مع تحرير الصناعة من القيود .. هل بإمكان ترامب زيادة إنتاج أمريكا من النفط؟
«أتعهد لشعب أمريكا العظيم، سأنهي أزمة التضخم على الفور، وسأخفض الفائدة، وتكلفة الطاقة»، هذا ما صرح به «دونالد ترامب» خلال حملته الانتخابية، مضيفًا: زيادة الإنتاج المحلي من النفط والغاز من شأنها أن تؤدي لانخفاض واسع النطاق في الأسعار، وأضاف: سنفعل ذلك بمستويات لم يرها أحد من قبل.
كما يعتزم الرئيس الأمريكي المنتخب توقيع أوامر تنفيذية تتعلق بقطاع الطاقة عند توليه منصبه في العشرين من يناير، ذلك حسب تصريحه لشبكة «إن بي سي نيوز».
وأطلق على النفط اسم «الذهب السائل»، ويرى أن النفط والغاز الطبيعي إلى جانب المعادن مثل الليثيوم والنحاس يجب استغلالها إلى أقصى حد ممكن، وأوضح قائلاً: سنقوم بحفر آبار جديدة وتوسيع كافة أشكال إنتاج الطاقة لتنمية اقتصادنا وإضافة وظائف جديدة ذات رواتب جيدة.
ومن المرجح أن يحرر «ترامب» الصناعة من القيود التنظيمية الأكثر صرامة التي شوهدت في عهد «بايدن»، كما فعل عندما تولى منصبه بعد رئاسة «باراك أوباما» في عام 2017.
إنتاج النفط الأمريكي
بلغ متوسط إنتاج النفط الخام 12.9 مليون برميل يوميًا في عام 2023، متجاوزًا الرقم القياسي السابق البالغ 12.3 مليون في عام 2019، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
كما لعبت صادرات الغاز الأمريكية إلى أوروبا دورًا حاسمًا في إمداد القارة مع تحركها لتقليل اعتمادها على الشحنات الروسية بعد غزو موسكو لأوكرانيا في عام 2022 وأمضت إدارة «بايدن» أربع سنوات في تقديم مليارات الدولارات في الدعم الفيدرالي لصناعة الطاقة النظيفة، كجزء من الجهود المبذولة لخفض انبعاثات الكربون في الولايات المتحدة، والمساعدة في الحد من الآثار الأكثر كارثية لتغير المناخ.
لكن يرفض «ترامب» تغير المناخ باعتباره خدعة، وبالتالي فإن الطاقة النظيفة أو الطاقة الخضراء الحيوية لمعالجة تغير المناخ لن تكون أولوية للإدارة.
تغييرات جذرية:- يعمل فريق انتقال السلطة الخاص بـ «ترامب» على إعداد حزمة طاقة واسعة النطاق لطرحها في غضون أيام من توليه منصبه من شأنها الموافقة على تصاريح التصدير لمشاريع الغاز الطبيعي المسال الجديدة وزيادة الحفر قبالة السواحل والأراضي الفيدرالية، وذلك حسب تقرير حديث نشرته «رويترز».
وأشار التقرير إلى أن الأولوية ستكون لرفع الوقف على إصدار تصاريح التصدير الجديدة للغاز الطبيعي المسال والتحرك سريعًا لوقف التصاريح المعلقة.
وأضاف «ترامب» أن سياسته المتمثلة في الهيمنة على الطاقة والتي تبناها خلال فترة ولايته الأولى، ستسمح للبلاد ببيع النفط والغاز وأشكال أخرى من الطاقة لحلفاء أوروبيين، ما يجعل العالم أكثر أمانًا. وبالتالي فإن سياسات «ترامب» المقترحة إذا تم تنفيذها فإنها ستمثل تراجعًا شبه كامل عن الإجراءات التي انتهجها «بايدن» والذي جعل مكافحة تغير المناخ أولوية قصوى والدفع نحو المزيد من المركبات الكهربائية، وتنظيم أكثر صرامة لتلويث الكربون من محطات الطاقة العاملة بالفحم. وربما يدعو «ترامب» الكونجرس إلى توفير التمويل حتى يتمكن من تجديد الاحتياطي الاستراتيجي للبترول الذي استُنفد في عهد «بايدن» للمساعدة في إدارة ارتفاع الأسعار الناجم عن أزمة أوكرانيا والتضخم المرتفع أثناء الوباء، ما سيساعد في تعزيز الطلب على النفط في الأمد القريب وتشجيع الإنتاج الأمريكي.
وربما يتم إعادة النظر في الاستكشاف على الأراضي الفيدرالية وتكثيف العمل في الخارج، وكذلك المبادرات المتعلقة بخطوط الأنابيب المترابطة في أمريكا الشمالية، بما في ذلك خط أنابيب «كيستون إكس إل».
مجلس الطاقة الوطني:- يخطط «ترامب» لإنشاء مجلس الطاقة الوطني الذي سيتولى الإشراف على مسار الهيمنة الأمريكية على الطاقة من خلال تقليص البيروقراطية، وسيكون عنصرًا أساسيًا في تعهد «ترامب» بالحفر وبيع المزيد من النفط ومصادر الطاقة الأخرى للحلفاء في أوروبا وحول العالم.
وأوضح «ترامب» أن المجلس سيتكون من كافة الإدارات والوكالات المشاركة في الترخيص والإنتاج والتوليد والتوزيع والتنظيم والنقل لقطاع الطاقة الأمريكي.
وأنه سيكون لديه القدرة على تلبية كافة احتياجات البلاد، والفوز في معركة التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو أمر أساسي للأمن القومي وازدهار أمتنا.
وصرح «ترامب» أن المجلس الجديد سيُمنح سلطة شاملة على الوكالات الفيدرالية المشاركة في تصاريح الطاقة والإنتاج والتوليد والتوزيع والتنظيم والنقل، وتعزيز استثمارات القطاع الخاص والتركيز على الابتكار بدلاً من التنظيم غير الضروري تمامًا.
ورشح حاكم ولاية داكوتا الشمالية «دوج بورجوم» وزيرًا للداخلية ورئيسًا للمجلس، وذكر «بورجوم» في بيان أن المجلس سوف يستأنف من جميع الوكالات الفيدرالية المشاركة في التصاريح والإنتاج والتوزيع وتنظيم الطاقة.
ويرى «بورجوم» -البالغ من العمر 68 عامًا- أن الولايات المتحدة بحاجة لتعزيز إنتاج الكهرباء لتلبية الطلب المتزايد من مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي، وأشار إلى أن معركة الذكاء الاصطناعي تؤثر على كل شىء من الدفاع إلى الرعاية الصحية إلى التعليم والإنتاجية، لذا هناك شعور بالإلحاح والشعور بالفهم في إدارة «ترامب» لمعالجته.
كما سيعمل «كريس رايت» المدير التنفيذي لشركة «ليبرتي إنرجي» الذي تم ترشيحه لمنصب وزير الطاقة في المجلس أيضًا.
ويرى «كيفن بوك» المدير الإداري لشركة الأبحاث «كلير فيو إنرجي» أن اختيار «ترامب» لكل من «بورجوم» و»رايت» يشير إلى أن الإدارة تنوي خفض التنظيم بصورة عميقة.
أمنيات للصناعة:- قدم معهد البترول الأمريكي لـ «ترامب» قائمة أمنيات سياسية للصناعة بما في ذلك العديد من الأشياء التي وعد الرئيس المنتخب بفعلها، مثل إلغاء الحوافز لإنتاج وشراء المركبات الكهربائية.
إلى جانب إعادة الموافقة على التصاريح لصادرات الغاز الطبيعي المسال، وفتح المزيد من الأراضي للحفر بحثًا عن النفط، وإلغاء تخفيف القيود البيئية.
وصرح رئيس معهد البترول الأمريكي «مايك سومرز» بأن المجلس الجديد يجب أن يركز على التأكد من توافر البنية التحتية والإنتاج الكافيين لحماية أمن الطاقة في الولايات المتحدة على مدى السنوات الخمس والعشرين المقبلة.
ترامب لا يمكنه فعل الكثير:- قد تجعل هذه التغييرات من الأسهل والأرخص حفر النفط وبالتالي أكثر ربحية، لكنها لن تتضمن زيادة هائلة في الإنتاج وخاصة وأن إنتاج الولايات المتحدة مرتفع بالفعل لمستويات تاريخية، إلى جانب أن الطلب العالمي على النفط ليس مزدهرًا.
كما أن مجموعة «أوبك+» أجلت خططها لزيادة الإنتاج، لأن العالم لا يحتاج للمزيد من النفط في الوقت الحالي.
لكن رحب مسؤولي القطاع بعودة «ترامب»، منهم «هارولد هام» المدير التنفيذي لشركة «كونتننتال ريسورسز» المنتجة للنفط الصخري الذي صرح بأن نتيجة الانتخابات الرئاسية تعتبر «فوزًا هائلاً للطاقة الأمريكية».
يرى «بوب ماكنالي» الذي عمل مستشارًا للطاقة للرئيس «جورج دبليو بوش» أن المزيد من عقود الإيجار لتطوير الإنتاج قد تزيد الإمدادات على المدى المتوسط إلى الطويل، لكن قرارات الاستثمار في النهاية تعتمد على أساسيات العرض والطلب في السوق.
وذكر «ماكنالي» -وهو مؤسس ورئيس مجموعة «رابيدان» للطاقة- أن الرؤساء قد يعرقلون الإنتاج من خلال اتخاذ قرارات سياسية سيئة، لكن ليس بوسعهم فعل الكثير لزيادة الإنتاج سريعًا.
وأضاف أن مقدار ما يتم استثماره في الإنتاج يعتمد إلى حد كبير على سعر النفط، والذي ليس لأي رئيس سيطرة عليه.
لكن على أية حال، ستحمل إدارة «ترامب» تغييرًا جذريًا في سياسة الطاقة الأمريكية، حتى بصرف النظر عن العواقب على القطاعات منخفضة الانبعاثات الكربونية والتي ستكون محور نبض الطاقة في المستقبل، ما سيكون له آثار كبيرة على صناعة النفط والغاز.
المصادر: سي إن بي سي – رويترز – إيه بي سي نيوز – فوربس – بولتيكو – أسوشيتيد برس – نيويورك تايمز