه، استمرار ارتفاع سعر الدولار حتى منتصف يناير المقبل ليتداول في حدود 55 جنيها.

وعزى المحلل توقعاته باستمرار ارتفاع الدولار إلى ضغوط الطلب المتزايدة سواء بسبب سداد مستحقات بعض شركات البترول أو خروج بعض الأجانب وصناديق الاستثمار من سوق الدين الحكومية، بهدف جنى الأرباح.

وتستعد مصر لسداد مدفوعات دين مستحقة بنحو 33.4 مليار دولار خلال العام المالي الجاري الذي ينتهي في يونيو المقبل بعد أن سددت نحو 32.9 مليار دولار العام المالي الماضي، بحسب بيانات تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري.

وأشار مسؤول مصرفي إلى أن تسعير الدولار حاليا، هو انعكاس مباشر لمعدلات الطلب في السوق، متوقعا استمرار ارتفاع الدولار بين 52 جنيها و55 جنيها حتى انتهاء فترة أعياد رأس السنة.

وأشار إلى أن الطلب الكبير على الاستيراد منذ منتصف أكتوبر الماضي، وسداد بعض الالتزامات الخارجية ساهما في ارتفاع سعر الدولار.

“ثقافة استقرار وثبات سعر الصرف عند معدل معتاد كلفت الاقتصاد خسائر كبيرة، ولابد من التكيف مع مرونة التسعير الخاضعة للعرض والطلب”، وفقا للمسؤول.

وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي في تصريحات منذ أيام إن سعر صرف الجنيه قد يشهد ارتفاعاً أو انخفاضاً في نطاق 5% في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن تثبيت سعر الصرف أدى إلى تراجع الجنيه المصري بنحو 40% أمام الدولار منذ تعويم مارس الماضي.

التوترات الجيوسياسية تعزز الزيادة

وقالت الخبيرة المصرفية بشؤون الخزانة وإدارة الأموال، زينب هاشم، إن تزايد التوترات الجيوسياسية في المنطقة والاضطرابات التي شهدتها سوريا الأيام القليلة الماضية، عززت الضغوط على العملة الأميركية، وبالتالي ارتفاع الأسعار.

وأكدت هاشم على أن ارتفاع سعر الدولار حاليا مرتبط بتزايد الطلب على العملة، موضحة أن الاضطرابات السياسية الحالية تُربك المستثمرين في الأسواق الناشئة وتعيد رسم بعض الاستثمارات من جديد، وهو ما يؤثر بالتالي على تسعير العملة.

واتفقت معها محللة الاقتصاد الكلي، منى بدير في أن الضغوط التي تسببها التوترات الجيوسياسية على سعر العملة، وتوقعات معدلات التضخم أيضا دفعت أسعار الدولار للارتفاع.

وأكدت على أن جميع العملات في مختلف الدول تتأثر بالتوترات والأحداث الجيوسياسية، وليس الجنيه المصري فقط، لذا فإن التقلبات في السعر حاليا نتيجة طبيعية لعوامل الطلب من جه والتوترات من جانب آخر.

فيما رجح المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، محمود نجلة، وجود مستحقات حان وقت سدادها أدت إلى ارتفاع الدولار، مؤكدا على أن سعر العملة يُعامل كباقي السلع أي مرتبط بالعرض والطلب.

توقعات بتراجع سعر الدولار بداية العام

وتوقعت منى بدير تراجع الضغوط على العملة الأميركية مع بداية العام المقبل، بسبب دخول بعض التدفقات المرتقبة، سواء من الطروحات أو تدفق بعض الاستثمارات العربية.

أضافت أنه من المرجح تراجع سعر الدولار نسبيا أو استقراره خلال يناير وفبراير المقبلين، وذلك بالتزامن مع ترقب تراجع معدلات التضخم بداية من قراءة شهر ديسمبر الحالي.

وكذلك توقعت زينب هاشم تراجع أسعار الدولار مقابل الجنيه مرة أخري مع بداية العام المقبل، مع عودة بعض المستثمرين لسوق الدين، وهدوء الطلب المتزايد على العملة، بخلاف توقعات دخول بعض التدفقات الاستثمارية لمصر.

وقال مسؤول خزانة بأحد البنوك “رغم ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه حاليا إلا أنه مازال عند المعدلات المنطقية”، متوقعا تراجعه مرة أخرى لمستوى 50 جنيها مع هدوء الطلب وعودة المستثمرين الأجانب لسوق الدين الحكومية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى